قال راشيد الطالبي رئيس مجلس النواب، في افتتاح مؤتمر "حوار البرلمان الإفريقي للشباب"، أن الأمن الغذائي غَدَا واحدا من التحديات التي تكتسي طابعا جيوسياسيا، وارتفاع أسعار الغذاء هو اليوم من عناصرِ الضغط والتفاوض في العلاقات الدولية غير المتوازنة، بل وغير العادلة. وتساءل مَا الذِّي يَنْقُصُ إفريقيا لِتَكْفُلَ أَمْنَهَا الغذائي؟ أَوَ لاَ تملكُ القارةُ الإمكانياتِ الهائلةَ لِتَسُدَّ حاجياتها الغذائية، وحاجيات عدد من أصدقائها؟ أليستْ هي القارة التي تملك 60 % من الأراضي القابلة للزراعة في العالم؟ وإذا كان أمراً واقِعاً أن عددًا من بلدانِ قارتِنا تعاني من التصحر والجفاف، فإن عدداً آخرَ منها يتوفرُ على مواردَ مائيةٍ هائلةٍ تحتاج إلى التعبئة والتثمين والاستغلال الأمثل. واضاف "إذا كانت إفريقيا لا تفتقر إلى التقاليد والثقافة الزراعية، وإلى القوى العاملة، وإلى المهاراتِ والسَّواعد، فإنها في المقابل في حاجةٍ، في عدد من الحالات، إلى حكامةٍ جيدةٍ وبالأساس إلى التكنولوجيات الجديدة التي تُنتجها القوى الصناعية التي تقع عليها مسؤوليةٌ أخلاقيةٌ وسياسيةٌ في دعمِ إفريقيا على أساس شَراكاتٍ عادلة مُمَأسسة، وهي التي تستفيد في المقابل من الموارد الأولية الإفريقية الباهضة الثمن، المَنْجَمِيةِ بالتحديد. وقال إنه إذا كانت إفريقيا لا تَفْتَقِر إلى الطاقة، وإلى ظروف إنتاج الطاقة من مصادر متجددة، فإنها بالأساس، تتوفر على أثمن رأسمال، ألا وهو الموارد البشريةُ والسواعدُ والعقولُ، عِلماً بأن الرأسمال الأساس في التنمية المستدامة، وفي مقدمتها التنمية الفلاحية، هو الرأسمال البشري وهو ما تُغَذِّيه ثقافاتٌ إفريقية جد متنوعة وغنية . ومن جهة أخرى، فيرى الطالبي العلمي أن القارة تتوفر على ثروات بحرية هائلة، ما من شك في أنها خَزَّانٌ استراتيجي للغذاء، مشيرا إلى أن القارة الإفريقية تتوفرُ على 13 مليون كلم مربع من العمق البحري، و6.5 مليون كلم مربع من الجرف القاري، و26 ألف كلم من السواحل. وفضلا عما يختزنه من موارد، يشكل هذا المحيط البحري مجالاً لأنشطة هائلة ولمبادلات تجارية قارية ودولية مكثفة ومربحة. ويبقى السؤالُ العريض مطروحا متسائلا العلمي:"كيف الطريق إلى تحويل هذه الإمكانيات إلى ثروات؟". ليعتبر المتحدث ذاته أن الجواب على هذا السؤال، يكمن في ثقةِ إفريقيا، شعوبًا ونُخبًا ومؤسسات، في هذه الإمكانيات، وفي التصميم الجماعي على استثمارها من أجل مصالح إفريقيا، وتوجيه الإنفاق على مشاريع البناء والتطوير وإسعاد الناس، عوض الإنفاق على مراكمة الأسلحة الكاسدة وزرع الأوهام لدى الشعوب. واعتبر العلمي أن المجاعةُ ليست التحدي الوحيد الذي تواجهه قارتنا. فهي ضحيةُ الاختلالات المناخية التي ليست مسؤولةً عنها، ولا تتمتع بالثروات والموارد المتأتية من الصناعات المُلَوِّثة المسببة لها، (علما بأن إفريقيا لا تتسبب سوى في 4 % فقط من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري)؛ وهي أيضا ضحيةُ عدم الاستقرار في أكثر من منطقة، وأساسًا ضحيةُ ارتفاع كُلفةِ الدَّيْن الخارجي بالأساس؛ وضحيةُ نظام اقتصادي دولي غير عادل وغير متضامن؛ وكلها عوامل تزيد من حدة الفقر والهشاشة ونقص الأغذية.