يستمر حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، في إعلان قرارات جديدة ضد معارضيه، بينما يتابع التيار الخصم الأعمال التحضيرية للمؤتمر الرابع للحزب دون اكتراث كبير. ولا يبدو أن الضربات التي يوجهها بنشماش إلى معارضيه، قد أضعفت عزيمتهم للتطويح به. فقد قال قيادي بالتيار الخصم للأمين العام، وهو عضو بالمكتب السياسي للحزب، “إن العمل على الوثائق التي ستقدم إلى المؤتمر المقبل مستمر، وسيجري عقد المؤتمر الرابع في موعده دون أي تأخير، ودون أي التفات لقرارات بنشماش”. بنمشاش الذي قرر عزل محمد حموتي عن منصبه كرئيس للمكتب الفيدرالي، عاد بعد منتصف ليلة الأربعاء، ونشر بلاغا ثانيا يجرد فيه من عضوية المكتب الفيدرالي جمعا من أعضائه الذين عينهم الحموتي. بنشماش قال إن تعيين هؤلاء الأشخاص في المكتب الفيدرالي، وتمتيعهم لاحقا بالعضوية في اللجنة التحضيرية للمؤتمر، جرى “دون استشارة معه أو طلب رأيه” بخصوصها. ويتعلق الأمر بكل من جمال هاشم، وسرحان لحرش، وهشام عيروض، وفتاح أخياط، وحميد نهري. وقد أحيلت ملفات هؤلاء على لجنة التحكيم والأخلاقيات الذين يتهمون من لدن الأمين العام ب”القيام بأفعال أو ممارسات مخلة بسمعة الحزب ومصداقيته”. لكن قياديا في التيار الخصم لبنشماش، رد بالقول إن بنشماش بصدد القيام بعملية “تطهير سياسي” وليس أي شيء آخر. ويضيف أن: “هؤلاء الأعضاء عينوا قبل أزيد من أربعة شهور في المكتب الفيدرالي، ومن الصعب الاقتناع بأن بنشماش لم ينتبه إلى أن وضعيتهم غير سليمة كما يزعم، حتى هذا الوقت بالضبط، أي في المرحلة التي قرر فيها رئيس المكتب الفيدرالي، ومعه هؤلاء الأعضاء، الوقوف ضده”. وتثير قرارات الإحالة المتكررة لبنشماش لملفات أعضاء بارزين للحزب على لجنة التحكيم والأخلاقيات، جدلا كبيرا حول خلفياتها. ويقول التيار الخصم لبنشماش إن الإحالات “سخيفة للغاية، ولا يمكن أن ينتج عنها أي أثر”، بدعوى أن لجنة التحكيم والأخلاقيات لم تجتمع طيلة سنوات، ولم تبت في ملف منذ ما لا يقل عن أربع سنوات. وحتى عندما قام إبراهيم جماني بصفع بنشماش داخل اجتماع رسمي بمقر الحزب قبل شهر، لم يجر بتاتا إحالة القضية على لجنة التحكيم والأخلاقيات. ويعتقد خصوم الأمين العام أن الرجل قد “انتقل إلى ملاحقة معارضيه بطريقة تنم عن فقدانه السيطرة”. ويُتهم بنشماش باستعمال الوسائل المتاحة لمؤسسة الأمين العام بفضل موارد الحزب، لتنفيذ أعمال يكون الغرض منها إضعاف معارضيه. وقال عضو في التيار الخصم: “إننا نتعرض لحرب قذرة”، بيد أن عبداللطيف وهبي، عضو المكتب السياسي، وخصم بنشماش، خفف من حجم تأثير هذه الوسائل وقال ل”أخبار اليوم”: “ليس هناك شيء ينبغي علينا إثباته في هذه المرحلة.. إذا كان هناك من شخص فقد قدرته على السيطرة، فهو الأمين العام، ومن الواضح أن تسريب أشرطة الفيديو ليست سوى الأثر العملي لفقدان التحكم في مشاعر الغضب عنده”. وفي سابقة من نوعها في عمل الأحزاب بالمغرب، جرى تسريب شريط فيديو للعموم لاجتماع المكتب السياسي الأخير الذي تلا فيه بنشماش قراراته. وبالرغم من عدم وضوح السبب الذي قد يدفع إلى تسريب مثل هذا الشريط الذي لم يخضع لأي مونتاج، خصوصا وأن الشريط لا يتضمن أي مشاهد مخلة بأخلاقيات العمل السياسي يمكنها أن تنسب إلى هذا الطرف أو ذاك، إلا أن تيار بنشماش لم يعلن مسؤوليته عن التسريب، لكن التيار الخصم يرى بأنه “واضح من قام بهذا العمل”، وكما قال وهبي، فإن من “حرص على استقدام مصور إلى الاجتماع، ثم على تذكيرنا كل بضع دقائق بأننا نخضع للتصوير كي نكون مسؤولين أمام الحقائق، هو نفسه دون شك من سرّب الفيديو”. والغريب أن بنشماش أعلن في الاجتماع المذكور بأن التصوير يجري لحماية المداولات من الأخبار الزائفة الرائجة في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، على حد زعمه، وهو ما يستشف منه وكأنه ينطوي على “سبق ترصد لتسريب الشريط لاحقا”، كما قال وهبي. والأكثر غرابة أن خديجة الكور، الناطق الرسمي باسم الحزب، ألقت كلمة في بداية الاجتماع أعقبت خطاب الأمين العام، هددت فيها كل من يسرب أشرطة اجتماعات المكتب السياسي بالملاحقات بالمحاكم. ولم يحدث مرة أن سُرّب شريط فيديو لاجتماع المكتب السياسي بهذه الطريقة، ولذلك يعتقد التيار الخصم أن بنشماش والموالين له كانوا يحضرون لهذه العملية منذ البداية، لكن ضبط النفس في الاجتماع من لدن التيار الخصم “ضيّع فرصة إظهار خصوم بنشماش وكأنهم أشخاص عنيفين وغير ملتزمين بالأخلاق، وفق ما كانت عليه الخطة”، كما يرى وهبي. ورغم أن هذا التيار غير مهتم بأي مطالبات بخصوص هذا التسريب، إلا أن ذلك لا يغطي عن حقيقة أن الحرب داخل “البام”، قد أصبحت مفتوحة.