حرب التصفيات مستمرة داخل حزب الأصالة والمعاصرة. ففي ضربة واحدة، عزل الأمين العام للحزب عبدالحكيم بنشماش، أمس الخميس، 9 أمناء جهويين للحزب من مناصبهم، بعد ساعات فقط، من شروع بعض الأمانات الجهوية في طرد موالين لبنشماش من صفوف الحزب برمته. المعنيون بالعزل المفاجئ، هم الأمناء الجهويون لكل من بني ملال- خنيفرة، مراكش أسفي، العيون الساقية الحمراء، درعة تافيلالت، الرباط -سلا–القنيطرة، سوس ماسة، الدارالبيضاءسطات، كلميم وادنون، والداخلة وادي الذهب. بنشماش علل هذا العزل الجماعي للقيادات الجهوية لحزبه بالمادة 69 من النظام الداخلي. هذه المادة تنص كما قال، على أنه “يُمارس المنسقون الجهويون المعينون بناءً على مقرر المجلس الوطني في دورته العشرين مهام الأمناء الجهويين، إلى غاية اليوم الثلاثين الذي يلي الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية”. وتبعا لذلك، فإن بنشماش رأى أن استمرار مزاولة المنسقين الجهويين بهذه الجهات، لمهام الأمناء الجهويين بعد انصرام الأجل المنصوص عليه في هذه المادة “يشكل عملا لا سند له” في النظام الأساسي أو في النظام الداخلي، مما تكون معه مناصب الأمناء الجهويين في الجهات المذكورة في حالة شغور”. وبحسب تفسير بنشماش، فإن الأمناء الجهويين المعينين بمقرر صادر عن الدورة العشرين للمجلس الوطني للحزب بتاريخ 14 نوفمبر 2015، انتهت ولايتهم الشرعية في الأسبوع الأول من شهر نونبر عام 2016، أي قبل حوالي سنتين ونصف. غير أن خصومه لديهم رواية مختلفة عن هذه الطريقة التي استند عليها الأمين العام لتعليل في قراره، فالمادة 69 من النظام الداخلي بحسب عبد اللطيف وهبي من التيار الخصم للأمين العام، “جرى إلغاؤها لاحقا في دورة للمجلس الوطني للحزب”، مستغربا من “الكيفية التي بعث فيها بنشماش نصا ملغيا وأقحمه في تعليل تدابير تنظيمية جديدة”. معتبرا أن “منطق التصفيات الذي دخله بنشماش لم يعد مشروعا لا سياسيا ولا قانونا”. المادة المعنية خضعت بالفعل لتعديل بحسب نسخة من محاضر دورة للمجلس الوطني عقدت يوم 22 أكتوبر من العام 2017 بالصخيرات. فقد أصبح منطوقها الجديد يقول إن الأمناء الجهويين يمارسون مهامهم “إلى غاية تنظيم المؤتمر الجهوي”، ولم يعد هناك وجود لعبارة “بعد 30 يوما من تاريخ الانتخابات التشريعية”. ويطعن التيار الخصم لبنشماش بشكل كلي في القرارات الصادرة عن الأمين العام بدعوى أن “هذه القرارات مجرد تتمة لملاحقات سياسية لمعارضي الأمين العام”، بحيث يقول قيادي في هذا التيار، إن الأمين العام “تذكر وجود هذا الأمر فقط، عندما أصبحت هذه الأمانات الجهوية خصما له في تدبير ترتيبات المؤتمر الرابع.. لم تكن مطروحة على جدول أعماله منذ حوالي عامين، وهو بمنصبه كأمين عام”. وبالفعل شرعت بعض الأمانات الجهوية للحزب، وأساسا الأمانة الجهوية في الدارالبيضاء-سطات، التي يرأسها صلاح الدين أبو الغالي، ليلة الأربعاء/الخميس في طرد جماعات من الأعضاء المحسوبين على تيار بنشماش بسبب “مخالفات لقوانين الحزب وأخلاقياته”. وركزت قرارات الطرد من هياكل الحزب في جهة الدارالبيضاء على منتسبين إلى شبيبته، طلبت الكاتبة العامة، نجوى كوكوس، باتخاذ الإجراءات العقابية في حقهم بعد قيامهم بأنشطة دون ترخيص، أو مخالفتهم للأخلاق. ويحاول بنشماش احتواء صدور أي قرارات جديدة في هذا السياق، بإعلان عدم شرعية مصدّرها، وأيضا تعطيل ترتيبات التحضير للمؤتمر العام في الجهات عن طريق إخلاء الهياكل من مشروعية أصحابها الذين يقودونها منذ ثلاث سنوات. ويبدو أن بنشماش عازم على القيام بالعمل عينه إزاء كل أجهزة الحزب، فقد أحال لوائح أعضاء المكتبين السياسي والفيديرالي على لجنة التحكيم والأخلاقيات للتحقق من احترام القواعد المتعلقة بحالات التنافي المحتملة التي قد تعتري أعضاء المكتبين المذكورين. وهذه خطوة إضافية يرغب من خلالها بنشماش التخلص من خصومه في أجهزة القيادة. غير أنها تثير الاستغراب من صمت بنشماش طيلة هذه المدة التي بلغت حوالي عامين، لتصحيح ما يزعم أنه مشاكل جوهرية في عضوية أجهزة الحزب، لا سيما أن الطريقة التي تجري بها هذه العملية الآن، توحي وكأن أجهزة الحزب، مليئة بمنتحلي الصفة، والمنتسبين المزورين. ومع ذلك، ليست هناك آذان صاغية لبنشماش لدى الطرف الآخر. فالتيار الخصم لا يعترف بأي من هذه القرارات الصادرة عن بنشماش، وطلب من الأمناء الجهويين، الذين يرغب الأمين العام في التخلص منهم، بالاستمرار في أعمالهم بطريقة عادية دون الالتفاف إلى الملاحقات الجارية. وقال عضو بالمكتب السياسي مناهض لبنشماش: “لقد جرى إخبار أغلبية أعضاء الحزب، المنتسبين إلى الحركية الجارية الآن، بأن عليهم أن يتعاملوا مع الأمين العام وكأنه غير موجود”.