مثل صباح أمس الاثنين الشرطي الذي أعدم شابا وفتاة بالشارع العام رميا بالرصاص، أمام غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، في ثاني جلسات محاكمته، حيث شرع في الصراخ، قبل أن ينهي رئيس الجلسة الملف، ويؤخره من أجل إعداد الدفاع. ومباشرة بعد أن أمر القاضي حسن عجمي، رئيس هيئة الحكم بالقاعة 7 بالمحكمة، باستدعاء الشرطي الذي كان رفقة معتقلين آخرين في القفص الزجاجي، حتى بدأ المتهم في الصراخ بأعلى صوته، مربكا الحضور في القاعة المليئة، وجلب انتباه المحامين، وحتى بعض الموجودين خارج قاعة الجلسات. وتعالى صراخ الشرطي الذي كان يعمل ضابطا ممتازا بالمنطقة الأمنية أنفا، قبل أن يقدم على “إعدام” شابين على طريقة أفلام الإثارة، مرددا مقاطع من الخطبة الشهيرة لطارق بن زياد في فتح الأندلس: “أيها الناس.. البحر وراءكم والعدو أمامكم، وليس لكم والله…..”، وختم عبارته بالتكبير “الله أكبر.. الله أكبر”. وتبادل المستشارون همهمات فيما بينهم وهمس بعضهم بكلمات، فيما ابتسم القاضي حسن عجمي. وكانت الجلسة الأولى قد أدرجت في غياب ضابط الأمن الممتاز الذي تعذر على قوات الخفر إحضاره إلى قبو محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء في الموعد، مما جعل القاضي يؤخر الجلسة إلى يوم 24 فبراير، وهي الجلسة التي حضرها المتهم لأول مرة، وأظهر خلالها تصرفات تعطي انطباع أن حالته النفسية متردية جدا. وانتشر شريط فيديو بعد يوم من الحادث الذي أصدرت الإدارة العامة للأمن الوطني بلاغا بخصوصه تفيد خلاله أن الشرطي تعرض لهجوم من أربعة أشخاص واضطر إلى إطلاق الرصاص للدفاع عن نفسه، وهو ما أسفر عن مقتل اثنين منهم، بينما أكد الشريط المتداول عكس رواية مديرية الحموشي، وكشف طريقة مروعة لإعدام الفتاة عبر إلقائها أرضا وتصويب المسدس على رأسها وإفراغ رصاصة قاتلة فيه، مما قلب كل الأحداث وجعل الشرطي يلوذ بالفرار. وكان قاضي التحقيق قد أنهى التحقيق التفصيلي مع الشرطي، الذي تم إلقاء القبض عليه في منتجع “كابو نيكرو” بعد حالة فرار إثر ظهور شريط الفيديو المروع، بعد إيداعه المؤسسة السجنية “عكاشة”، وهو الحادث الذي جعل عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، يتدخل شخصيا فيه، ويتابع المستجدات والأطوار عن قرب، خاصة وأن الجريمة تمت على شكل إعدام في الشارع العام برصاص مسدس وظيفي تابع لمؤسسة المفروض أن تدافع عن المواطنين وتحميهم، وليس إزهاق أرواحهم بطريقة مافيات العصابات الدولية. وجاء القبض على الشرطي الذي يقطن بحي مولاي رشيد بالدارالبيضاء، بعد فراره إلى وجهة مجهولة، إثر انتشار شريط الفيديو الذي يوضح طريقة قتله للفتاة الضحية الثانية، قبل أن تصدر السلطات الأمنية بلاغا تخبر فيه أن مصالح ولاية أمن تطوان، بتنسيق مع نظيرتها بالدارالبيضاء، تمكنت من توقيف مفتش الشرطة الممتاز، المشتبه فيه الرئيسي في واقعة إطلاق النار باستعمال السلاح الوظيفي التي أدت إلى وفاة شخصين، بمدينة الدارالبيضاء. موضحا أنه جرى توقيفه بمنطقة “كابو نيكرو” بتطوان، وذلك بناء على نتائج الأبحاث الميدانية المكثفة التي أعقبت تسجيل تورطه في ارتكاب تجاوزات مهنية وقانونية خطيرة خلال استعماله لسلاحه الوظيفي، ومباشرة بعد إصدار المديرية العامة للأمن الوطني لقرار يقضي بتوقيفه عن العمل في انتظار تقديمه أمام العدالة. مؤكدا وضعه تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي تشرف عليه النيابة العامة المختصة، لينضاف إلى ستة مشتبه فيهم آخرين تم الاحتفاظ بهم رهن نفس التدبير، للاشتباه في مشاركتهم بشكل مباشر في هذه الواقعة، أو لتورطهم في تضليل العدالة وإهانة الضابطة القضائية من خلال الإدلاء بمعطيات كاذبة حول ملابساته .