أعلن نادي قضاة المغرب عن إطلاق قافلة للمطالبة باستقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، إذ من المنتظر أن تجوب وثيقة أعدها القضاة بهذا الشأن جميع محاكم المملكة ومراكز القضاة المقيمين. إطلاق هذه القافلة الذي تم يوم الثلاثاء الماضي، يأتي، حسب تصريح لرئيس نادي قضاة المغرب ياسين مخلي، أدلى به لبيان اليوم، في إطار إحياء الذكرى الأولى لتوقيع وثيقة المطالبة باستقلال السلطة القضائية من طرف ما يفوق 1800 قاضيا وقاضية، والتي كان النادي قد بادر إلى القيام بها كمساهمة منه إلى جانب باقي الفعاليات في تعميق النقاش العمومي حول تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالسلطة القضائية، والذي يرتبط ارتباطا وثيقا بتدعيم أسس الديمقراطية ومساواة الجميع أمام القانون والسلطة القضائية. وأكد أن نادي قضاة المغرب يعتبر استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية جزء لا يتجزأ من مبدأ استقلال السلطة القضائية، مشيرا في هذا الصدد إلى ما تضمنه الدستور في الباب الذي أفرده للسلطة القضائية إذ نص بشكل صريح على استقلاليتها عن باقي السلطات، مشيرا في هذا الصدد إلى الفصل 107 الذي ينص على أن «السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية»، بحيث لم يتضمن هذا النص أي تمييز بين قضاء الحكم وقضاء النيابة العامة. هذا وشدد عبد الرزاق الجباري القاضي بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، عضو نادي قضاة المغرب، بدوره على هذا الطرح، إذ اعتبر أن الدستور المغربي حسم في أمر استقلال النيابة العامة حينما عزز استقلال السلطة القضائية وأمعن في تكريسها من خلال تحرير النيابة العامة من التبعية للسلطة التنفيذية، حيث خص في الفصل 110 «قضاة النيابة العامة بتطبيق القانون». وأوضح الجباري في عرض نشره على الموقع الإلكتروني لنادي القضاة بالمغرب، ضمنه أربع محددات مؤيدة لاستقلال قضاة النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، (أوضح) على أن الفصل 110 من الدستور استنادا للفكر القانوني يفيد على أن السلطة القضائية هي من تتفرد بمهام تطبيق القانون، وذلك بإصدار أحكامها وقراراتها التي يوكل أمر تنفيذها إلى السلطة التنفيذية، قائلا «فشتان بين تطبيق القانون الذي تختص به السلطة القضائية (قضاء الحكم والنيابة العامة) حصرا، وتنفيذه الذي تختص به الإدارة (السلطة التنفيذية)، مما يدل على أن قضاة النيابة العامة مشمولون بمقتضيات الفصل 107 المكرس لاستقلال السلطة القضائية عن باقي السلط». ويشار إلى أن استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية يعد مطلبا حملته هيئات المجتمع المدني فضلا عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي دعت جميعها إلى ضرورة مراعاة مبدأ استقلال النيابة العامة عند إعداد القوانين التنظيمية الخاصة بتنزيل الدستور في الباب المتعلق بالسلطة القضائية. وذهب المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى حد اعتباره أن التأمين الفعلي لاستقلال السلطة القضائية والقضاة في ممارستهم لمهامهم لن يتأتى إلا بوضع قوانين تنظيمية جديدة والقانون الأساسي للقضاة تتطابق مقتضياتها مع المعايير الدولية لاستقلال السلطة القضائية وحيادها، بما فيها المعايير المتعلقة بقضاة النيابة العامة. وانتقد في ورقة قدمها قبل أشهر خلال الندوة الدولية التي نظمها حول موضوع «إصلاح السلطة القضائية في إطار إصلاح الدستور المغربي الجديد»، وضعية القضاة في المغرب بتأكيده «أن ظروف القضاة في المغرب تبقى غير مأمونة في غياب نظام أساسي متطابق مع المعايير والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة والمتعلقة باستقلال القضاء والتي تنص على أن القضاة يتمتعون سواء أكانوا معينين أو منتخبين بضمان بقائهم في مناصبهم إلى حين بلوغهم سن التقاعد الإلزامية أو انتهاء الفترة المقررة لتوليهم المنصب حيثما يكون معمولا بذلك، وينص المبدأ 11 على أن القانون يضمن للقضاة بشكل مناسب تمضية المدة المقررة لتوليهم وظائفهم واستقلالهم وأمنهم وحصولهم على أجر ملائم وشروط خدمتهم ومعاشهم التقاعدي وسن تقاعدهم. وكشف على أن ظروف القضاة في المغرب تبقى غير مأمونة في غياب نظام أساسي متطابق مع هذه المعايير السالف ذكرها، مشيرا إلى أن هذا الوضع يبرز بوضوح في حالة قضاة النيابة العامة، «فحسب المادة 108 من الدستور الجديد لم يستثن من التنقيل بمقتضى القانون سوى قضاة الأحكام، مما يخلق وضعية غير مريحة لقضاة النيابة العامة الذين يجب عليهم تطبيق القانون، كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها». يفيد المجلس. وأضاف على أن هذا الوضع يكرسه الفصل 56 من قانون 1974 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الذي ينص على أن قضاة النيابة العامة يخضعون لوزير العدل ومراقبة وتسيير رؤسائهم الأعلين ويتم نقلهم بظهير باقتراح من وزير العدل بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء.