في الخرجة السنوية الوحيدة التي تتحدّث فيها المؤسسة العسكرية الصامتة إلى المغاربة، قدّم عبد اللطيف الوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلّف بإدارة الدفاع الوطني، عرضا مطوّلا أمام لجنة الخارجية والدفاع والشؤون الإسلامية بمجلس النواب، بمناسبة تقديمه الميزانية الفرعية للدفاع برسم السنة المقبلة. الوديي الذي واجه تساؤلات النواب البرلمانيين بخصوص خروج عناصر من القوات المسلحة الملكية إلى الشارع في إطار ما يُعرف ببرنامج «حذر»، والتحركات المثيرة التي قامت بها قوات الجيش الصيف الماضي في عدة جهات من المغرب ونصبها بطاريات صواريخ مضادة للطائرات، أقرّ بتنامي التهديدات المحيطة بالمغرب أمنيا وعسكريا، وضرورة اليقظة في مواجهتها. وفي مقابل مواصلة أشغال بناء القاعدة البحرية بالقصر الصغير، والتي تعتبر الأولى من نوعها في المغرب، واستمرار تعزيز التجهيزات الخاصة بمراقبة الحدود، كشف الوديي عن مشروع بناء مراكز جديدة للدرك الملكي بمواصفات «حديثة» والتي ستغطي جميع جهات المغرب تدريجيا. الوزير المكلّف بإدارة الدفاع الوطني قال: إن مشروع الميزانية الفرعية الذي تم تقديمه، أُعدّ «في ظرفية جهوية ودولية تتطلّب منا التحلي بمزيد من اليقظة والحذر، ووضع خطط دفاعية وأمنية محكمة، واتخاذ التدابير الاحتياطية والإجراءات الكفيلة بضمان استقرار بلادنا، والمحافظة على أمنها ومواجهة كل التهديدات والمخاطر الناتجة عن تنامي عمليات الإرهاب والهجرة السرية والتهريب، إضافة إلى تفشي ظاهرة الاتجار العابر للحدود في الأسلحة والمخدرات». وكشف الوديي عن مصادقة اللجنة الاستراتيجية لأمن نظم المعلومات خلال السنة الحالية، على وثيقة تضم التوجيهات الوطنية لأمن نظم معلومات الإدارات والمؤسسات العمومية، كما عقدت المديرية العامة لأمن نظم المعلومات عدة اجتماعات ثنائية مع مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية بُغية مساعدتها على وضع خطة قابلة للتطبيق المتدرج خلال ثلاث سنوات حماية لأمنها، كما قامت المديرية العسكرية المتخصصة في الأمن المعلوماتي، بافتحاص دقيق لعدد من المواقع الإلكترونية الحكومية، «وقد مكّنت هذه العمليات من تحديد بعض النواقص والثغرات الواجب تفاديها…». وأمام تساؤل النائب البرلماني عن فريق العدالة والتنمية، خالد البوقرعي، عمّا إن كانت هناك أسباب لإخراج قوات عسكرية إلى الشارع، وما إن كان ذلك سيؤدي إلى إثارة مخاوف المواطنين، قال عبد اللطيف الوديي: إن برنامج «حذر» لا يخضع لوصاية القوات المسلحة الملكية، بل يقع تحت إشراف كل من وزير الداخلية مركزيا والولاة جهويا، مشدّدا على أن الأمر يتعلّق بمقاربة وقائية واستباقية ولا يعكس وجود خطر داهم. النائب الاتحادي علي اليازغي، تساءل من جانبه عن كيفية مواجهة المغرب للارتفاع الكبير في ميزانية الدفاع لدى الجارة الجزائر، حيث أصبحت النفقات العسكرية للجارة الشرقية تساوي مرتين ونصف نظيرتها في المغرب. الوديي قال إن هذه المعطيات لا تعني أن الجيش المغربي أقل قدرات من نظيره الجزائري، موضحا أنه ورغم الفارق الموجود في الإمكانات المالية، فإن الجيش المغربي يتمتّع بقوة كبيرة من حيث التكوين الذي يخضع له ضباطه وجنوده، بالإضافة إلى طبيعة الاتفاقيات والصفقات التي يبرمها المغرب في مجال التسلّح، حيث لا يعتمد المغرب على مصدر واحد للسلاح، بل ينوّع في مصادره. ووعد الوديي بتقديم أجوبة كتابية مفصّلة عن أسئلة النواب. في الجانب الرقمي لميزانية الدفاع العام المقبل، قال عبد اللطيف الوديي: إن الظروف التي تحكّمت في إعداد المشروع تطلّبت الاحتفاظ بالمجهود المالي نفسه، وهو ما يعني تخصيص قرابة 32 مليار درهم لإدارة الدفاع. كتلة أجور العسكريين المغاربة وموظفي إدارة الدفاع المدنيين، تمتصّ نحو 70 في المائة من هذه الميزانية، حيث ارتفعت كتلة الأجور ب286 مليون درهم، لتغطية نفقات 2000 منصب مالي جديد، وتسوية الوضعية الإدارية الناجمة عن الترقيات. وفيما يمتصّ باب النفقات الخاصة بالسير العادي للمصالح العسكرية أكثر من 5 ملايير درهم، لتكون الميزانية المخصصة رسميا لباب التجهيز الذي يشمل عمليات التسلّح والتحديث، قرابة 4 ملايير ونصف مليار درهم، أي أقل من الميزانية المخصصة للحساب الخصوصي للميزانية الموجّه لتسديد نفقات الدين العسكري، والتي تبلغ 7 ملايير ونصف مليار درهم، ليكون مجموع الاعتمادات المخصصة للتسلّح والعتاد زهاء 12 مليار درهم.