خلفت مراسلات توصل بها مجموعة من القضاة مباشرة من طرف وزارة العدل دون المرور عبر المجلس الأعلى للسلطة القضائية غضبا وسط جمعية نادي قضاة المغرب التي اعتبرتها خرقا لاستقلال السلطة القضائية. وجاء في بيان للنادي صدر اليوم أنه تقاطرت، على المكاتب الخاصة للسادة المسؤولين القضائيين، قرارات تعيين مجموعة من القضاة للقيام بمهام الإشراف على الحراسة في اختبار الانتقاء الأولي لمباراة الملحقين القضائيين، وهي القرارات الصادرة عن وزير العدل. وحسب البيان فإنه بالاطلاع على نماذج من هذه القرارات، تبين ما يلي: – أنها صادرة عن سلطة حكومية تجاه قضاة يمثلون السلطة القضائية، وفق التحديد المنصوص عليه في المادة 2 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية. – أنها تخاطب القضاة مباشرة دون المرور على قناة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مع أن الفصل 107 من الدستور ينص على استقلاليتهم عن السلطتين التنفيذية والتشريعية. – أنها تنطوي على أوامر واضحة تحثهم على تنفيذ ما جاءت به من مقتضيات تعيينهم للقيام بالمهام المذكورة أعلاه، مع أن روح الفصل 109 من الدستور يمنع إصدار أي أوامر أو تعليمات للقضاة. – أنها تُقرر تعيين قضاة للقيام بالمهام نفسها دون علمهم أو استشارتهم، معتمدة في ذلك على سياسة الأمر الواقع، مع أن الفصل 111 من الدستور يضمن لهم الحق في التعبير عما يرغبون فيه أو لا يرغبون، ولا يمكن قسرهم على إتيان فعل ما خارج عن مهامهم الأصلية الواجبة عليهم. – أنها خرقت بشكل واضح وصريح المادة الأولى من المرسوم رقم 400-22-2 المؤرخ في 18 أكتوبر 2022 المتعلق بتحديد اختصاصات وزارة العدل، ذلك أن هذه المادة تحصر الاختصاصات العامة لوزارة العدل في تنفيذ سياسة الحكومة في مجال العدالة بما لا يتنافى مع استقلال السلطة القضائية، وما دام أن القضاة مستقلون عنها فقد وقعت في هذا التنافي ولا شك. وعبر النادي في بيانه الذي وقعه رئيسه عبد الرزاق الجباري عن استغرابه هذا السلوك الإداري تجاه ممثلين للسلطة القضائية، مذكرا وزير العدل بأن الدستور المغربي قطع مع تبعية القضاء لوزارة العدل منذ حوالي اثني عشر سنة، ونص على أن القضاء مستقل عن السلطة التنفيذية كما التشريعية، وصدر قانونان تنظيميان يكملان ويعززان هذه الاستقلالية منذ حوالي سبع سنوات، وأنه "لا يجوز له، بل يمنع عليه، دستوريا وقانونيا وأخلاقيا، أن يوجه أوامر للقضاة كيف ما كانت، ولا أن يخاطبهم مباشرة"، لأن اختصاص وزارته في علاقته بهم ينحصر فقط في توفير الموارد المالية واللوجيستيكية والبنايات بما يضمن حسن سير عمل المحاكم وتدبير منظومة العدالة.