في الوقت الذي عزل حكيم بنشماش المنسقين الجهويين للحزب، يتجه خصومه من أجل عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني للحزب، بهدف عزل بنشماش نفسه، من رئاسة الحزب. وأكدت مصادر معارضة لخطوات بنشماش أن أغلبية أعضاء المكتب السياسي طلبوا عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني، بمبرر أن الأمين العام بنشماش “فقد شرعيته، ولم يعد مؤهلا لقيادة الحزب”. وتسمح المادة 49 من النظام الداخلي للحزب بعدة خيارات لعقد دورة للمجلس الوطني، منها، علاوة على دعوة الأمين العام، دعوة الأغلبية المطلقة لأعضاء المكتب السياسي، كما يمكن الدعوة إلى عقد المجلس بطلب من الأغلبية المطلقة لأعضاء المكتب الفيدرالي أو بطلب من ثلثي أعضاء المجلس الوطني. وفي سعيه إلى حشر بنشماش في الزاوية، يحضر حوالي 80 نائبا ومستشارا برلمانيا من حزب الأصالة والمعاصرة، لعريضة توقيعات ترفض تزكية قرارات الأمين العام التي أصدرها في الأسبوع الأخير ضد معارضيه. ويحاول بنشماش التأثير على الخيارات التي يسمح بها النظام الداخلي للحزب، والتي غالبا سيستخدمها التيار الخصم له، من خلال قرارات العزل التي استهدفت حتى الآن أعضاء المكتب الفيدرالي للحزب والمنسقين الجهويين المعارضين لاستمرار بنشماش أمينا عاما، إذ عزل 9 منهم من أصل 12، ثم قرر لاحقا عزل 5 أعضاء في المكتب الفيدرالي، بمبرر أن رئيس المكتب الفيدرالي محمد الحموتي، – الذي تم عزله بقرار مماثل سابقا-، كان قد عيّنهم في المكتب الفيدرالي دون استشارة الأمين العام أو طلب رأيه، وهم الأعضاء الذين عينوا بصفتهم تلك في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الرابع. واحتج عبداللطيف وهبي، برلماني وعضو المكتب السياسي للحزب، على قرارات بنشماش المتوالية بعزل خصومه في مواقع تنظيمية مختلفة. وقال إن المواد القانونية التي استند عليها بنشماش “لا تسعفه مطلقا في اتخاذ قرارات مماثلة، لا سيما استناده على المادة 69 من النظام الداخلي، لأنه استند على صيغة قديمة لهذا النص، وتجاهل التعديلات التي عرفتها المادة 69 أثناء الدورة 22 للمجلس الوطني المنعقدة بتاريخ 22 أكتوبر 2017، حيث تم إلغاء الفقرة الثانية من المادة 69، والتي استند عليها الأمين العام واستبدالها بفقرة تنص على “أن يستمر الأمناء العامون الجهويون في مهامهم إلى غاية انعقاد المؤتمرات الجهوية”. لكن الموالين للأمين العام يقولون إن النقطة المدرجة في جدول أعمال ذلك المجلس الوطني بخصوص تعديل المادة 69، لم يتم مناقشتها ولا التصويت على أي صيغة لتعديلها، بل أرد الحسم فيها لوقت لاحق. لكن من الواضح أن المعارك الجارية داخل حزب الأصالة والمعاصرة لا تهتم كثيرا بالطعون القانونية، لأن التيار الخصم لبنشماش قرر ألا يعترف بأي سلطة لأي قرار صادر عن الأمين العام في هذا السياق. بنشماش الذي يدافع عنه، أساسا، تجمع من القياديين الذين يعمل أغلبهم في مناصب أو وظائف عهد بها إليهم بنشماش نفسه، سواء داخل مجلس المستشارين، أو داخل ديوانه كرئيس للمجلس، أو في مناصب بمؤسسات عمومية منحه القانون صلاحية أن يقترح شخصا نيابة عن مجلس المستشارين. والقياديون البارزون الذين يخوضون معارك كبيرة الآن لصالح بنشماش هم حسن التايقي وأحمد المخشاني، وكمال لغمام، وعبد المطلب أعميار، وعمر شيبان وحميد الكم. ويشكل هؤلاء “فريق عمليات”، كما يسميه أعضاء بالحزب، لمقاومة انهيار صفوف تيار الأمين العام. وتستمر البلبلة في الحزب مع إعلان التيار الخصم بأن بنشماش كان بصدد “تسليم الحزب إلى التجمع الوطني للأحرار”، وفقا لتصريحات عبداللطيف وهبي، عضو المكتب السياسي للحزب. وكان قادة بالحزب قد لاحظوا نمط سلوك متخاذل لدى بنشماش إزاء حزب الأحرار منذ مدة، وكان من الواضح أن تنازله عن مقعد دائرة المضيقالفنيدق في الانتخابات الجزئية، ثم التنازل عن منصب رئيس دامعة غرف التجارة والصناعة والخدمات، ثم التنازل عن منصب رئيس جمعية رؤساء المجالس الإقليمية بالمغرب، وكل هذه المناصب كانت ستؤول إلى حزب الأصالة والمعاصرة، غير أن بنشماش قرر ألا يخوض مرشحوه أي منافسة بشأنها، وأن يتركوها لمرشحي الأحرار. ويرى التيار الخصم لبنشماش أن هذه التنازلات كانت “موضع انتقادات، لكن بنشماش تجاهلها بشكل جاف”. وتحاول هذه الانتقادات الخروج من جبة الصراعات التنظيمية المحضة، والعمل بدلا عن ذلك، بتأطيرها بموقف سياسي أيضا، خصوصا أن التخويف من وجود مشروع قائم لدى الأحرار، ومرتبط بأشخاص داخليين في حزب الأصالة والمعاصرة، يروم تقويض القوة التنظيمية والسياسية لهذا الحزب، ستدفع الكثيرين إلى التشكيك في أهلية الأمين العام على قيادة حزبهم في مرحلة انتخابات 2021.