بشكل مفاجئ، أعلن حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عن مبادرة حوار داخلي في حزبه، بعيد وقت قصير من إعلان خصومه في تيار “المستقبل” عن تحديد تاريخ جديد لعقد المؤتمر الرابع للحزب. وكان يبدو بنشماش، علنية على الأقل، وكأنه يعارض أي مصالحة، أو حوار داخلي بين المتصارعين على قيادة الحزب، والطريقة التي رد بها بنشماش بواسطة بلاغ للمكتب السياسي، على مقابلته مع فاطمة الزهراء المنصوري، أحبطت الآمال في الصلح. لكن يظهر أن لبنشماش رأي خاص غير ذلك الذي لمكتبه السياسي، وهو ما يفسر عودته لطرح مبادرة الحوار الداخلي الجديدة. وكل هذا هو في الواقع، انكشاف لصراع في الكواليس بين بنشماش وذراعه الرئيس، العربي المحارشي الذي كان من أشد المدافعين عن عدم إجراء أي مصالحة. هذه المبادرة تشمل تنظيم مائدة مستديرة “تشكل بداية مسار للحوار الداخلي مضبوط من حيث منهجيته ومواضيعه وجدولته الزمنية”، كما جاء في إعلان المبادرة الذي بثه موقع الحزب على الأنترنت. ويعول بنشماش على أن هذا الحوار “محققا لغاية المصالحة ورأب الصدع، وتضميد الجروح التي أصابت الحزب، والبحث في سبل تقوية مناعة المؤسسة الحزبية وضمان عدم تكرار ما لحق بها وبقوانينها وقيمها من أضرار”. ويشترط بنشماش أن يشارك في هذه المبادرة أعضاء المكتب السياسي والمكتب الفيدرالي ورئاسة وسكرتارية المجلس الوطني ورئاسة الهيئة الوطنية لمنتخبات ومنتخبي الحزب، والنواب والمستشارين المنتخبين باسم الحزب، المتحملين لمسؤوليات في مختلف أجهزة مجلسي البرلمان (رئيسا الفريقين ورؤساء اللجان الدائمة وممثلي الحزب في مكتبي مجلسي البرلمان)، ناهيك عن للأمناء العامين السابقين للحزب من أجل تيسير أشغال هذه المائدة المستديرة، ضمانا لنجاح أشغالها. ولمح بنشماش إلى رغبته في أن تكون هذه المائدة المستديرة فرصة لدمج الأعضاء الذين يعارضونه، لكنه لم يشر إلى أي آلية تسمح بتنظيم حوار داخلي بين الجناحين المتصارعين. خصوصا أن هياكل الحزب المشار إليها ملأها بنشماش بأنصاره بعدما طرد معارضيه خارجها. ولذلك، فقد كان متوقعا أن يرفضها تيار “المستقبل” من أول وهلة. قيادي في رئاسة اللجنة التحضيرية التي يقودها سمير كودار، قال ل”اليوم 24″، إن لجنته كما التيار “ينظران باستغراب كما بتساؤل، إلى سلسلة المبادرات والقرارات المتناقضة شكلا وجوهرا التي تصدر عن بنشماش إزاء أي منظور للمصالحة”، مضيفا أن الموقف الأولي لتياره، هو “عدم الاكتراث بهذه المبادرة، لأن الطريقة التي صيغت بها أرضيتها، توحي بوضوح إلى أن بنشماش يريد أن يحشد دعما لنفسه فقط، ولا يرغب في تحقيق مصالحة”. خصوم بنشماش استعادوا المبادرة رويدا رويدا عقب أسبوع من التطورات، بدأت بتأجيل المؤتمر المقرر من لدنهم، وانتهت بتجميد العربي المحارشي، الذراع الرئيسي لبنشماش، لجميع أنشطته في الحزب. لكن سرعان ما قرروا الإعلان عن موعد جديد للمؤتمر، يوما واحدا بعد حملة تسريب لمعطيات تتعلق بنوايا بنشماش في مغادرة الحزب، وهي معطيات لم يؤكدها أي مصدر موثوق.