هل يمكن القول إن الاتصال الهاتفي بين رئيسي الدولتين والتبادل المحتمل للزيارات يمكن أن يشكل فارقا في العلاقات الثنائية بين البلدين؟ إن الاتصال المعلن بين فخامة الرئيس، محمد ولد الشيخ الغزواني، وجلالة الملك محمد السادس، ملك المغرب الشقيق، يحدد، دون شك، مرحلة جديدة في التعاطي بين الدولتين الجارتين الشقيقتين، بعد فتور ملاحظ خلال فترة الرئيس السابق. إن العلاقة بين الجمهورية الإسلامية الموريتانية والمملكة المغربية كُتب عليها أن تكون علاقة جيدة بسبب أواصر المحبة بين الشعبين الشقيقين، والتي مثلتها المكالمة الهاتفية بين القائدين. إننا في موريتانيا نؤمن بأن العلاقات الجيدة والمتينة مع المملكة المغربية هي في مصلحة الشعب الموريتاني من الناحية الأمنية والاقتصادية وحتى الثقافية. ومهما يكن من أمر، فالعلاقة هي قبل كل شيء علاقة أخوة ومحبة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التأثير فيها سلبا. ألا ترى أن واقعة معبر الكركرات جعلت البلدين يدركان أنهما في حاجة إلى تكثيف التعاون والتنسيق أكثر في ما بينهما؟ نعم. أزمة الكركرات أكدت هشاشة الوضع في هذه النقطة الحدودية، حيث إن هذه المنطقة التي هي تحت رقابة الأممالمتحدة كانت غير آمنة لانسياب حركة الأفراد والبضائع بين البلدين الشقيقين. لقد تبين أن عدة أشخاص كان بإمكانهم لإغلاق هذا المعبر الدولي الحيوي والمهم جدا لموريتانيا. اليوم وقد جرت السيطرة على الوضع ولله الحمد، فإنه من الواجب التنسيق بين موريتانيا والمملكة المغربية بشكل مباشر، ووضع الخطط اللازمة لتأمين هذا المعبر بشكل دائم بعيدا عن أي تجاذبات. وعلى فكرة، أود أن أوكد أن أي حرب في المنطقة ستضر أولا من سيتسبب في نشوبها. إننا في موريتانيا قررنا أن نكون حياديين في مشكل الصحراء لكنه حياد إيجابي، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن ينعكس هذا الحياد سلبا على مصالح الدولة الموريتانية. عفوا، في نظركم، كيف يمكن حل هذا النزاع؟ نحن نؤمن بأن الحوار والتنازل من جميع الأطراف هما اللذان سيحلان مشكل الصحراء. ولنكن منطقيين وواقعين في طرحنا وأقصد هنا الأخوة في جبهة البوليساريو. يبدو أن المصالح الاقتصادية والتجارية في طريقها إلى تكون محددة في مسار العلاقات الثنائية بين الرباطونواكشوط، وربما في العلاقات المغاربية عامة على المدى القريب؟ فترة إغلاق معبر الكركرات كان لها تأثير واضح ومباشر على المواطن الموريتاني البسيط، أو على الأصح على المواطن الإفريقي، لأن أن هذا المعبر يعتبر البوابة البرية الوحيدة بين إفريقيا وأوروبا، والذي من خلاله تُزَوَّد موريتانيا والدول الإفريقية بحاجياتها من مواد غذائية ذات جودة وضرورية في النظام الغذائي اليومي، ناهيك عن مواد أخرى من جميع الأصناف. شئنا أم أبينا فان أي علاقات بين دولتين تكون مبنية على مصالح، وهذه المصالح يمكن أن تكون اقتصادية أو ثقافية أو ذات طبيعة أخرى، لكننا اليوم نعيش في عالم تأثر كثيرا بسبب الجائحة العالمية كوفيد19، وأكد لنا ذلك أن كل دول العالم بنت مفاوضاتها وسياساتها على مصالحها الاقتصادية، وبالتالي، يمكن القول إن المصالح الاقتصادية اليوم هي أساس أي علاقات بين دولتين. أما في ما يخص موريتانيا والمغرب ودول المغرب العربي عامة، فإن العلاقات بينها مبنية أساسا على محبة الشعوب وعلى قاسمها المشترك الذي هو الإسلام واللغة العربية. إن الفضاء المغاربي يقطنه أكثر من مائة مليون نسمة تتحدث اللغة نفسها، وتدين غالبيتها الأعم بالدين نفسه، وعليه، فإن أي مسار في العلاقات الثنائية بين بلدين في هذا الفضاء يجب أن يكون جيدا ومفيدا للشعوب. هناك من يعتقد أن الاتصال الهاتفي يمكن أن يكون مقدمة للتفاوض بين المغرب وموريتانيا بخصوص وضع منطقة الكويرة؟ في ما يخص منطقة الكويرة، فهي منطقة دولية تقرر عدم الخوض في مصيرها قبل أن يسوى ملف الصحراء، وذلك لعدة أسباب تاريخية لا داعي لسردها هنا، لكن فقط أريد أن أؤكد، حسب اعتقادي الشخصي، أن استخدام الجيش الموريتاني الكويرة حاليا هو لدواعٍ أمنية، فمنطقة الكويرة تبعد كيلومترات محدودة عن مدينة نواذيبو، العاصمة الاقتصادية لموريتانيا. في هذه الظروف، أرى أنه من السابق لأوانه التفاوض على الكويرة، لكني، وبكل أريحية، متأكد أن العلاقات الجيدة بين دولتينا الشقيقتين ستجعل كل الأمور قابلة للنقاش والتفاوض. مولاي عبد القادر مولاي إسماعيل/ أستاذ محاضر بجامعة نواكشوط العصرية