يبلغ الاحتقان مداه في حزب الأصالة والمعاصرة عقب إعلان رئيسة المجلس الوطني للحزب، فاطمة المنصوري، بشكل رسمي، رفضها للقرارات المتخذة من لدن الأمين العام، حكيم بنشماش في حق معارضيه في التيار الخصم الذي يشكل كل من أحمد اخشيشين وعبداللطيف وهبي ومحمد الحموتي، أبرز وجوه هيأته القيادية. ورغم أن المنصوري التي كانت لديها دوما خصومة مع بنشماش، نددت بما سمته “التجميد التعسفي لعضوية مؤسسي ومسؤولي ومناضلي الحزب” من لدن الأمين العام، في سياق “تصفية الحسابات التنظيمية بشكل غير أخلاقي”، كما قالت، إلا أن بنشماش لا يبدو أنه يخطط للعودة إلى الوراء في هذه المسألة بالضبط، فقد علمت “أخبار اليوم”، أن بنشماش قد أعد مشروع قرار تجميد عضوية في حق اثنين من أبرز كوادر الحزب، وهما سمير كودار والمهدي بنسعيد. كودار، الذي بات رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الرابع للحزب عقب اجتماعها الأول المثير للجدل، بات خصما رئيسا لبنشماش الذي يراه واجهة للانقلاب عليه، بينما المهدي بنسعيد، وهو واحد من الوجوه الصاعدة في الحزب، يلاحقه بنشماش بسبب “تقييمات باح بها لأعضاء آخرين بالحزب حول الأمين العام، ثم جرى تسريب التسجيل الصوتي الذي يتضمنها”. عبداللطيف وهبي، قال تعليقا على ذلك، “إن بنشماش يجب أن يتوقف عما يفعله”. ويتعرض وهبي بسبب مواقفه لحملة من لدن موالين للأمين العام للحزب، كما هاجمه العربي المحارشي في مقابلة مع موقع “أشكاين”. وهو ليس الوحيد في هذا، بل إن أحمد اخشيشين، ومحمد الحموتي أيضا، تجري محاولات تلويث مواقفهم داخل الحزب بكافة الطرق. لكن وهبي، يقول إن بنشماش ومواليه “يبذرون أوقاتهم في فعل ذلك”. وقد أشارت المنصوري من جانبها إلى هذه المنهجية في تدبير الصراع الداخلي مع التيار الخصم لبنشماش حينما انتقدت بحدة ما سمته “مناقشة الأشخاص عوض مناقشة الأفكار والمشاريع”، وأيضا “اللجوء إلى أساليب القذف والتشهير والتشويه وتبادل الاتهامات الرخيصة”. وحذرت في هذا الصدد من أن يقود كل هذا إلى “انهيار الحزب”. وبحسب مصدر مقرب من المنصوري، فإن الأخيرة، وإن كانت قد هاجمت بنشماش بشدة في مناسبات عدة، كما فعلت هذه المرة أيضا، فإنها “لم تنتقل بعد إلى السرعة النهائية لمعركتها ضده”. لكن يكفي التيار الخصم لبنشماش في الوقت الحالي، أن رئيسة المجلس الوطني “لم تقر أيا من أعمال الأمين العام، بل ونددت بوجود أفراد في الحزب يستعملون بنشماش وتوقيعه لخدمة أهداف شخصية”. ويدافع فريق من الموالين لبنشماش الذين يساندون، بحسب زعمهم، “الشرعية”، عن أحقية الأمين العام في معاقبة الأعضاء الذين خالفوه. ويشعر هؤلاء بأن حملة التصفيات التي باشرها بنشماش، قد أعادت بعض القوة إليه، وتبعا لذلك، لا يرون أي سبب لتأخير عقد المؤتمر، كما طالب بذلك عبدالمطلب أعميار، وهو واحد من طاقم بنشماش بمجلس المستشارين. ومن الواضح، بحسب قيادي في التيار الخصم، أن مخطط الموالين لبنشماش ليس البتة عقد المؤتمر في موعده المحدد، بل تأخيره إلى أبعد وقت، و”حتى لا ينكشفوا، فإنهم يطالبون زيفا، بعقد المؤتمر في حينه.. وسنرى لاحقا من يريد ماذا”. وتتلاحق الأحداث داخل هذا الحزب بشكل سريع، فقد بعث بنشماش مراسلتين إلى كل من والي جهة الدارالبيضاء- سطات، ووالي بني ملال- خنيفرة، يحثهما فيهما على منع أي أنشطة يسعى إلى تنظيمها المنسقان الجهويان لحزبه في المنطقتين المذكورتين، بدعوى أنهما لا يتمتعان بالصفة التي تخول لهما فعل ذلك. بنشماش كان قد عزل 9 منسقين جهويين دفعة واحدة، غالبيتهم من خصومه في هذه المرحلة. لكن التيار المناهض لبنشماش رفض الاعتراف بقرارات العزل هذه، وطلب من هؤلاء المنسقين الجهويين الاستمرار في أعمالهم دون أي اكتراث بما يصدر عن الأمين العام. غير أن هذه المراسلات الجديدة تضع شرعية القرارات المتخذة من لدن بنشماش على المحك، لأن “السلطات المحلية في هذه المناطق إن لم تتصرف إيجابا إزاء أنشطة يسعى إلى تنظيمها أولئك المنسقون، فإن بنشماش سيكون قد خسر معركته مع التيار، ولن تكون هناك حاجة لقول مزيد من الأشياء حول باقي قراراته”، كما يقول قيادي في التيار الخصم.