تسببت أعمال تسريب منتظمة لوثائق داخلية، تتعلق بقوائم المنخرطين في حزب الأصالة والمعاصرة، في ظهور خلافات حادة، لم تجر تسويتها بين الأمين العام للحزب، حكيم بنشماش، وخصومه، إذ حرص مسؤولو هذا الحزب على ألا تنكشف للعيان قبل المؤتمر، المقرر عقده في 7 فبراير المقبل. القوائم، التي جرى تسريبها، كانت الإدارة المركزية لحزب الأصالة والمعاصرة قد وجهت نسخا منها إلى الإدارات الجهوية للحزب، وأيضا إلى سمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، وسرحان لحرش، رئيس لجنة الفرز، بهدف تسهيل مهمة ضبط لوائح المنخرطين في كل جهة، والشروع في العملية المخصصة لانتداب المؤتمرين. وفي مرحلة لاحقة، قام أحد ما، ضمن سلسلة الأشخاص، الذين تسلموا قاعدة البيانات المسربة، بنشرها كلها في مجموعات، تشمل أعضاء الحزب في تطبيق التراسل الفوري “واتساب”. وبعث سمير كودار بلاغا إلى أعضاء الحزب، حذرهم فيه من عواقب نشر لوائح منخرطي الحزب، وتوعد من قام بذلك بالعقاب، مشددا على أنه “يعرف من فعل ذلك، لكنه لن يكشف اسمه في الوقت الحالي”. وفي الواقع، كما يكشف قيادي بارز في الحزب، فإن مشكلة تسريب لوائح المنخرطين ليست مرتبطة بالشكاوى المتعلقة بصيانة المعلومات الشخصية المتضمنة في قوائم المنخرطين المسربة، وإنما لأن “مشروعا تم وأده، كان يجري التخطيط لتنفيذه لدى قادة في تيار المستقبل، لإغراق المؤتمر بأشخاص ليست لديهم المواصفات المطلوبة في الانتداب”. وأضاف المتحدث نفسه: “يسهل إذن، تفسير غضب قادة تيار المستقبل من هذا التسريب، لأن عملية النشر على نطاق واسع لقوائم المنخرطين ستسمح بحدوث رقابة جماعية من لدن جميع أعضاء الحزب، على لوائح المنخرطين، وبالتالي، فحص سلامة الأعضاء، الذين سيُنتدبون إلى المؤتمر، وهي عملية لم يكن يرغب فيها قادة تيار المستقبل الذين يخططون لحشد الناس لصالحهم في المؤتمر”. ويتعزز اعتقاد المتحدث نفسه في نشر الأمين العام للحزب، لمذكرة إضافية بخصوص الانتدابات، التي سبقت عملية تسريب لوائح المنخرطين، وتلك المذكرة كانت في الأصل، عبارة عن توجيه ملاحظات إلى القائمين على عملية الانتداب، بعدما تلقى بنشماش شكاوى كثيرة بخصوص الطريقة التي يخطط بواسطتها لانتداب المؤتمرين، بينها التلاعب في لوائح المنخرطين. و”من الواضح أن وضع تلك اللوائح في يدي كل من كودار، وسرحان، وهما معا من وجوه التيار المناهض لبنشماش، كان سيقوي الشكوك في طريقة استخدامها لصالح التيار، الذي يعملان لفائدته”، كما يقول مصدر مطلع في الحزب. وحتى محمد الشيخ بيد الله، المرشح لمنصب أمين عام للحزب، تلقى مثل هذه الشكاوى في جولاته، التي يقوم بها على المناطق لحشد الموالين لترشيحه. وينظر قادة تيار “المستقبل” بحذر وشك بالغين إلى الطريقة، التي يتم بها إضعاف قدرتهم على المناورة قبيل المؤتمر، وحتى مسألة تسريب المراسلة المرتبطة بالاعتراض الأولي على صفقة تنظيم مؤتمر الحزب يرون فيها “طعنة من الخلف”، وجهها بنشماش، أو تياره إلى قادة تيار “المستقبل”، الذين يشرفون على ترتيبات المؤتمر الرابع. عبداللطيف الغلبزوري، المنسق الجهوي للحزب في جهة طنجةتطوانالحسيمة، الذي عزله بنشماش سابقا، كتب على حسابه في “فايسبوك”، بأن “..في المصالحات، وفي الاتفاقات، لا بد أن يتوفر ركن أساسي، وهو الصدق”. الغلبزوري كان واحدا من وجوه تيار “المستقبل” قبل أن يجري تجاهله لاحقا. وبنظر قيادي كبير في الحزب إلى التطورات، التي طفت على سطح الحزب في المرحلة الحالية، ك”مؤشر مقلق” عما قد يحدث في المؤتمر، “إن جرى الاستمرار في التحضير له في هذه الظروف”، مضيفا أن كل شيء وارد في المؤتمر الرابع: “أن يكون قابلا للانفجار، وتتوقف أعماله.. وقد يحدث إن برزت تطورات إضافية الآن، أن يجري تأجيله لفترة جديدة، ثم سيُعزى سبب ذلك لأسباب لوجستيكية”.