دعت منظمة النساء الاتحاديات، إلى وقفة للتقييم والتقويم، لمدونة الأسرة بهدف تجويد المنظومة القانونية لتحصين وتكريس حقوق جميع أطراف العلاقة الأسرية، خاصة الأطفال والنساء، باعتبارهم الأكثر عرضة لاحتمالات الهشاشة وعدم الإنصاف؛ لأنه بعد مرور حوالي 18 سنة على إقرار المدونة، أكدت التجربة والممارسة القضائية، أن الحاجة لهذا التقويم ضرورية. وحسب منظمة النساء الاتحاديات، التي نظمت ندوة وطنية في موضوع "المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة حماية للمجتمع"، فقد أظهرت الممارسة، خلال ما يقارب العقدين، مجموعة من الاختلالات والثغرات في المدونة، التي كانت تسمح بالالتفاف على روح فصولها الساعية للإنصاف. وكشفت المنظمة أن ذلك نتج عن توسيع السلطة التقديرية للقضاة في ما يخص بعض الحالات، كالتعدد وزواج القاصرات، بسبب تأويلات محافظة لا تتلاءم بتاتا، مع مغرب الألفية الثالثة، بينما كانت مقاصد المدونة هي منع زواج القاصرات والحد من التعدد إلى أقصى درجة ممكنة. وحسب ندوة منظمة النساء الاتحاديات التي ترأستها حنان رحاب، لم تكن التأويلات وحدها سببا في إفراغ مدونة الأسرة من مقاصدها، بل إن بعض الثغرات القانونية تسمح بالتحايل على مضامينها، مثل الإذن بتعدد الزوجات واستعماله، إذ انتبه المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أخيرا، إلى استعمال بعض الأزواج قرار الإذن لهم بالتعدد، عدة مرات ومع زوجات أخريات، وذلك نظرا لعدم تضمين اسم السيدة المراد الزواج بها في الإذن، كما اسم الزوجة الأولى، ما يجعل هذا الإذن بمثابة "شيك موقع على بياض". وهو التحايل الذي شمل حسب المنظمة، ملفات متعلقة بثبوت الزوجية وتحديد قيمة نفقة الأبناء بعد الطلاق، وأيضا، اقتسام الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج… وغيرها من القضايا التي تستحق الانتباه. ورصدت ندوة المنظمة، تحولات في الأنساق الثقافية والسياسية والاقتصادية بالمغرب، وهي تحولات وإن كانت بطيئة، فإنها تؤثر على الأنساق المجتمعية، ومن ذلك أن تعميم التعليم، خصوصا في العالم القروي بالنسبة للإناث، وتوسع حضور النساء في الفضاءات العامة (التعليم، أماكن العمل، المجتمع المدني…)، وارتفاع نسبة النساء المعيلات للأسر سنة بعد أخرى، أفضى إلى تغيير في التمثلات المجتمعية للمرأة وأدوارها، وأصبحت مسألة المساواة الكاملة بين النساء والرجال لا تثير الحساسيات التي كانت تثيرها من قبل، وهذه مكتسبات رمزية وجب تعضيدها وترسيخها بمكتسبات قانونية وسياسية. وشددت منظمة النساء الاتحاديات، على أن القوانين لا تتمثل أدوارها، فقط، في الضبط والفصل بين المتنازعين وتنظيم العلاقات، بل إنها تلعب دورا بيداغوجيا على مستوى النهوض بثقافة الحق والواجب، كما يتجسد هذا الدور حسب تعبير المنظمة في نقل المجتمع ومساعدته على الانفتاح والتحديث، والتصدي بشكل أكثر نجاعة للعقليات المقاومة للتغيير.