دراسة وزارة التربية الوطنية تعكس نظرة «دونية» يرى بها رجال التعليم الابتدائي مرتادي أقسامهم من الجيل الناشئ، وهي الأرقام الرسمية التي تحدثت على أن ما يناهز نصف الأساتذة لا يرجون خيرا من تلامذتهم. الدراسة التي قدمها صبيحة أمس الأربعاء بالرباط فؤاد شقيقي، مدير المناهج بوزارة بلمختار، عكست تشاؤما كبيرا لدى المُدرسين، إذ إن 47 في المائة منهم يرون أن التعليم لن يفيد تلامذتهم، في حين يعتقد 34 في المائة منهم أن التعليم المغربي ليس بإمكانه تجاوز مختلف العراقيل التي تقف أمام تطوره. شقيقي نفسه أكد، عند بداية تقديمه للدراسة التي تهم السنة الجارية، أن «التعليم بالمغرب هو سبورة سوداء لا بياض فيها»، مشيرا فيما بعد إلى أنه من أصل 130 ألف قسم ابتدائي في المغرب، يوجد 25 ألف منها يُدرس فيها مُستويات مُختلطة، الشيء الذي تُشير الدراسة إلى أن أغلب الأساتذة غير راضين عنه، ويقولون إنهم لا يتوفرون على الكفاءة اللازمة لتسيير فضاءات تعليمية كهذه ، بحسب الدراسة التي عكست رغبة لدى أكثر من 90 في المائة من رجال التعليم في الخُضوع لتكوينات بغرض تحسين مردوديتهم. إلى ذلك، وقفت دراسة أخرى قدمها الشقيقي، التي همت 26 ألف تلميذ من 452 مدرسة ابتدائية من مختلف مدن المملكة، على تراجع مستوى تعليم اللغة الفرنسية بين المُستويين الرابع السادس ابتدائي، مقابل تقدم اللغة العربية بين المرحلتين الدراسيتين نفسهما، فيما أكدت تفوق البنات على الأولاد على مستوى التحصيل الدراسي. وفي الوقت الذي شدد المتحدث على أنه «كي ندرك المستوى المتردي الذي وصل إليه التعليم ببلادنا، يجب أن نتعرض لرجة نفسية شديدة»، مؤكدا أن المغرب يحتل الصف الأخير بين 55 من الدول التي أجريت عليها دراسات حول جودة القراءة في الابتدائي، بينها خمس دول عربية هي (المغرب، الإمارات، السعودية، قطر، الأردن)، فيما اعترف بأن جل التلاميذ المغاربة في الصفوف الابتدائية لا يتوفرون على منهجية تأويل ودمج المعلومات وإعادة توظيفها، في حين أن 98 في المائة من قاعات التعليم الابتدائي لا تتوفر على وسائل إضافية للقراءة، ما عدا السبورات السوداء والطباشير الأبيض. وبدورها، لم تختلف دراسة أعدتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، عن نظيرتها المغربية، إذ قدمت مجموعة من الأرقام الصادمة، مُتحدثة عن وجود 66 في المائة من تلاميذ السنوات الثانية والثالثة ابتدائي لا يمكنهم فهم نص قصير، في حين أن 17 في المائة من تلاميذ الصف الثالث، و 33 في المائة من تلاميذ الصف الثاني، لا يستطيعون حتى التعرف على بعض الحروف الأبجدية، أو على النطق ببعض الكلمات البسيطة. رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، أقر بأن التعليم المغربي وصل إلى درجة تتجاوز الحضيض، معتبرا أن وجود أكثر من نصف الأساتذة لا يعتقدون أن التلاميذ بإمكانهم التعلم أمر فيه نوع من الإجحاف في حق هؤلاء التلاميذ. واعتبر المتحدث أن التحدي الآن هو العمل على إصلاح أعطاب المنظومة التعليمية، مشددا على أن الأمر لا يمكنه أن يتم إلا بتكاثف جهود جميع الفاعلين في الميدان باختلاف تدخلاتهم.