حالة استنفار أمني قصوى عاشها الحي الجامعي بمراكش، مساء يوم الجمعة المنصرم، بسبب قيام بعض الطلبة الانفصاليين برفع علم البوليساريو ببناية المؤسسة التابعة لجامعة القاضي عيّاض، والواقعة بمنطقة الحي المحمدي (الداوديات). وبعد أن شهد محيط الحي الجامعي إنزالا أمنيا مكثفا، حاول بعض الطلبة المحسوبين على ما بات يُعرف ب»انفصاليي الداخل»، منع رجال الأمن من إزالة العلم، غير أن تعليمات المسؤولين الأمنيين بعدم الدخول في مواجهة مع الطلبة الانفصاليين، حالت دون وقوع اصطدامات، قبل أن يتمكن الأمن من إزالة العلم، ويحبط مخطط الطلبة الانفصاليين ومن يقف وراءهم. يحدث هذا في الوقت الذي أحيل فيه ملف المواجهات الداميّة بين طلبة صحراويين وآخرين من قلعة السراغنة على غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش، وهي المواجهات التي وقعت بالحي الجامعي بمراكش، ليلة الأربعاء 14 يناير المنصرم، وأسفرت عن إصابة 5 طلبة بجروح متفاوتة الخطورة، وهو الملف الذي يُتابع فيه، في حالة اعتقال، عشرة طلاب ينتمون إلى «الفصيل الطلابي الصحراوي»، وأربعة طلبة ينتسبون إلى لجنة «طلبة إقليمقلعة السراغنة، بالإضافة إلى متهم آخر ينحدر من مدينة الداخلة ولا علاقة له بالجسم الطلابي. فقد أنهى مولاي إسماعيل احتيتش، قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها، الاستنطاق التفصيلي للمتهمين الخمسة عشر، قبل أن يقرّر متابعة ثمانية منهم بجنح تتعلق ب»إتلاف ممتلكات عامة وخاصة، العصيان، والمساهمة في مشاجرة نتج عنها ضرب وجرح». كما تُوبع متهمان ب»السكر العلني»، بالإضافة إلى الجنح السابقة. وتمّت متابعة خمسة متهمين بجناية «القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد»، وبالجنح الثلاث المذكورة. وتعد المواجهات الأخيرة بين الطلبة السراغنة والصحراويين الثالثة من نوعها في أقل من سنتين. فقد سبق للطلبة المنتمين إلى «لجنة إقليمقلعة السراغنة» أن دخلوا في مواجهات عنيفة مع الطلبة الصحراويين الانفصاليين، حين تعرّض طالب ينحدر من عاصمة تساوت الخضراء لطعنة بواسطة آلة حادة من طرف طالب صحراوي، فكان الحادث الشرارة التي فجّرت نزاعا داميا حوّل حرم الحي الجامعي إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين الطلبة الصحراويين، الذين استنفروا المنتمين إليهم من مدن الرباط وأكَادير، والطلبة الداخليين، خاصة من إقليمقلعة السراغنة، ما أسفر عن إصابة 32 طالبا بجروح متفاوتة الخطورة. وإذا كان الطلبة الصحراويون يتحدثون عن تعرضهم لما يعتبرونه «حملة اعتداء وتعنيف»، بسبب مواقفهم السياسية، فإن معظم الفصائل الطلابية تستنكر عدم تمييز بعض الطلبة المنحدرين من الأقاليم الصحراوية المغربية بين الحق في التعبير عن آرائهم بحرية، وبين أساليب «البلطجة والتشرميل»، التي ينهجها المؤيدون منهم لأطروحات الانفصاليين، والذين يقومون باستفزاز المشاعر الوطنية لباقي المغاربة، ويعتدون باستمرار على الطلبة الآخرين وينهبون المحلات التجارية المجاورة للحي الجامعي، فضلا عن عدم اعترافهم بالنقابة الطلابية العريقة، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وانخراطهم في إطار نقابي مستقل خاص بهم.