أياما قليلة بعد صدور التقرير السنوي الجديد للأمم المتحدة حول المخدّرات، وتأكيد المنظمة الأممية احتفاظ المغرب بريادته العالمية في مجال إنتاج وتصدير القنّب الهندي، كشفت المملكة عن موقفها الرسمي أمام الدورة 58 للجنة مكافحة المخدرات التابعة لمكتب الأممالمتحدة ضد المخدرات والجريمة؛ حيث حمّل السفير المغربي لدى النمسا والمعتمد لدى هذه الهيئة الأممية، الدول التي لا تُجرّم القنّب الهندي مسؤولية المساهمة في استمرار الطلب على هذه المادة وعدم تقديم المساعدة الضرورية للحدّ منها. السفير علي المحمدي قال، أول أمس في فيينا، إن عدم تجريم بعض الدول للقنب الهندي، يعود إلى «تساهل غير محمود العواقب من بعض الدول في مجال شديد الحساسية، ما يمكن أن يؤدي إلى نتائج ذات تأثيرات غير متوقعة على النقيض من الأهداف المتوخاة». فيما تقول الإحصائيات الأممية الأخيرة إن المغرب ينتج حوالي 30 ألف طن من القنب الهندي، أي ما يعادل 40 في المائة من مجموع الكميات العالمية، فيما يعود 72 في المائة من الحشيش الذي تتم مصادرته في العالم إلى أصل مغربي. كلمة المغرب التي ألقتها البعثة الدائمة للمغرب لدى المنظمات الدولية في فيينا وحصلت «اليوم24» على نسخة منها، حمّلت ضمنيا دول الجوار جزءا من مسؤولية استمرار أنشطة الاتجار الدولي في المخدرات، بسبب ضعف تعاونها الأمني والاستخباراتي في هذا المجال. المحمدي اعتبر أن هذا التعاون «يعد ضروريا اليوم أكثر من أي وقت مضى، ولاسيما في مجال التعاون القضائي، وتسليم المجرمين، والاستخبارات من أجل التمكن من عرقلة شبكات التهريب التي تتوفر على وسائل لوجيستية متطورة». وقدّم الدبلوماسي المغربي حصيلة الحرب المغربية ضد المخدّرات في العام 2014، حيث تحدّث عن «مصادرة ما لا يقل عن 155 طنا من زيت القنب الهندي، و221 طنا من أعشاب القنب الهندي، و632 كيلوغراما من الكوكايين، و3ر7 كيلوغرام من الهيروين، وأزيد من 300 ألف وحدة من الحبوب المهلوسة». وبعد تذكيره بكون الجهود الاستثنائية للمغرب المبذولة منذ 2003 أفضت إلى تقليص المساحات المزروعة بنبتة القنب الهندي بنسبة 65 في المائة، كشفت الدبلوماسية المغربي عمّا قال إنه كلفة مادية لهذه الحرب المعلنة ضد هذه النبتة، وقال إن العملية كلّفت المغرب حتى الآن ما يعادل 120 مليون دولار، لدعم الجماعات القروية التي يتم استئصال هذه الزراعة فيها، أي ما يقارب 120 مليار سنتيم. واشتكى المسؤول المغربي الذي كان مرفوقا بممثلين لكل من وزارتي الداخلية والعدل، من السياق الإقليمي غير الملائم، حيث قال إن الطابع العابر للحدود والمتنامي للظاهرة وكذا تدهور الوضعية الأمنية بدول الساحل والصحراء، يجعل الحاجة ملحة إلى تبني مقاربات متزامنة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، تأخذ بالاعتبار طرق الاشتغال الجديدة لتجار المخدرات. ودعا المسؤول المغربي إلى تعزيز الإطار القانوني المنظم للتعاون الدولي في هذا المجال، «والذي يشمل، من بين أمور أخرى، اتفاقية «باليرمو» حول الجريمة المنظمة العابرة للحدود، والاتفاقيات الثلاث الخاصة بمكافحة المخدرات». تقرير يرصد الوضع العالمي للاتجار في المخدرات قدّم خلال أشغال الدورة، قال إن المغرب «أباد» 5000 هكتار من القنّب الهندي في عام 2013، وأن «المساحة المتبقّية المزروعة بعد هذه الإبادة تبلغ 42 ألف هكتار». فيما أوضحت الوثيقة المغربية المقدّمة في أشغال اللجنة الأممية المستمرة إلى نهاية هذا الأسبوع، أن الإجراءات التي يتخذها المغرب في إطار مخطط محاربة القنب الهندي تشمل «المقاربة الصحية والاجتماعية لمشكل المخدرات، وتعزيز الإطار المعياري، وتقليص المساحات المخصصة لزراعة القنب الهندي في أفق الاستئصال النهائي لها، وإقامة برامج للتنمية البديلة، وكذا إدراج الفاعلين في المجتمع المدني في مخطط التحسيس والحماية».