طوال فسحة الصيف تقدم «أخبار اليوم» لقرائها ترجمة لكتاب: «المغرب.. الجار الغريب»، الذي أصدره باللغة الإسبانية خافيير أورتاثو، مدير وكالة الأنباء الإسبانية. في هذا الكتاب يطرح المؤلف عُصارة تجربته بالمغرب مع المواطنين والسلطة وباقي الفاعلين في جميع المجالات، مع التركيز بشكل قوي على تحليل المجتمع المغربي. حاول الكتاب تقديم المفارقات اليومية التي يعيشها المغاربة يوميا، وصولا إلى حكاية الانتقال الديمقراطي التي لا تنتهي أبدا في المغرب. الكتاب هو واحد من بين عشرات المؤلفات التي ألفها صحافيون أجانب عن مغرب محمد السادس، إذ يقدم قراءة مختلفة عن القراءات الأجنبية الأخرى أو حتى عند بعض الصحافيين الإسبان، الذين كانوا إلى وقت قريب من المقربين من السلطة قبل أن ينقطع حبل الود. تنتهي الخطوط الحمراء عند حد "الله، الوطن، الملك"، بل كل ما هو مرتبط بالقوات المسلحة الملكية، وحتى العمل الدبلوماسي للبلد يوجد خارج النقاش. لهذا، فإن المواضيع الممنوع الخوض فيها واسع جدا، وفي السنوات الأخيرة ازداد اتساعا، رغم الخطاب الرسمي حول "الديمقراطية قيد الترسيخ". لنأخذ، مثلا، حالة الحكومة: ظاهريا، تشبه أي حكومة حداثية، رغم أنها مضخمة نوعا ما (39 حقيبة وزارية في الولاية التشريعية التي انطلقت سنة 2017). إذ حتى في الحكومة عينها، يحتفظ الملك بحق تعيين بعض الحقائب التي تسمى ب"السيادية، وهي الوزارات التي تبقى خارج اللعبة السياسية: وزارات الداخلية والأوقاف والشؤون الإسلامية والدفاع والخارجية؛ أي، الوزارات ذات الثقل الكبير. علاوة على هذه الوزارات السيادية، تُضاف في بعض المناسبات وزارات أخرى تسمى ب" الاستراتيجية"، مثل وزارات الاقتصاد والمالية أو التربية والتعليم أو الفلاحة والصيد البحري، والتي يضع الملك على رأسها شخصيات غير حزبية أو شخصيات أُلحِقت بحزب ما لكي تأخذ ظاهريا صبغة المحاصصة السياسية. وهو حال عزيز أخنوش، وزير الفلاحة النافذ، والصديق الشخصي للملك وواحد من أثرياء المغرب: عندما كان حزبه التجمع الوطني للأحرار خارج التحالف الحكومي سنة 2012، انسحب (أخنوش) من الحزب لكي يتحول إلى "وزير تكنوقراطي"، وعندما عاد الحزب إلى الحكومة، عاد لتجديد انتمائه في الحزب. في الواقع، لدى المخزن بعد رمزي قوي جدا من خلال المعنى البروتوكولي والجهاز الناعم جدا والمفكر فيه جيدا لتذكير المواطن بمكانه في الأرض. يشدد المؤرخ محمد شقير (مجلة زمان، يناير 2019) على هذه المفارقة: "كان خروج السلطان لأداء صلاة الجمعة أو في أيام الاحتفالات يثير اهتماما خاصا، نظرا إلى التنظيم الذي يهتم بكل التفاصيل الدقيقة، لا سيما في مجتمع معروف بالإهمال وغياب الانضباط". ويبقى التوقيت الأكثر رمزية هو عيد العرش، إذ تجري دعوة كل أعيان البلد (المُعيّنين والمنتخبين) إلى المشوار السعيد في أحد القصور الملكية، بحيث يمكن لمقر الاحتفال أن يتغير من مكان إلى آخر وفقا لرغبة الملك. تتم هذه المراسيم تحت شمس حارقة يوم 31 يوليوز، مع إجبارية ارتداء البرنس الأبيض والطربوش، إذ تنحي كل الشخصيات في البلاد أمام الملك، الذي يستقبلها فوق صهوة فرس أو على متن سيارة فارهة. يشبه الحفل، الذي يبث في السنوات الأخيرة عبر استعمال الطائرات بدون طيار التي تسمح بنقل ألوان وتفاصيل البروتوكول برمته، في أدواته مشاهد لعبة العروش مع اختلاف أن الحفل ليس خيالا.