رغم تأكيد الدراسات الأولية والحالات المصابة في مختلف بلدان العالم، أن فيروس كورونا المستجد لا يستهدف الأطفال بشكل كبير، إلا أن آلاف القاصرين المغاربة القابعين في مختلف مراكز الإيواء أو الاحتجاز بإسبانيا أو الذين يتسكعون في شوارعها، يعتبرون من بين أكبر ضحايا جو الهلع والخوف الذي يخيم على الجارة الشمالية، بعد إعلان حالة الطوارئ يوم 13 مارس الجاري، عقب فقدان السيطرة على الوباء، بحيث فاق عدد الوفيات 4000 حالة، كما اقتربت الإصابات من 60 ألف حالة، علما أن بعض الخبراء يذهبون إلى إمكانية أن يكون الوباء أصاب 500 ألف إسباني، أغلبهم لم تظهر عليهم أعراض الجائحة ولم يخضعوا للكشف الطبي في ظل النقص الحاد في أجهزة الكشف. وتكشف المعطيات الرسمية الإسبانية، أنه مع نهاية سنة 2019، تم تسجيل 12780 قاصرا أجنبيا غير مصحوب بإسبانيا، أغلبهم مغاربة (70 في المائة)، دون احتساب مجموعة من المغاربة الذين يعيشون في الشارع ولم يشملهم الإحصاء السنوي. ورغم محاولة السلطات الإسبانية حمايتهم مع انتشار وباء كورونا، إلا أن حالة الهلع والخوف التي تسود في الجارة الشمالية من شأنها أن تؤثر عليهم نفسيا؛ فيما لا يعرف إن سجلت أي إصابات في صفوف القاصرين المغاربة، بحكم أن الحصيلة اليومية التي تقدمها وزارة الصحة الإسبانية تكون عامة ولا تحدد جنسيات المصابين، سواء تعلق الأمر بالقصر أو الراشدين. تقرير لصحيفة “بوبليكو” أشار إلى أن هؤلاء القاصرين يجدون أنفسهم غير محميين من زحف فيروس كورونا على إسبانيا، إذا أنه، مثلا، “تعاني مراكز إيواء القصر في سبتة ومليلية من تجاوز القدرة الاستيعابية وغياب النظافة وقلة الطاقم”، بحيث أن “الكثير من هؤلاء الأطفال يقررون مغادرة هذه المراكز ويعيشون في الشارع، تجنبا لعدم الاستقرار وسوء المعاملة”. وهناك تخوفات كبيرة من أن يحدث مع مراكز إيواء الأطفال الأجانب مع حدث مع دور العجزة التي اكتسحها فيروس كورونا، بحيث توفي بعض كبار السن في إحداها دون الانتباه إليهم بعد أن هرب بعض الموظفين المشرفين عليها، وفق تقارير إعلامية إسبانية. ويعيش في الثغرين المحتلين 15 في المائة من القاصرين الأجانب غير مصحوبين بإسبانيا، علما أن “3 من كل أربعة قاصرين هم من أصول مغربية”، تقول صحيفة “بوبليكو”. وبعد التراخي الذي تعاملت معه السلطات المحلية في سبتة ومليلية مع وضعية القاصرين المغاربة المتشردين منذ إعلان حالة الطوارئ، استدركت الأمر بحر هذا الأسبوع، بحيث قامت بدوريات أمنية لإيقافهم وإيوائهم في بعض الأمكنة التي خصصت لهم استثناء، في ظل استحالة إيوائهم في مختلف مراكز الإيواء الرسمية الممتلئة. وتمكنت سلطات سبتة من إجلاء 231 مهاجرا مغربيا غير نظامي، من بينهم 103 قاصر، من مختلف شوارع المدينة وإيوائهم في مركزين رياضيين، خوفا من إصابتهم بفيروس كورونا، لاسيما بعد تسجيل 16 إصابة في الثغر، حسب وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي”. وفي مدينة مليلية المحتلة التي سجلت 42 حالة إصابة، قامت السلطات بإيواء 130 قاصرا أجنبيا غير مصحوب، أغلبهم مغاربة، في مخيم بعد أن تعذر نقلهم إلى مركز إيواء القصر “بوريسما”، الذي يأوي 900 قاصر بينما قدرته الاستيعابية لا تتجاوز 350 طفلا. كما أقدمت السلطات الإسبانية على إجراء فحوصات الكشف عن الفيروس لبعض القصر، تجنبا لانتشار الوباء بينهم. على صعيد متصل، كشفت معطيات محينة أن فيروس كورونا لم يعطل فقط حركة التنقل والمرور بين المغرب وإسبانيا، بل جمد، أيضا، نشاطات شبكات تهريب المهاجرين غير النظاميين من السواحل المغربية إلى نظيراتها الإسبانية، ومن الداخل المغربي إلى سبتة ومليلية برا. إلى جانب أنه منذ بدء سلطات البلدين في اتخاذ إجراءات وقائية ضد انتشار الفيروس، لم تسجل أي اقتحامات للسياجات الحدودية مع الثغرين. معطيات وأرقام حصلت عليها صحيفة “إلباييس” تفيد أن كورونا أدى إلى تراجع تدفقات الهجرة غير النظامية بين المغرب وإسبانيا خلال شهر مارس الجاري، لاسيما في الأسبوعين الماضيين، مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. وأضاف المصدر أنه تم تسجيل في مارس الجاري نفس عدد الواصلين الذي سجل في مارس 2016، أي أن الوضع عاد إلى ما قبل أزمة الهجرة غير المسبوقة التي سجلت في 2018. وبلغ عدد المهاجرين الواصلين انطلاقا من المغرب إلى إسبانيا خلال السنة الجارية 5292 مهاجرا، بمعدل انخفاض بلغ 19 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية.