بعد إصرار دفاع الشرطي المتهم بقتل الشاب والفتاة في الشارع العام بالدار البيضاء، على إحضار موكله من المركب السجني "عكاشة"، وادعائه أنه يعاني مشاكل نفسية كبيرة قادته إلى الجنون، حددت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء شهر شتنبر المقبل موعدا جديدا للمحاكمة، مع الأمر بإحضار المتهم من السجن ومثوله أمامالمحكمة. ويراهن دفاع ضابط الأمن الممتاز، المتهم بقتل مواطنين برصاص مسدسه الوظيفي بطلقتين على مستوى الرأس، على مظهره الذي يوحي بسوء وضعه الصحي والعقلي، لإقناعالمحكمة بإحالته على مستشفى الأمراض النفسية والعقلية، وإنجاز خبرة طبية على وضعه الصحي وسلامته العقلية، خاصة وأن تصرفاته داخل المؤسسة السجنية أو بالمحكمة فيالجلسات التي جرى إحضاره فيها، تشير إلى معاناته على المستوى النفسي. والتمس الدفاع في جلسة سابقة عرض الشرطي، الذي فر بعد انتشار شريط فيديو يوثق إطلاق النار على الفتاة في الشارع العام، على مستشفى الأمراض العقلية والنفسية، مبرراذلك بكونه يعيش وضعا نفسيا صعبا جدا، وبات يجد صعوبة كبيرة في التواصل مع دفاعه، وعائلته، ومحيطه، مشددا على ضرورة إجرائه الخبرة الطبية اللازمة، قبل مواصلةمحاكمته، ليكون على وعي تماما بمجريات المحاكمة، التي تتضمن تفاصيل مختلفة وجب التركيز عليها أثناء مناقشة الملف. وحسب المحامي عبد المولى كرين في تصريح سابق ل"أخبار اليوم"، فإن الحالة الصحية لضابط الشرطة الممتاز مقلقة، وأنه صار يجد صعوبة في التواصل مع محيطه سواء دفاعه أوعائلته، أو حتى السجناء داخل المؤسسة السجنية عكاشة، مؤكدا أن الدفاع التمس من المحكمة نقله إلى مستشفى الأمراض العقلية والنفسية لتلقي العلاج، قبل مواصلة محاكمته لأنوضعه تدهور كثيرا، معللا إصرار الدفاع على رفض تدبير المحاكمة عن بعد، بضرورة إحضاره أمام هيئة الحكم، لمعاينة ما آلت إليه حالته في الفترة الراهنة، وكيف أنه لم يعد يهتمبشعره أو أظافره ولا بنظافة جسمه، كما لم يعد قادرا على ضبط حركاته، واستيعاب ما يدور حوله من أحداث ووقائع، وهو ما لا يمكن لكاميرا السجن أن تظهره للمحكمة أثناء الجلسةعن طريق المحاكمة عن بعد. وكان قاضي التحقيق استمع في السابق إلى مجموعة من المواطنين وجدوا ليلة الحادث بعين المكان، وعاينوا تفاصيل النازلة، حيث أفادت المصادر أن أغلبهم ممن جرى القبض عليهمومحاكمتهم على خلفية التواطؤ مع الشرطي والإدلاء بتصريحات كاذبة للتمويه على جريمة ارتكبها الشرطي، قبل انكشاف الحقيقة، حيث عمد قاضي التحقيق إلى إجراء مواجهاتبين الشرطي المعتقل، وبين عدد من مصرحي المحضر، علما أن بعضهم صرح أثناء مرحلة المحاكمة التي جرت بالغرفة الجنحية بابتدائية البيضاء، بتعرضه لضغوطات قصد تغييرأقواله لصالح الشرطي، الذي كان يعمل بمنطقة أمن أنفا بالدار البيضاء، متشبثين بكونهم زج بهم خطأ في ملف كبير بدلت مجهودات جبارة لطيه في البداية، غير أن ظهور الفيديوأعاد الحسابات في النازلة إلى الصفر. وكان شريط فيديو قد فجر مفاجأة كبيرة بكشف حقيقة الشرطي الذي قتل شابا وفتاة، وادعى أنه كان يدافع عن نفسه، وهو ما سايرته الإدارة العامة للأمن الوطني التي أصدرتبلاغا في الموضوع، قبل أن يكشف شريط فيديو تم نشره في مواقع التواصل الاجتماعي، أنه أعدم فتاة بعد طرحها أرضا، بطريقة وحشية. ليلوذ بالفرار قبل أن يتم القبض عليهبمنطقة "كابو نيكرو" شمال المغرب. ومباشرة بعد الواقعة استمعت المديرية العامة للأمن الوطني، كالعادة للشرطي في محضر عادي، وأصدرت بلاغا في هذا الشأن توضح فيه أن تدخل مفتش شرطة ممتاز يعمل بفرقةالأبحاث التابعة لمنطقة أمن أنفا، جاء من أجل توقيف أربعة أشخاص في حالة سكر، وهم فتاتان وشابان، يشتبه في تورطهم في أنشطة إجرامية وحيازة أحدهم لسلاح أبيض، وذلكقبل أن تتم مواجهته بمقاومة عنيفة من قبلهم، اضطر على إثرها إلى استعمال سلاحه الوظيفي وأطلق رصاصتين أصابتا شابا وفتاة من بين المشتبه فيهم بشكل قاتل، لكن ظهورشريط الفيديو، أظهر تفاصيل مغايرة، وعمت حالة استنفار المديرية العامة للأمن الوطني، خاصة وأنه يوثق لحظة إطلاق النار على الفتاة، والتي يبدو أنها كانت تحتج على مقتلالشاب، كما دشنت حملة اعتقالات في صفوف بعض الشهود الذين أدلوا بشهادتهم في الواقعة، وكذا في حق بعض الوجوه التي ظهرت في شريط الفيديو، وذلك وفق تعليمات النيابةالعامة، إضافة إلى إصدار المدير العام للأمن الوطني قرارا بتوقيف مفتش الشرطة الممتاز عن العمل، بناء على نتائج الأبحاث التي أعقبت استعماله لسلاحه الوظيفي بشكل أسفر فيحينه عن وفاة شخصين.