بعد مرور أزيد من 7 أشهر، وعقد نحو 10 جلسات بغرفة الجنايات لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، لازال ملف ضابط الشرطة الممتاز الذي أطلق رصاصتين على رأس شاب وفتاة بسلاحه الوظيفي، في الشارع العام بقلب المدينة، يراوح مكانه، ولم تبلغ المحاكمة الخطوات الأولية، باستثناء انتهاء قاضي التحقيق عبدالواحد مجيد من التحقيق التفصيلي معه وإحالته على الجلسات في محاكمة علنية منذ فبراير الماضي. ومرة أخرى، وبعد عرضه أمام هيئة الحكم بالقاعة 7 باستئنافية البيضاء، عن طريق المحاكمة عن بعد، باستعمال تقنية "فيزيو كونفرانص" من داخل المركب السجني "عكاشة"، رفض دفاع الشرطي محاكمته بهاته الطريقة التي اعتبرها غير مجدية في حالة موكله لأن وضعه الصحي والنفسي يفرض على هيئة الحكم أن تواجهه بطريقة حضورية، وهو ما دفع القاضي رئيس الجلسة أن يؤخر الملف إلى أكتوبر المقبل، مع الأمر بإحضاره في الموعد المقبل. ويعول دفاع الشرطي، الذي يواجه تهما جنائية ثقيلة جدا، خاصة بعد توثيق جريمته عبر شريط فيديو جرى تداوله، يظهر تنفيذه لإعدام بدم بارد لفتاة بعد طرحها أرضا، على طلب الخبرة الطبية والنفسية للمتهم القابع بالمركب السجني "عكاشة"، والذي أكد أنه يعاني مشاكل نفسية وعقلية، غير مستبعد إصابته بالجنون، إذ أوضح دفاعه عبدالمولى كرين أنه بصدد تجهيز طلب إجراء خبرة طبية على موكله فور انطلاق الدفوع الشكلية والطلبات الأولية في الملف، والتي لم تسنح الفرصة بعد لإطلاقها ضمن الخطوة الأولى في المحاكمة، بسبب الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد في مواجهتها مع جائحة فيروس كورونا. وأكد المحامي كرين في اتصال مع "أخبار اليوم" أن إجراء المحاكمة عن بعد لا يمكنه بأي حال أن يخضع له موكله، على اعتبار أنه يعاني اضطرابات عقلية ونفسية، ويجب مثوله أمام المحكمة بشكل حضوري لتقف عن كثب على وضعه الصحي، مضيفا أن وضعه في تدهور مستمر، وأنه صار لا يعي ما يدور حوله، وبالتالي فسؤال الأهلية مطروح أمام المحكمة لتتأكد من الوضع الصحي والعقلي والنفسي للمتهم لتكون محاكمة عادلة وسليمة. في المقابل كشف دفاع الضحايا أن ضابط الشرطة الممتاز اختار طريقة مختلفة للدفاع عن نفسه أمام الجريمة الخطيرة التي ارتكبها وموثقة بشريط فيديو جرى تداوله على نطاق واسع وأربك الإدارة العامة للأمن الوطني التي كانت تتجه في تقاريرها إلى كونه استعمل سلاحه الوظيفي للدفاع عن نفسه، قبل أن يتبين أنه أطلق رصاصة على فتاة وهي مطروحة أرضا، ولم يكن هناك أي تهديد لحياته. وأوضح دفاع الضحايا ل"أخبار اليوم" أن الشرطي المعني بالأمر، وبعد افتضاح أمره عبر شريط الفيديو الموثق للجريمة، واعتقاله بمنتجع "الرأس الأسود" شمال المغرب، بعد فراره، مثل أمام المحققين بكامل قواه العقلية وبوعي تام، وكذا أمام قاضي التحقيق في الجلسات الأولى التمهيدية، قبل أن يغير مخططه عند انطلاق التحقيق التفصيلي معه، ويظهر أنه مرتبك نفسيا وعقليا، مما جعل قاضي التحقيق بالغرفة الأولى عبدالواحد مجيد يأمر بخبرة طبية على سلامته النفسية والعقلية، وهي الخبرة التي أثبتت حينها خلوه من أي إصابة، وأنه واع تماما ولا يعاني من أي اضطرابات، ليتم التحقيق معه واستمرار التعامل معه على أساس أنه سليم عقليا وبصحة نفسية جيدة. وكان الشرطي المتهم قد ظهر في أولى جلساته الحضورية وهو يصرخ ويصيح بعبارات مستمدة من خطبة طارق بن زياد الشهيرة إبان فتح الأندلس، وهو ما لم يعره القاضي حينها اهتماما لاطلاعه على الملف المحال عليه من قاضي التحقيق، وتستمر الجلسات في ظل الظروف الاستثنائية لتهديدات فيروس كورونا، والتي فرضت تدبير المحاكمة عن بعد، وهو ما رفضه دفاعه، وطبع الجلسات التأجيل كما هو الحال في الجلسة الأخيرة، على أمل أن تعقد الجلسة المقبل في أكتوبر المقبل بشكل حضوري ويتحرك الملف من جموده الذي دام 7 أشهر في المحاكمة العلنية، بعدما قضى 5 أشهر في مرحلة التحقيق التفصيلي بالغرفة الأولى بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء.