دفعت أزمة النقل وانتقالها إلى قبة البرلمان، واحتجاجات البيضاويين على اختفاء حافلات النقل الحضري التابعة لشركة «مدينة بيس» من بعض شوارع العاصمة الاقتصادية، وزارة الداخلية للدخول على خط هذه الأزمة التي يبدو أنها مرشحة للمزيد من التفاقم، حيث كشفت مصادر مطلعة ل»أخبار اليوم»، أن هذه الأخيرة قامت باستفسار المصالح المعنية بتدبير قطاع النقل بالجماعة الحضرية للدار البيضاء، عن الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة، والتي تسببت في إرباك حركة تنقل البيضاويين. وتشير مصادرنا، أن وزارة الداخلية، تبحث في تداعيات المرحلة الانتقالية التي اعترف عبدالعزيز العماري، عمدة مجلس مدينة البيضاء، أنها ستكون صعبة، وتسعى السلطات الوصية إلى تقليص مدة تسليم الحافلات الجديدة، والتي لن تكون جاهزة إلا في شهر نونبر من السنة المقبلة 2020. ووسط احتجاجات البيضاويين على سوء خدمات النقل، تعالت أصوات سياسية، تطالب بفتح تحقيق شامل ومستقل حول ما وصفته ب»خروقات المرحلة الماضية، والمرحلة الانتقالية»، وفي هذا الصدد، استنكرت فيدرالية اليسار الديمقراطي طريقة تعامل المنتخبين مع هذا الملف. وفي هذا السياق، ساءلت فيدرالية اليسار في سؤال كتابي، تقدم به نائبها البرلماني، مصطفى الشناوي عن دائرة أنفا، عبدالوافي لفتيت، وزير الداخلية، عن معاناة المواطنين مع الحالة السيئة للنقل العمومي بحافلات الدارالبيضاء، وأسباب تعثر مسؤولي مجلس المدينة عن توفير هذه الخدمة، فضلا عن معاقبة «كل المسؤولين، حول كارثة النقل، والمتواطئين، كيفما كانت صفاتهم». وقال الشناوي في سؤاله إلى وزير الداخلية، «أمام هذا العبث الذي استمر مند تفويت خدمة النقل بالحافلات لتلك الشركة، وإلى حدود سنة 2019 لم تحرك الوزارة الوصية ساكنا، ولم يتحمل ممثلو مدينة الدارالبيضاء مسؤوليتهم في تقييم ما حصل وتقويم الانحرافات وإصلاح الاختلالات، وإيقاف نزيف تبذير المال العام ومحاسبة الشركة التي لم تف بالتزاماتها». وأكد برلماني فيدارلية اليسار، أن «لا شيء من الحالة المزرية للنقل تغيرت، إلى حدود النصف الثاني من سنة انتهاء العقدة، أي 2019 بعدما احتد المشكل وبدأ الرأي العام البيضاوي في التساؤل عن مصير النقل بالحافلات وعن التخوف من عدم استمرار الخدمة بعد فاتح نونبر 2019، وكثرت الشائعات والمغالطات ومناورات البعض مع غياب تام للتواصل وحجب الحق في المعلومة بخصوص مستقبل النقل بالمدينة. إلى حين أن سمعنا بشكل غير رسمي بأن طلب العروض الذي فتحته مؤسسة التعاون بين الجماعات 19 قد حسم في اختيار الشركة الوحيدة! ثم سمعنا، كذلك، بشكل غير رسمي عن وضع الشركة السابقة تحت الحراسة من طرف سلطات الدارالبيضاء، وتكليف الشركة الجديدة بتدبير «مرحلة انتقالية» وقبل أن توقع العقدة مع المدينة! والمزمع توقيعها قريبا، ثم علمنا كذلك بشكل غير رسمي بأن حافلات جديدة قررت المدينة شراءها لن تكون متوفرة إلا شهر نونبر 2020». وتساءل الشناوي في سؤاله إلى وزير الداخلية، «هل تم القيام بتقييم حقيقي وموضوعي لمدة 15 سنة من التدبير المفوّض، والوقوف على عمق الاختلالات وتفعيل قرارات وملاحظات المجلس الأعلى للحسابات وتحديد المسؤوليات عن الوضع الكارثي لهذا المرفق العام وربط المسؤولية بالمحاسبة؟ ودعت فيدرالية اليسار، وزارة الداخلية بتفعيل لجنة تتبع قطاع النقل، «التي تضم المنتخبين والسلطات، فهي لم تجتمع مع الشركة السابقة، سوى مرتين طوال 15 سنة، بل حتى فسخ العقد من الشركة السابقة لم يتم بمبادرة من الأغلبية الحالية، على الرغم من صرخات المواطنين والمجتمع المدني، بل إن الأغلبية الحالية انتظرت أربع سنوات كاملة، لعدم تجديد العقد مع مدينة «بيس»، عوض فسخه، ومحاسبة الشركة، والمتواطئين معها في الخروقات الجسيمة، المرتكبة في حق البيضاويات، والبيضاويين». وشدد الشناوي بأن تغيير الفاعل المفوض، في إشارة إلى شركة «ألزا» التي عهد إليها بتوفير حافلات النقل، «ليس كافيا لتحقيق الآمال، والتطلعات المشروعات لسكان الدارالبيضاء». وفي الوقت الذي شدد فيه محمد بورحيم، نائب عمدة مجلس مدينة الدارالبيضاء، المفوض له في تدبير قطاع النقل، في اتصال مع الجريدة، أنه لم تعد له علاقة بملف النقل، لأنه أصبح من اختصاصات مؤسسة التعاون بين الجماعات، كشفت إيمان صبير، رئيسة المؤسسة، قبل أيام استدعاء المدير العام لشركة «مدينة بيس»، بمقر ولاية الدارالبيضاء وتبليغه بشكل رسمي وأمام مفوض قضائي بالقرار القاضي بالوضع الكلي للشركة تحت الحراسة، مضيفة أنه «تم إحلال مقاولة أخرى محل المفوض له المخل بالتزاماته، ضمانا لاستمرارية الخدمة محل التعاقد على النحو المطلوب عرفا وقانونا». وأرجعت صبير سبب تنفيذ القرار إلى «الحالة المتردية لأسطول الحافلات المستعمل من قبل الشركة المفوضة، ثم نظرا إلى خطورة ذلك على السلامة العامة، واستدراكا لحالة التقصير القصوى وما يستتبعها من أخطاء ومخاطر». يشار إلى أنه بتنفيذ القرار المذكور، تكون شركة «نقل المدينة» قد غادرت بشكل فعلي تدبير قطاع النقل، وحلت مكانها شركة «ألزا» الإسبانية التي فازت بصفقة تدبير القطاع ابتداء من مطلع السنة المقبلة، لتشرف على المرحلة الانتقالية.