نشرة إنذارية.. أمطار قوية محليا رعدية بالناظور ابتداء من الإثنين    "الجبهة المغربية" ترفض "تهريب" نصوص قوانين إلى البرلمان    طنجة: انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية    أسعار المحروقات تشهد زيادة "طفيفة" للمرّة الثانية توالياً خلال شهر بالمغرب    المغاربة أكثر الجاليات اقتناء للمنازل في إسبانيا    استثمارات كبرى لتعزيز التنمية في الناظور.. البنك الدولي يدعم مشاريع البنية التحتية بقيمة 250 مليون دولار    مصالح مديرية الضرائب تضع حسابات مقاولات "العجز المزمن" تحت المجهر    ترامب يثير الجدل مجددًا.. يدعو لضم كندا كولاية أميركية رقم 51    بن سلمان يستقبل أحمد الشرع في الرياض    اقتراب كأس إفريقيا يُسرّع وتيرة الأشغال بملعب طنجة الكبير    العثور على مهاجر مغربي مقتول داخل سيارته بإيطاليا    نشرة إنذارية (تحديث): تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من أقاليم المملكة    درك شفشاون يطيح ب"ملثم" سطا على وكالة لتحويل الأموال    بعد أيام من الغموض .. الشرطة البريطانية تفك لغز اختفاء تلميذتين مغربيتين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    من طنجة.. تتويج رشيد البقالي بجائزة عبد الله كنون للفكر والأدب المغربيين    مكتب الصرف: تحويلات مغاربة العالم فاقت 117,7 مليار درهم سنة 2024    ائتلاف حقوقي: تجميد "ترانسبرانسي" عضويتها من لجنة محاربة الفساد إعلان مدوي عن انعدام إرادة مواجهة الآفة    الزوبير بوحوت يكتب: السياحة في المغرب بين الأرقام القياسية والتحديات الإستراتيجية    بن شرقي: "اللعب للأهلي كان حلمي وسأسعى لحصد الألقاب معه"    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين بتهمة قرصنة المكالمات الهاتفية    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    مجلس مقاطعة البرنوصي يحدد جدول أعماله للدورة الاستثنائية    القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    نادٍ نرويجي يتبرع بعائدات مباراته ضد فريق إسرائيلي لدعم غزة    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    كريستينا.. إسبانية سافرت للمغرب لاستعادة هاتفها المسروق بمدريد والشرطة المغربية أعادته إليها في أقل من ساعة    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    نزار بركة يترأس الدورة العادية الموسعة للمجلس الإقليمي لحزب الاستقلال في العيون    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    المغرب يعزز موقعه الأممي بانتخاب هلال نائبا لرئيس لجنة تعزيز السلام    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    روبرتاج بالصور.. جبل الشويحات بإقليم شفشاون وجهة سياحة غنية بالمؤهلات تنتظر عطف مسؤولين للتأهيل    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكوين القضاة وسؤال الاستقلالية

أثار موضوع إعلان وزارة العدل والحريات، أخيرا، عن قرار فتح باب الترشيح لشغل منصب المدير العام للمعهد العالي للقضاء جدلا واسعا في الوسط القضائي والحقوقي لما للموضوع من حساسية بالغة ارتباطا بهذه الفترة، التي نعيشها والتي تعرف إعداد النصوص التنظيمية المرتبطة بالسلطة القضائية.
حجيبة البخاري رئيسة المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بمكناس
حرصا من المتتبعين لأن تنزل مضامين الدستور الجديد بما يتلاءم وروحه، وكذا ما أراده الشعب من أن يتمتع القضاء المغربي بسلطة مستقلة فاعلة وحقيقية قادرة على حماية الحقوق والحريات، ضامنة لممارستها في إطار دولة الحق والقانون، مساهمة من موقعها في تعزيز المسار الديمقراطي في البلاد.
القرار الذي جرى اتخاذه ربما قد جرى تعليله بما يلي:
- أن وزارة العدل والحريات تمارس الصلاحيات، التي ما زالت مقررة لها قانونا على اعتبار أن المعهد العالي للقضاء، والذي حدد من بين مهامه السهر على التكوين الأساسي للملحقين القضائيين، وتكوين القضاة المستمر والمتخصص،...هو تابع لها بمقتضى الفصل 1 من مرسوم 2.75.60 بتاريخ 14/4/1976 المنظم للإدارة المركزية لوزارة العدل كما جرى تعديله.
- أن وزير العدل هو من يرأس مجلس إدارة المعهد بنص القانون.
- أن مقتضيات المادة 92 من الدستور الجديد والتي تمنح أمر التداول بشأن تعيين مديري المدارس والمؤسسات العليا إلى مجلس الحكومة منحت وزير العدل سلطة اتخاذ هذا القرار...
