رابطة المهندسين الاستقلاليين و"كونراد أديناور" الألمانية تنظمان ندوة حول التنقل المستدام    دلالات سيادية لإطلاق الأكاديمية الأفريقية لعلوم الصحة من الداخلة    محمد أمين كاتبا جهويا لنقابة المكتب النقابي الجهوي للمديريات المركزية للمكتب الوطني للمطارات    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    إسرائيل تستأنف قرار توقيف نتانياهو وغالانت    إيلون ماسك يلمح لشراء شبكة إخبارية وصفها سابقًا ب"حثالة الأرض"    تحديد موعد جلسة انتخاب رئيس لبنان    دوري أبطال أوروبا: فوز درامي لآيندهوفن وبنفيكا وإنهيار ريال مدريد أمام ليفربول    بطولة العالم للباراتايكوندو (المنامة 2024): المنتخب المغربي يحرز ست ميداليات منها أربع ذهبيات    المحكمة ترفض إطلاق سراح روبينيو المحكوم بالسجن ل9 سنوات    اتحاد طنجة يلحق الحارس ريان أزواغ بفريق الأمل    رغم توالي النتائج السلبية... إدارة الرجاء البيضاوي تجدد الثقة في المدرب ريكاردو سابينتو    وجدة: توقيف 5 أشخاص عناصر شبكة إجرامية للتهريب الدولي لمعدن الذهب    المرصد المغربي للسجون يحذر من الاكتظاظ وانعكاساته على حقوق السجناء    وفد من مديرية التعاون الدولي لإمارة موناكو يتفقد مشروع التعليم الأولي بمركز التنمية لجهة تانسيفت        رفيق مجعيط يثير تأخير إطلاق الخط الجوي المباشر بين العروي والرباط في سؤال كتابي لوزيرة السياحة    "الشان" ومونديال الأندية يلزمان العصبة على إنهاء مناسات البطولة الاحترافية في متم شهر ماي    نقابة "البيجيدي": مخطط "المغرب الأخضر" فشل في تخفيف غلاء أسعار المواد الأساسية    المجر تؤكد دعمها تعزيز الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي    "الأحرار" ينسحب من اجتماع لهيئة النزاهة بالبرلمان احتجاجا على "اتهام الجميع بالفساد"    الذهب يتراجع بضغط من الدولار وترقب لأسعار الفائدة الأمريكية    اتحاد العمل النسائي يسجل تنامي العنف الرقمي اتجاه النساء    قضية استغرقت 17 سنة.. محكمة النقض تحجز ملف "كازينو السعدي" للمداولة والنطق بالحكم في 18 دجنبر    أمريكا هي الطاعون    دراسة: تلوث الهواء الناجم عن الحرائق يتسبب بوفاة 1,5 مليون شخص في العالم سنويا    أسعار القهوة تسجل أعلى مستوياتها منذ أكثر من 40 عاماً    تقرير ‬حديث ‬لصندوق ‬النقد ‬الدولي ‬يقدم ‬صورة ‬واضحة ‬عن ‬الدين ‬العمومي ‬للمغرب    الذكاء الاصطناعي أصبح يزاحم الصحفيين    أكثر من 130 قتيلا في اشتباكات بسوريا    زيت الزيتون المغربية تغيب عن تصنيف أفضل 100 زيت في العالم    أسرار الطبيعة البرية في أستراليا .. رحلة عبر جبال وصحاري "لارابينتا"    كليفلاند كلينك أبوظبي يحصد لقب أفضل مستشفى للأبحاث في دولة الإمارات للعام الثاني على التوالي    السيتي يستعد للجلسات الختامية من محاكمته    بعد الفيضانات.. الحكومة الإسبانية تدعم فالنسيا ب2.4 مليار دولار لإعادة الإعمار    أسعار اللحوم تفوق القدرة الشرائية للمواطن رغم دعمها من طرف الحكومة    الرئيس الفلسطيني يصدر إعلانا دستوريا لتحديد آلية انتقال السلطة في حال شغور منصبه    كيوسك الخميس | الحكومة تتجه نحو إسناد التجار الصغار مهمة تحويل الأموال    كييف تعلن عن "هجوم مُعادٍ ضخم"    زنيبر: ينبغي القيام بالمزيد لوضع حقوق الإنسان في صميم انشغالات الشركات    أهمية التطعيم ضد الأنفلونزا أثناء الحمل    توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس    ملخص الأيام الأولى للتراث والبيئة للجديدة    مبادرة تستحضر عطاءات محمد زنيبر في عوالم الأدب والتاريخ والسياسة    طنجة تستقبل المسيرة العالمية الثالثة للسلام خلال افتتاح المنتدى الإنساني الدولي السابع    الفقيه بن صالح: ورشات احترافية مختلفة بمهرجان النون الدولي الخامس للمسرح    سكينة بويبلا: إبداع باللونين الأبيض والأسود يروي قصة الفن المغربي بلمسة مدهشة    محمد عدلي يُحيي حفلا غنائيا في الدار البيضاء    كريمة أولحوس وفريد مالكي: تعاون فني عابر للحدود يحيي التراث الفلسطيني    احتفال عالمي بالتراث في الناظور: 3 أيام من الأناقة والثقافة بمشاركة الجالية وإسبانيا    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    حوار مع جني : لقاء !    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يهود العالم يشدون الرحال إلى المغرب
نشر في اليوم 24 يوم 25 - 12 - 2014

أنس رضوان وأمل كنين من ورزازات وتارودانت

يهود مُنتشرون في كُل مكان، أطفال، شباب وكُهول، تُزين رؤوس أغلبهم تلك القبعات الصغيرة المنقوش عليها نجمة سداسية وبعض الحُروف العبرية..
لا حديث هُنا إلا بالعبرية وقليل من الفرنسية أو الإنجليزية. أما العربية، فلا نصيب لهم منها سوى كُليمات رسخت في الأذهان قبل عشرات السنين حينما كان هؤلاء أطفالا يلعبون بين أزقة المغرب، أو حقول بواديه، لكن الدارجة يُتقنونها كما يُتقنون العبرية..
إنهم آلاف اليهود المنحدر أغلبهم من المغرب، يحجون إليه سنويا لإحياء ما يُسمى لديهم ب « الهلولة »، أو « الهيلولة »، وهي حفلات تقام بأضرحة « الأولياء » و « الصالحين » من حاخامات اليهود وربييهم المدفونين بالمغرب منذ مئات السنين، حيث تضاء الشموع وتقدم القرابين، وتقام الصلوات..
قضاء الحاجات...
لكل يهودي وافد على ضريح ولي ربي أو حاخام حاجة يتوسل إليه قضاءها، فهذا يرغب في الصحة والمال، وأخرى ترغب في الزواج أو الأبناء، والجميع يقف واحدا تلو الأخر أمام « موقد » توضع فيه الشموع وببابه يشرع الطالب في « الصلاة » و « الدعاء » بخُشوع مهيب. وغير بعيد منه يقع « مقام الصالح » وهو قبر من الرخام كُتبت عليه جُمل بالعبرية، وعليه يرتمي « الحُجاج » في مشهد يغلب عليه الدموع والتأثر، بعضهم يقرأ من « إصحاح التوراة »، وثلة تستغرق في الطلب والرجاء..
يهودي مغربي في هيلولة أبراهام وزانا
وبعيدا عن ورزازات بحوالي 16 كيلومترا، أقام أحفاد « الربي أبراهام وزانا » حفل الهيلولة بضريحه، وهُناك أوضح الربي المشرف على الحفل ل « اليوم 24 » أن « الهيلولة فُرصة لتجديد العهد ب الأولياء الصالحين المدفونين في المغرب»، مُشيرا أن هُناك العشرات من رجال الدين والأولياء اليهود المغاربة الذين عاشوا ودُفنوا بمختلف مناطق البلاد، ويحج إليهم سنويا اليهود من شتى بقاع الأرض بغرض طلب البركة والمغفرة، إلى جانب التوسل إليه بالدعاء لقضاء مُختلف حوائجهم الدنيوية من عمل ودراسة ومأكل وزواج..».
