في أول تجمع يترأسه بعد خروج حزبه من حكومة سعد الدين العثماني في صيغتها الأخيرة، حل الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، بمدينة فاس وهو يحمل معه مدفعيته الثقيلة، أطلق منها النيران في كل الاتجاهات، حيث هاجم التقنوقراط مدافعا عن الفاعل السياسي، ردا منه كما قال على خطاب التشكيك في كفاءات وقدرات الفاعل السياسي والأحزاب السياسية، كما حذر من الوضع السياسي والاجتماعي الحالي بالمغرب، والذي تسبب بحسبه للمغاربة في حالة من القلق والحيرة، منتقدا تعثر عمليات التنزيل الحقيقي لورش الجهوية ومواصلة المركز لقبضته الحديدية للصلاحيات المخولة للجهات، بحسب تعبير نبيل بنعبد الله. وقال نبيل بنعبد الله، خلال ترؤسه مساء أول أمس الأحد، للجلسة الافتتاحية للمؤتمر الجهوي لحزبه، اختار له المنظمون شعار: “الجهوية ورهان النموذج التنموي الجديد”، وحضره قياديون من “حزب الكتاب” ومؤتمرون قدموا من مختلف أقاليم جهة فاس – مكناس، (قال) مرت 4 سنوات على انتخابات شتنبر 2015 ، والتي شكلت الصيغة الجديدة لما نص عليه دستور 2011 ،بخصوص الجهوية، لكن التنزيل الحقيقي لهذا الاختيار اصطدم وللأسف بعقلية المراقبة الشديدة القائمة على المستوى المركزي، والتي ظلت تمسك بكل الاختصاصات والصلاحيات وتكرس استمرار نظام المركزية على حساب اختصاصات الجهات. وأضاف بنعبد الله، أن الجهوية باتت تحتاج اليوم لقرار سياسي جريء وواضح للدولة، هل نريد تعميم ديمقراطية حقيقية بامتداداتها الجهوية والإقليمية والمحلية، أم لا؟ إذا كان الجواب بنعم، يوضح الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وجب الإقرار بدور المنتخبات والمنتخبين، والذين اختارهم الشعب عبر صناديق الاقتراع لتدبير شؤونهم المحلية، حيث اشتكى نبيل بنعبد الله من الخطاب الذي يتم الترويج له، كما قال، على نطاق واسع، يشكك في قدرات المنتخبين على التسيير، وحجة أصحاب هذا الخطاب، هو تفادي الانحرافات والتلاعبات في تدبير الشأن العام وصرف المال العمومي، وهو ما جعل مروجي هذا الخطاب يبررون بقاء المصالح المركزية في وضع اليد على اختصاصات الجهات. نفس الخطاب سمعناه ونسمعه، يردف بنعبد الله، بخصوص مكونات الحكومة، عبر التشكيك في قدرات وكفاءات الفاعل السياسي على حساب الدفع بالتقنوقراط وأبناء جلدتهم من الكفاءات والمهارات البديلة لأطر الأحزاب السياسية، وهذا يشكل منحى خطيرا يعرفه مغرب اليوم، يعلق بنعبد الله، فإما أن نميل لديمقراطيتنا ونثق في الشعب وقدراته في اختيار من يمثلونه، أو نقر بأننا لا نريد هذه الديمقراطية وننتصر لخطاب التشكيك في الفاعل السياسي والمنتخبين، خصوصا أن الوضع الحالي بالمغرب يثير ما يكفي من القلق والحيرة، ولن يستقيم أي توجه نحو الإصلاح وإنتاج نموذج تنموي جديد، بدون أحزاب سياسية حقيقية قادرة على ملء الفراغ، والتفاعل مع التعبيرات العفوية للشعب، المطالبة بالإصلاح والتغيير وإنهاء حالة القلق والحيرة لديهم. وهاجم بنعبد الله بقوة من سماهم “بالبدائل المصطنعة”، والتي يتم التطبيل لها، في إشارة منه للتقنوقراط، حين قال إن”هذه الكفاءات سبق لها أن فشلت نهاية العقد الماضي في إنقاذ المغاربة وتلميع صورة المغرب، بعدما أوصلته للباب المسدود، والمغاربة مازالوا يتذكرون ما جناه عليهم هؤلاء، فإذا كنتيو غادي تجيبو نفس السلعة، وتعلنون تعويلكم على أطرها وكفاءاتها لتلعب دور المنقذ لرؤية 2021 ، فهذا هراء لن يقبله المغاربة، يوضح الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، مشددا على أن الترويج لكفاءات التقنوقراط على حساب التشكيك في مصداقية ونزاهة أطر وكفاءات الفاعلين السياسيين وأحزابهم، لن يفيد الديمقراطية المغربية. فالمنحرفون والفاشلون، يقول بنعبد الله، موجودون وسط فئة السياسيين ومثيلتها لدى التقنوقراط على حد سواء، وكل اتهام بالفساد المالي والإداري إن وجد، هناك محاكم مختصة، شريطة أن نقدم لها ملفات فساد حقيقية بعيدا عن عمليات الانتقاء الانتقامي لتصفية حسابات سياسية مع أحزاب بعينها لفائدة أحزاب أخرى، حيث طالب بنعبد الله في رسالة وجهها للجهات المعنية كما قال بدون أن يخص أحدا بالاسم، (طالبهم) بإرجاع الثقة للفاعل السياسي وإنهاء خطاب التشكيك في قدرات وكفاءات الفاعل السياسي وأحزابه السياسية. وزاد زعيم حزب الكتاب أن المشروع الإصلاحي الذي قاده الملك محمد السادس منذ اعتلائه للعرش، ساهمت فيه إلى جانب المؤسسة الملكية، الأحزاب الوطنية والديمقراطية، بأفكارها وجهدها ورجالها ونسائها، بدءا من حكومة اليوسفي وصولا إلى الحكومة الحالية، مضيفا أنه لما عاش المغرب هزات اجتماعية، كانت للأحزاب السياسية تحركات مسؤولة واصطفت إلى جانب مؤسسات الدولة لدعم الإصلاح والتغيير في إطار الاستقرار. وحرص الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في نهاية كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر الجهوي لحزبه بفاس، حضره ممثلون عن الأحزاب السياسية، (حرص) على إرسال رسالة صريحة كما وصفها، لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني وحلفائه بالأغلبية الحكومية، حين قال لهم “أيتها الحكومة كوني واعية بأن التدبير الحكومي يتعارض مع سياسة إرضاء الخواطر وضمان الاستمرارية في الحقيبة الحكومية على حساب انتظارات المغاربة”، قبل أن يضيف “السياسة الحكومية تحتاج إلى شحنة ونفس سياسي قوي، وجرأة في مصارحة المغاربة وإطلاعهم على خريطة طريق التدبير الحكومي لما تبقى من ولايتها، خصوصا أن حالة الحيرة والقلق باتت تقض مضجع المغاربة، بالتساوي مع تأزم وضعهم الاجتماعي والاقتصادي، وتراجع معدل الاستثمار بسبب تخوف رجال الأعمال من ضبابية الوضع السياسي والاجتماعي، وفي مقابل ذلك تنشغل مكونات الحكومة بالتطاحن فيما بين قطب يقوده حزب العدالة والتنمية، وآخره يضم تحالف أربعة أحزاب يقودهم الأحرار ضمن مخطط لوضع العصا في العجلة، استعدادا لسباق 2021 ، وهو واقع عشناه، يقول نبيل بنعبد الله، من داخل الحكومة مما عجل بخروجنا منها، ونفس الواقع الحكومي أقر به الخطاب الملكي الأخير خلال افتتاح الملك للبرلمان بداية أكتوبر الماضي.