بعد إقدام السلطات المحلية بالناظور خلال الشهر المنصرم، على تنفيذ أكثر من عملية لإخلاء المهاجرين غير النظاميين المنحدرين من دول جنوب الصحراء من غابات الإقليم، خاصة غابة «غوروغو»، التي كان ينشط فيها حوالي 2000 مهاجر، وهو الإجراء الذي جاء ساعات بعد تصريحات للوزير المنتدب في الداخلية، الذي أكد أن الدولة عازمة على تفكيك هذه المخيمات بالنظر إلى الاستغلال الذي يتعرض له المهاجرون داخلها من طرف شبكات التهجير. بعد مضي أكثر من شهر على عمليات الترحيل، يطرح السؤال التالي: ما الذي تغيّر في ملف الهجرة بعد إخلاء المهاجرين من غابات الناظور المتاخمة لمليلية؟ العودة المحتومة! بعدما جمعت السلطات بمدينة الناظور المئات من المهاجرين في مركز الاصطياف بقرية «اركمان» غير البعيد عن مدينة الناظور، قامت بنقلهم عبر عدة حافلات نحو مدن مغربية مختلفة، لكن سرعان ما سيعود عدد منهم، فيما آخرون سيصلون إلى المدينة وفق أكثر من مصدر تباعا. عادل أكيد، الناشط الحقوقي بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وأحد المتابعين لملف الهجرة بالناظور، يؤكد بأن عددا كبيرا من المهاجرين ممن قامت السلطات بترحيلهم صوب المدن الداخلية، قد عادوا إلى ضواحي الناظور، وبدل مخيم «غوروغو»، الذي لم يعد ملائما للإقامة، فإن مجموعات منهم استقرت بمنطقة «بولينكر» و»خميس أقديم». وتوقع المتحدث نفسه أن تستقبل الناظور المزيد من المهاجرين، بالنظر إلى أن حلم اقتحام مليلية «يعتبر حلما لا يمكن أن يحيد عنه المهاجرون»، مشيرا إلى أن المهاجرين، الذين التقى بهم، يبدون إصرارا غير مسبوق على اقتحام المدينةالمحتلة بكل الطرق والوسائل. وإذا كان هذا حال العديد من المهاجرين الذين رحّلتهم السلطات، فإن أعدادا مهمة من المهاجرين وأثناء حملات التمشيط التي عاشتها الناظور، غادروا في اتجاه وجدة للتحصن فيها إلى غاية جلاء «سحابة الصيف» هذه. «العديد من المهاجرين غادروا في اتجاه وجدة خاصة الرجال منهم، واليوم يعودون وإن في مجموعات صغيرة إلى الناظور»، يقول شكيب سبايبي، الناشط في مجال الهجرة، قبل أن يضيف: «هؤلاء ممن أُفلتوا من قبضة القوات العمومية، قصدوا وجدة لأنها الأقرب، ولأنها لم تعرف عمليات إخلاء كالتي شهدتها الناظور، ولأن أعدادا مهمة من المهاجرين حصلوا على بطائق الإقامة ويستقرون في منازل يمكن أن تكون ملاذا آمنا لزملائهم الفارين من الناظور». السياج هو الحل! بعد مرور عدة أيام من عملية إخلاء المهاجرين، نفذ مجموعة منهم محاولات للوصول إلى مليلية المحتلة انطلاقا من سواحل الناظور مستعملين في ذلك القوارب، ورغم أن عدد هذه العمليات يبقى غير معروف بدقة، إلا أن التقديرات تشير إلى أربع محاولات في ظرف شهر، كما أن آخرين اختاروا الاتصال بأشخاص وشبكات تنشُطُ في تهريب المهاجرين بين بني انصار ومليلية المحتلة، إذ أحبطت قوات الأمن، سواء الإسبانية أو المغربية عدة محاولات لمهاجرين حاولوا العبور بالاختباء في هياكل السيارات. هذا، ورغم إمكانية النفاذ إلى المدينةالمحتلة بهذه الطريقة، إلا أن عادل أكيد يوضح أن هذه الطريقة مكلفة من الناحية المادية، وبالتالي، فالذين يتمكنون من دخول مليلية بهذا الأسلوب هم فئة قليلة ومحظوظة، فيما غالبية المهاجرين ليس أمامهم من خيار سوى اقتحام السياج كلما سنحت الفرصة بذلك، إلى غاية أن يتحقق حلم حجز مكان في مركز الإقامة المؤقتة للمهاجرين، أو وضع طلب لدى مركز اللجوء. وما يؤكد أن هذه الطريقة هي الحل الذي يميل إليه غالبية المهاجرين، هو إحياء عمليات الاقتحام بشكل فعلي، إذ بعد شهر تقريبا من عملية الإخلاء، وبعدما اعتقد الجميع أن «شوكتهم» انكسرت، نفّذ حوالي 70 من المهاجرين عملية اقتحام لسياج المدينة تمكن على إثره 5 منهم من دخول المدينةالمحتلة. مركز طلب اللجوء يوم الثلاثاء 18 مارس الجاري افتتح وزير داخلية إسبانيا بمدينة مليلية المحتلة مركزا لطالبي للجوء، بعدما افتتح واحدا مثله قبل ذلك بيوم بسبتةالمحتلة. المركز الذي شيد وفق برنامج تعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، سيمكن هؤلاء من تقديم طلبات الحصول على صفة لاجئ بالمدينةالمحتلة. هذا المركز برأي مصدر مطلع رفض الكشف عن هويته سيزيد من رغبة المهاجرين الدخول إلى المدينةالمحتلة، خاصة المنحدرين منهم من دول تشهد نزاعات مسلحة بسبب الصراع حول السلطة، فالمركز على حد تعبير المصدر نفسه، سيمنح وضعية أفضل بكثير للإقامة المؤقتة بمركز المهاجرين الذي يعيش أوضاعا «مأساوية»، ولم يستبعد المصدر نفسه أن يكون المركز المذكور محاولة من إسبانيا والاتحاد الأوروبي لتحفيز المغرب على إنشاء مراكز لاستقبال اللاجئين على التراب الوطني. وجهة نظر يعتقد الناشط أكيد أنها تتسم بالكثير من الواقعية «إذ راجت أخبار في وقت سابق بأن الاتحاد الأوروبي يضغط بقوة ليشيد المغرب مراكز لاستقبال اللاجئين، وقد يكون تشييد مركزين في سبتة ومليلية بداية لتشمل هذه المراكز عددا من المدن المغربية.