ومن جهة أخرى، أبدت «دكار أمور»، وهي شابة في العشرين وابنة يهودي ازداد وشب في المغرب، قبل أن يهاجر إلى تل أبيب، ويصطحبها معه أول مرة إلى مسقط رأسه بورزازات، (أبدت) رغبة ملحة في العودة من جديد، وذلك ب « غرض التوسل إلى الصالح ابراهام أن يقضي حوائجها، ويُيسر لها دراستها وزواجها» قالت قبل أن تضيف « لدي يقين في أن الصالح سيستجيب لدعائي، ويُنير دربي لتحقيق مآربي».
ويقوم هؤلاء «الحجاج» اليهود بإشعال الشموع في موقد بالقرب من «مقام» الربي، وهُناك يستغرقون بخُشوع في الدعاء والتبتل، قبل أن يجتمعوا في قاعة مجاورة، حيث يُقام حفل العشاء المصحوب بأغاني معظمها من أصول مغربية، يُغنى بعضها بالدارجة وقليل منها بالعبرية. ويتخلل كل هذا بعض الابتهالات والأدعية بالدارجة المغربية من قبيل «ها هو جا يداوينا»، «"ياربي" RABIN اسمح لينا في اللي فات»، «"ربي" أبراهام يا الوالي، توب علينا وعطينا الصحة، ها حنا جينا يا الوالي لعزيز»، «عيط الله تصيب الله»؛ وأخرى بالعبرية تقول في ما معناه « يا "ربي" يسر أمورنا.. نحن وإسرائيل إخوانا».
تجديد عهد..
ويُعتبر الحج إلى مواسم « الهيلولة » فرصة لتجديد العهد مع « ذكريات الصبا »، تقول كريستين ذات الثمانين سنة. المقيمة بإسرائيل، والتي التقاها « اليوم 24 » بهيلولة الربي « دافيد بن باروخ » المدفون نواحي تارودانت، إذ أوضحت أنها « تحرص على زيارة قبر هذا الربي كُلما أقيمت هيلولته »، مردفة بالقول « آتي للمغرب سنويا لزيارة هذا الصالح والدعاء بالمغفرة والسلام للعالم أجمع، كما أستغل الفرصة لتجديد العهد مع العائلة والأصدقاء هُنا بالمغرب، وخُصوصا بمدينة الصويرة حيث ولدت وترعرعت قبل الرحيل إلى تل أبيب ».
بدوره، يستغل يوخن ذي الأربعين سنة فرصة قدومه للهيلولة كي يُجدد اللقاء ب « أصدقاء الصبا » ويسترجع ذكريات الدراسة و « طيش الشباب »، بحسب قوله ل « اليوم 24 »، إذ يحرص على زيارة مسقط رأسه بمنطقة الملاح بالرباط، وهُناك يلتقي أصدقائه الذين رفضوا مغادرة المغرب.
ومآرب أخرى…
وإن كانت الهيلولة بالنسبة للبعض فرصة للتعبد وإحياء الروابط مع « أرض الأجداد »، فإنها تُعد فرصة للكسب والتجارة بالنسبة لآخرين، إذ عاين « اليوم 24 » وجود مجموعة من اليهود القادمين سواء من الدار البيضاء أو مدينة فاس، يعرضون مجموعة من السلع للبيع، ك « كتب التوراة »، و «شموع التعبد »، و « شموع الزينة » إلى جانب الطاقيات الصغيرة التي يضعها اليهود على رؤوسهم أثناء الصلاة، بالإضافة إلى بعض الإكسسوارات الأخرى..
