يتوقع أن يثير مشروع القانون التنظيمي للقانون الأساسي للقضاة الذي أعدته وزارة العدل والحريات خلافا قويا بين القضاة والحكومة، بسبب ما اعتبره نادي قضاة المغرب تقييدا لحرية القضاة في ممارسة حقوقهم وبالسقف الذي جاء به دستور 2011. فالمشروع الذي يتوقع أن يكون محورا أساسيا في دورة للمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب المرتقبة بداية الشهر المقبل في أكادير، يشترط في مادته 105 على الراغبين في تأسيس جمعيات مهنية داخل الجسم القضائي توفر نصاب 300 قاض موزعين على 15 محكمة استئناف على الأقل، بكل محكمة استئناف 5 قضاة بينهم امرأة قاضية. وهو المقتضى الذي علّق عليه ياسين مخلي، رئيس النادي، بأنه «تراجع خطير عن سقف الحريات التي جاء بها دستور 2011»، ويتنافى مع المقتضيات القانونية والصكوك الدولية ذات العلاقة. ورفع المشروع (المادة 52) سنّ التقاعد بالنسبة إلى القضاة إلى 64 سنة، يمكن تمديدها لمدة أقصاها سنتين، قابلة للتجديد مرة واحدة. لكن المادة نفسها تستثني كل من الرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام للملك من هذا المقتضى، إذ تؤكد أن كليهما يستمر في أداء مهامه إلى حين صدور ظهير شريف بإنهاء مهامهما. ويطالب نادي قضاة المغرب ب»معايير واضحة ومحددة في عملية التمديد بما يجعل سنّ التقاعد لكل القضاة محددة». وتضمن مشروع القانون الذي يوجد في صيغته النهائية تقريبا لدى الأمانة العامة للحكومة مقترحات جديدة بخصوص الولوج إلى مهنة القضاء، بحيث اشترط في (المادة 16) على المرشحين أن يكونون حاصلين على شهادة الماستر في العلوم القانونية أو الشريعة الإسلامية، أو شهادة تفوق الماستر، ويمكن للرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن يفتح المباراة في تخصصات محددة إذا دعت الحاجة إلى ذلك. كما رفع مدة التكوين من سنتين حاليا إلى ثلاث سنوات. وأحدث مشروع القانون (المادة 31) وضعا جديدا للقضاة، أطلق عليه «القاضي النائب»، يُعينون في هذا المنصب بعد تخرجهم من المعهد، ويمارسون مهامهم كقضاة للأحكام أو النيابة العامة. لكنهم لا يُرسّمون إلا بمقرر للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على ضوء تقارير تقييم الأداء ينجزها رؤساؤهم، وذلك بعد قضاء سنتين من العمل بالمحاكم، قابلة للتمديد سنة واحدة. أما القضاة النواب غير المرسمين مباشرة، فيمكن تعيينهم منتدبين قضائيين أو يرجعون إلى سلكهم الأصلي. وانتقد مخلي هذا المقتضى، لأنه «يطرح وضعا غير طبيعي»، ولأنه يمنح السلطة المطلقة لرؤساء المحاكم في تقييم القضاة النواب، في «غياب ضمانات كافية للاستقلالية». إذ التقييم يمكن أن يكون بناء على اعتبارات أخرى غير مرتبطة بحسن الأداء لهذا القاضي أو ذاك. وبخصوص نظام الترقية تضمن مشروع القانون إجراءات جديدة، ففي المادة 40 نصّ على أن الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يهيئ لائحة الأهلية للترقي برسم السنة الجارية، ينشرها وجوبا على الموقع الإلكتروني للمجلس وبالمحاكم قبل متم شهر يناير من كل سنة، ويمكن للقضاة أن يتقدموا داخل أجل خمسة أيام من تاريخ النشر بطلبات تصحيح اللائحة، ويبت الأمين العام بدوره في تلك الطلبات داخل أجل 5 أيام، تكون قراراته معللة، ويمكن الطعن فيها من طرف القضاة أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض خلال أجل خمسة أيام كذلك.