بشكل مفاجئ، قرر العربي المحارشي، الذراع الرئيسي للأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، حكيم بنشماش، إيقاف جميع أنشطته في الحزب. المحارشي الذي كان واحدا من الوجوه البارزة في صف بنشماش ضد خصومه في تيار “المستقبل”، كتب تدوينة على صفحته في “فايسبوك” في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء، معتذرا عن الاستمرار في حضور الأنشطة واللقاءات التي يعقدها بنشماش، لأن “المستوى الذي وصل له الحزب لا يشرفنا”، كما قال. ويعد المحارشي القوة الضاربة في تيار بنشماش، فهو رئيس الهيئة الوطنية لمنتخبي الحزب، وتجميده لأنشطته في هذه الفترة التي عادت فيها الخلافات بقوة بين أجنحة الحزب، خسارة لبنشماش دون شك، كما تقول مصادر بالحزب. وما يجعلها ضربة تقوض جهود بنشماش في محاصرة خصومه، أن خطوة المحارشي تأتي بعدما ساد الاعتقاد بأن الأمين العام بات في موقع قوة عقب إعلان تيار “المستقبل” تأجيل مؤتمر نهاية الشهر، ودخوله في مسعى تفاوضي لتنفيذ مصالحة. وهي المصالحة التي رفضها بنشماش الذي كان يشعر بأن موقفه بات أفضل على مستوى ميزان القوى الداخلي. غير أن قرار المحارشي قد يؤدي إلى إضعاف جبهة بنشماش بعد الآن. لكن من دفع المحارشي إلى هذا القرار؟ في ضوء عدم وجود أي تفسيرات إضافية من لدن المحارشي عن قراره، لاسيما أنه أغلق كافة قنوات التواصل به بمجرد نشره لتدوينته، فقد كثرت التأويلات حول خلفيات قراره بين قياديي الحزب، سواء من تيار “الشرعية”، أو تيار “المستقبل”. أول هذه التأويلات مرتبطة بوجود مزاعم عن حدوث خلاف بين بنشماش والمحارشي حول شروط المصالحة بين أجنحة الحزب. وظهرت هذه الخلافات عقب البلاغ الصادر عن المكتب السياسي أول أمس الثلاثاء، حيث وضع بنشماش نقطة نهاية لأي مصالحة مشروطة بينه وبين معارضيه داخل الحزب. المحارشي كان مؤيدا لمضامين هذا البلاغ، وشارك في الاجتماع الذي أفضى إليه. بل وكان أيضا من المتحمسين لمواصلة “تأديب” معارضي الحزب. غير أن المحارشي بدّل موقفه بعد ذلك “لسبب من الأسباب”. ويمتلك المحارشي “علاقات جيدة” مع بعض وجوه تيار “المستقبل”، وكان يوحي باستمرار بوجود رغبة عنده لرأب الصدع. هذان المؤشرلن المتناقضان، أي تأييده لبلاغ رفض المصالحة علنا، وحثه عليها سرا، تفسره بعض المصادر في الحزب بالقول إن المحارشي كان يحاول الوقوف وسطا، رغم الانتقادات التي كانت توجه إليه بخصوص صلاته بالأمين العام السابق، إلياس العماري، وتلقيه منه إرشادات حول الكيفية المناسبة لإدارة الصراع مع “المستقبل”. ويُعتقد بأن للعماري دور في دفع بنشماش إلى رفض أي عرض للمصالحة بين أجنحة الحزب. ثاني التفسيرات تشير إلى أن المحارشي “قد يكون تلقى تأنيبا من جهات خارجية” على دوره في بعثرة خطة المصالحة التي بدأت يوم الاثنين الفائت بمقابلة بين بنشماش وفاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب، ثم انهارت سريعا في اليوم الموالي. ويشير قيادي على قدر جيد من الاطلاع، إلى أن بنشماش والمحارشي غابا أمس الأربعاء، عن اجتماع هام لأعضاء المجلس الوطني للحزب ومنتخبيه في جهة الدارالبيضاء-سطات، وهو اجتماع كان إعلان عنه قد بُث على الأنترنت من لدن الحزب، يؤكد على حضور بنشماش إليه. لكنه فجأة، لم يحضر إليه، وبعده بساعتين، أعلن المحارشي تجميد أنشطته في الحزب. ويعزز هذا الغياب بهذه الطريقة، وفي ذلك السياق، الاعتقاد بوجود يد لجهة خارجية في هذه التطورات. إلى ذلك، قررت المحكمة الابتدائية اليوم الخميس، تأجيل النظر في الدعوى التي رفعها سمير كودار، بصفته عضوا في الحزب، ضد أمينه العام ويطلب فيها الحكم ببطلان قرار طرده من صفوف “البام”. وأحالت المحكمة في جلسة اليوم، هذا الملف على النيابة العامة لإبداء الرأي فيه، على أن تواصل النظر فيه يوم 3 أكتوبر المقبل.