أما الشباب، فبعضهم وجد جوابا لدعاءه وتوسله للصالح عاجلا غير آجل، تقول عجوز يهودية ل « اليوم 24 »، قبل أن تضيف وعلى وجهها ابتسامة عريضة، أن « عددا من العزاب الذين قدموا إلى حفلات الهيلولة تعرفوا فيها على فتيات أحلامهم، وشابات وجدن فرسان أحلامهم، وعادوا معا وقد كونوا أسرة ».
طعام وصدقة..
ويقوم اليهود خلال موسم الهيلولة بذبح الأضاحي المتنوعة، سواء من الأغنام أو الأبقار أو الدجاج والديك الرومي، يُطبخ ويوزع على الحاضرين، فيما يقوم اليهود بالتصدق على المسلمين ببعض الأجزاء التي يُحرم عليهم أكلها، خُصوصا النصف السفلي للماشية.
ويتسبب الإقبال الكبير على المواشي والطيور في موسم الهيلولة، نُدرة فيها لدى سُكان المنطقة الذي يُشكل هذا الموسم فرصة لهم لترويج تجارتهم سواء من الخضر والفواكه أو المواشي.
مزاد بأموال «خيالية»..
ولا يقتصر حفل «الهيلولة» على الصلاة والدعاء فقط، بل يقوم المحتفلون بإعادة فتح «مقام الربي أبراهام»، إذ من بين طُقوسه الثابتة «مزاد علني» تعرض فيه مواد وامتعة ذات قيمة «معنوية»، ولكن قد يصل ثمنها إلى ملايين السنتيمات.
ومن أبرز ما عُرض في مزاد هيلولة الربي « أبراهام وازانا »، مفتاح الضريح الذي وصل ثمنه إلى 8000 أورو (حوالي 10 ملايين سنتيم). وبحسب تيريزا، المشرفة إلى جانب آخرين على حفل «هيلولة الربي أبراهام وازانا»، فإن «القيمة الروحية» لشراء مفتاح الضريح تتمثل في كون صاحبه يكون أول من يدخل المكان، وعند الصلاة الجماعية داخله يُسلم مزمار ينفخ فيه بين الفينة والأخرى.
كما وصل ثمن قطعتين تُلصقان على باب الضريح للتبرك بهما قبل الولوج، إلى 4000 أورو (حوالي 5 ملايين سنتيم)، فيما بلغت المزايدات آلاف الدولارات بخُصوص بعض الأمتعة والشموع الأخرى.
وترصد الأموال التي يتم تحصيلها بعد عملية المزاد هذه، لترميم الضريح وتوسيع مرافقه، إلى جانب بناء غُرف لاستقبال الوافدين الذي يزداد عددهم سنة بعد أخرى.
ويضم المغرب رقما قياسيا من أولياء اليهود، بالإضافة إلى أولياء مقدسين مشتركين بين اليهود والمسلمين من قبيل ضريح «سيدي يحيى» في وجدة. إذ تعتبر هذه «المقامات» و «المزارات»، التي يحج إليها اليهود المغاربة من مختلف بقاع المعمور، بمثابة ذلك الجسر الذي يحافظ هؤلاء من خلاله على روابطهم بالأرض التي عاشوا فيها وعاش فيها أباؤهم وأجدادهم.
سبحوا الله..
«هيلولة» هي تحريف عامي لإحدى اللازمات كثيرة الورود في مزامير داوود، وهي «هاليلو يا» (הללו יי) ومعناها «سبحوا لله»، إذ أن مُجمل اليهود المغاربة، مثل مواطنيهم المسلمين، كانوا أميين يرددون تعبيرات عبرانية في بعض المناسبات دون أن يفقهوا معانيها، فيحرفوا لفظها أحياناً كما يفعل الأميون من المسلمين بتعابير العربية الفصحى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.