كيف مر المؤتمر الأخير للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان؟ وما تقييمك للوضع الحقوقي بالمغرب؟ أولا، وجب التوكيد على أن المؤتمر الوطني الثامن انعقد في سياق حقوقي، لا يمكن أن تنعقد هذه المحطة التنظيمية دون أن تفصّل في مجرياته. فبالإضافة إلى كون المؤتمر فرصة لتجديد الدماء والتداول على المسؤولية، فهو أيضا فضاء لفتح النقاش في القضايا المرتبطة بمجال حقوق الإنسان، وكذلك، كانت أروقة المؤتمر الثامن للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، حيث انصب النقاش على أبرز القضايا التي طرحت على طاولة الأسرة الحقوقية بالمغرب، والتي من أهمها الهجوم الممنهج على المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، واعتبار أن كل التجاوزات التي تستهدفهم، إنما تساهم بشكل كبير في نكوص حقوقي يقوض جهود المغرب في مجال الحريات والحقوق ويضرب توصيات تجربة الإنصاف والمصالحة في الصفر. وخلص المؤتمرات والمؤتمرين، إلى أن التطور الخطير الذي تشهده الساحة الحقوقية بالمغرب، أدى إلى تغول لوبي الاستبداد وتمدده واستقوائه ببعض ممن انتسبوا عنوة إلى الطيف الحقوقي وإلى الإعلام، والذين انخرطوا في حملة مفضوحة للتشهير بالمدافعين عن الحقوقيات والحقوقيين. كيف تتابع العصبة تحديات حرية الصحافة وظاهرة التشهير التي انتشرت مؤخرا؟ منذ تأسيس العصبة سنة 1972 كانت ومازالت تناضل من أجل تمتيع رجال ونساء الصحافة بالحرية، وضمان حقهم في التعبير الحر وفق أخلاقيات مهنية متعارف عليها وطنيا ودوليا، غير أن هذا المجال، مع الأسف، ابتُلي ببعض الطارئين الذين يقتاتون على الأخبار الزائفة، ويتكالبون ضد الناشطات والناشطين في ميدان الحريات، ولا حاجة هنا إلى أن أذكر أن بعض وسائل الإعلام، إن صح أن ننسبها إلى أسرة الإعلام، قد كانت أكثر قسوة على بعض النشطاء من الأجهزة نفسها، حيث انخرطت في حملة التشهير بالمتابعين في قضايا ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر، بحرية الرأي والتعبير كالمهداوي وهاجر الريسوني وتوفيق بوعشرين وغيرهم. لقط تابعنا، على سبيل المثال، كيف شحذت مواقع إلكترونية سكاكينها، للطعن في شرف هاجر الريسوني وتلطيخ سمعتها ومحاولة اغتيالها معنويا، وهو أمر مرفوض نستهجنه وندعو المجلس الوطني للصحافة التدخل من أجل إرجاع هذه الأبواق إلى جادة صوابها. كيف تتابع العصبة قضية توفيق بوعشرين على الخصوص؟ كما سبق وأن أشرت في الجواب السابق، فقد نال توفيق بوعشرين قسطا ليس باليسير من حملة التشهير، وتم استهدافه من قبل بعض المواقع الإلكترونية المدعومة من قبل الأجهزة، وقد سبق للمكتب المركزي للعصبة السابق أن أدان هذه السلوكيات الخارجة عن نطاق مهنة المتاعب. كما نبهت العصبة في بيانات متعددة إلى الطريقة الهوليودية التي اعتقل بها مدير جريدة “أخبار اليوم” التي تنهل من أساليب الأنظمة القمعية، والتي لم تحترم الشروط التي نص عليها القانون بخصوص الاعتقال والوضع رهن الاعتقال الاحتياطي، وكذا ضمان مبدأ المحاكمة العادلة، بل إن ما فضح المؤامرة التي حِيكت ضد بوعشرين، هي الأحكام الصادرة ضده ابتدائيا واستئنافيا، والتي تؤكد أن الرجل كان مستهدفا من قبل الأجهزة وأن حسابات ضيقة كانت وراء اعتقاله، عكس ما حاولت الشرطة القضائية والنيابة العامة إلصاقه به من تهم تثير الشكوك، وتأكد أن السبب الحقيقي وراء اعتقاله، إنما هو مرتبط بما يخطه يوميا من مقالات بافتتاحية جريدة “أخبار اليوم”. ما هي أولويات العمل الحقوقي للعصبة في المرحلة المقبلة؟ حسب القانون الأساسي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن المؤتمر الوطني هو أعلى هيئة تقريرية تحدد مسار عمل هذه المنظمة طيلة أربع سنوات بعد المؤتمر، لذلك، فإن هذا الأخير لن تخرج توصياته، للمكتب المركزي والمجلس الوطني، عن مدار شعار: “حماية المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان دعامة لتعزيز الحقوق والحريات”. وبالتالي، فإن نضال العصبة خلال المرحلة المقبلة لن يخرج عن هذا الإطار الذي حدده المؤتمر، هذا بالإضافة إلى استمرار العصبة في تنفيذ التزاماتها المرتبطة بالتكوين والتربية والدفاع عن حقوق المغاربة ضمن تكثلات وائتلافات حقوقية والنضال من أجل إحقاق الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية لكل المغاربة.