وهي علل من وجهة نظرنا تبقى مردودة لما يلي:
أولا- إن القول بتبعية المعهد لوزارة العدل إذا كان يسعف في الماضي لأن يمارس الوزير مثل هذه الصلاحية، فإن الأمر لم يعد كذلك بموجب الدستور الجديد، الذي أخرج وزير العدل من تشكيلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية لا لشيء إلا من أجل أن ترفع السلطة التنفيذية يدها نهائيا ومطلقا على القضاء، وأنه لا يتصور تحقيق فك الارتباط هذا إذا بقي جانب من تدبير شؤون القضاة، وإن في الجانب الذي يهم تكوينهم بيد السلطة التنفيذية.
ثانيا- إن القانون التنظيمي للتعيين في المناصب العليا لا يعتبر المدير العام للمعهد العالي للقضاء ضمن لائحة المناصب المذكورة وإن التقيد بحرفية النص وحصريته يمنع أن يخضع تعيين هذا الشخص لمقتضيات المادة 92 أعلاه.
ثالثا- والأهم أن دستور المملكة الذي هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة نص على أن "السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية"، وعلى أن المملكة المغربية تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيق المنظمات الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، حسب تصدير الدستور الذي يشكل جزءا لا يتجزأ منه.
وأن جميع المواثيق الدولية تجمع على وجوب أن يحظى القضاة بتكوين جيد يعزز استقلاليتهم وحيادهم، ويرفع من مؤشر ثقة المتقاضين فيهم (مبادئ الأمم المتحدة من أجل استقلال القضاء لسنة 1985، الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، توصية المجلس الأوروبي حول استقلالية، فعالية ودور القضاة لسنة 1994، الميثاق الأوروبي للقضاة...)، وبالتالي فلا مجال للحديث عن استقلالية السلطة القضائية إذا كان أمر تكوين القضاة، وتعيين المشرفين على ذلك بيد سلطة غير السلطة القضائية.
ففي هذا الإطار جاء في الميثاق الأوروبي للقضاة في فقرته الثانية على أن الهيئة الموكول إليها السهر على تكوين القضاة، يجب أن تكون مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأن يكون نصف أعضائها على الأقل من القضاة، وأضاف أن السلطة القضائية يجب أن يكون لها الدور المحوري في التكوين أو تسهر هي نفسها على تنظيمه ومراقبته وأن هذه الصلاحيات لا يجب أن يمارسها وزير العدل أو هيئة تابعة للسلطة التشريعية أو التنفيذية، وإنما السلطة القضائية نفسها أو جهاز مستقل آخر بما فيه المجلس الأعلى للقضاء، وأن جمعيات القضاة لها أن تلعب دورا مهما في التشجيع على التكوين، وتسهيله بالتعاون مباشرة مع الجهة المسؤولة عنه.
من هنا، يتبين أن التسلسل الطبيعي لهذا التحليل ليجعل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية المؤسسة الوحيدة المخول لها السهر على تكوين القضاة، وتعيين طاقم ذلك ما دامت بنص الدستور هي من تسهر على تطبيق الضمانات الممنوحة لهم في ما يخص استقلالهم، وأن وزير العدل في تدبيره لهذه المرحلة الانتقالية لا يتعين عليه أن يغيب هذا المعطى في أفق أن يكون تنزيل الدستور في الجانب المتعلق بالسلطة القضائية تنزيلا يخدم استقلاليتها لا أن يحد منها.
كما لا يسعنا الختم دون التذكير بكون تدبير وزارة العدل لملف تكوين القضاة عبر ما مضى من سنوات، لم يمر دون تسجيل العديد من السلبيات باعتراف المهتمين والمتتبعين لدرجة صار معها هذا التكوين متأزما حاليا، وأن نادي قضاة المغرب قدم تشريحا للوضع ولم يقف عمله عند حد إصدار بياناته المنددة بانعدام ظروف وجودة التكوين، وقرار مقاطعة ندوات التكوين المستمر فقط، وإنما تعداه إلى اقتراح بدائل واقعية، وحلول عملية للخروج من الوضعية الراهنة بشكل يجعل تكوين القضاة يف بالغرض الذي وضع من أجله، وأن من بين ما اقترحه أن يتبع المعهد العالي للقضاء للمجلس الأعلى للسلطة القضائية باعتباره صاحب الولاية الأصل، وهو بذلك يكون رسم مسارا جديدا في اتجاه تكريس استقلالية فعلية للسلطة القضائية ببلادنا من منطلق حمولة حقوقية كونية.
لكل هذه الأسباب لم يكن قرار وزير العدل والحريات بفتح باب الترشيح لشغل منصب المدير العام للمعهد العالي للقضاء قرارا هينا كي نمر عليه مرور الكرام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.