ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السنوات الخمس الماضية كانت الأكثر سخونة على الإطلاق
نشر في اليوم 24 يوم 06 - 10 - 2019

لن أكون شاهدا صامتا على جريمة تدمير حاضر العالم وتدمير حق الأجيال القادمة في مستقبل مستدام. علينا القيام بكل ما يمكن لوقف أزمة المناخ، وهي تقع على عاتق قادة العالم وزعمائه”، هذا آخر تصريح خاطب به المسؤول الأممي، أنطونيو غوتيريس، زعماء العالم، والمشاركين في قمة العمل المناخي في مقر الأمم المتحدة نهاية الشهر الماضي، لخص فيه بما لا يدع مجالا للشك بأن خطرا محدقا يتهدد مدنا في العالم بالاختفاء من على وجه البسيطة، بسبب جريمة تدمير العالم وتقاعس المنتظم الدولي، وفي المقدمة الدول الصناعية الكبرى.
فحسب غوتيريس “الطبيعة غاضبة ونحن نخدع أنفسنا إذا كنا نعتقد أن بإمكاننا أن نخدع الطبيعة”. وبدا واضحا أن من غاية القمة التي جرت فعالياتها في نيويورك، هي الدفع بوتيرة تقدم الحكومات والمجتمعات نحو أجندة العمل المناخي، كما يطمح لها الأمين العام، لكن إحجام الدول الصناعية الكبرى، وعلى رأسها أمريكا، يفشل كل المخططات التواقة إلى الحد من التغيرات المناخية وانعكاساتها على الأرض والإنسان.
خطر ارتفاع درجة حرارة العالم
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة زعماء العالم، من تأثيرات تغير المناخ عن قرب، كاشفا، حسب المعطيات الصادمة الصادرة من قلب أحدث التقارير التي تشرف عليها الأمم المتحدة، أن الصيف الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق، وأن شهر يونيو إلى غشت الماضي، كانت أكثر شهور الصيف حرارة في نصف الكرة الشمالي. فيما كشف غوتيريس، أن نصف الكرة الجنوبي كان الأكثر سخونة على الإطلاق، مسجلا مستويات حرارة عالية. كما ذكَّر غوتيريس بأن السنوات الخمس الأخيرة منذ 2015، إلى غاية اليوم، كانت الأكثر سخونة على الإطلاق منذ بداية تسجيل درجات الحرارة العالمية.
الأرض تطلق صرخة استغاثة
الأمين العام قال في كلمته، إن درجات الاحترار غير المسبوقة التي يشهدها الكوكب، ينبغي أن تمثل “صرخة تقشعر لها الأبدان”، وتدعو العالم إلى التوقف والتفكير في مصير كوكب الأرض، مشددا بلغة تحذيرية صارمة، “ما لم نقم بتغيير أساليب حياتنا بشكل عاجل، فإننا نعرض الحياة للخطر”، مذكرا بما تشهده “مستويات البحار من ارتفاع وذوبان الأنهار الجليدية وتآكل الشعاب المرجانية، وانتشار ظواهر الجفاف وحرائق الغابات، وتوسع الصحاري، وتناقص فرص الوصول إلى المياه”، وغيرها من التحديات.
وقال الأمين العام إنه شاهد بنفسه تأثيرات الكوارث المناخية “من دومينيكا إلى الساحل إلى جنوب المحيط الهادئ، حيث تقاتل دول بأكملها من أجل بقائها بفعل ضربات العواصف والأعاصير، محذرا بأقوى العبارات من أن ما نراه من صور من أماكن مختلفة من العالم، “ليست صورا للدمار الراهن فقط”، بل هي صور من المستقبل الذي نواجهه، “ما لم نتصرف الآن”.
هذا، وحسب المتتبعين للتغيرات المناخية الطارئة على كوكب الأرض، فإن “خفض الانبعاثات إلى النصف فقط، وعلى مدى 10 سنوات لن يمنح العالم سوى فرصة 50 في المائة فقط، للبقاء تحت مستوى درجة 1.5 درجة من الحرارة العالمية، وهو ما قد يؤدي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها مرة أخرى”.
الطوارئ المناخية سباق لم يكسبه العالم
كما اعترف الأمين العام للأمم المتحدة بأن جيله فشل حتى الآن في تحمل مسؤوليته عن حماية الكوكب، وهذا “ما يجب أن يتغير، مضيفا أن حالة الطوارئ المناخية الراهنة هي سباق لم يكسبه العالم بعد.
وأشار غوتيريس إلى البدائل التكنولوجية التي يمكنها أن تحل محل أكثر من 70 في من مستوى الانبعاثات اليوم، وهي التي قد صارت متاحة الآن بسهولة أكبر، موضحا أن هناك تكلفة في كل شيء، لكن التكلفة الأكبر التي سيواجهها العالم، هي أن لا يفعل شيئا بخصوص أزمة تغير المناخ. وقال غوتيريس، إن العالم يكذب الحقيقة الواضحة كالنهار، وهي أننا في حفرة مناخية عميقة وللخروج منها علينا أن نتوقف أولاً عن الحفر.
مخاطر الاحترار على الغلاف الجوي
وعلاقة بالتحذير الأممي من تهديدات التغيرات المناخية، كشف تقرير جديد صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أن الاحترار قد تجاوز بالفعل مستوى ما قبل العصر الصناعي بدرجة مئوية، بسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الماضي والحاضر. وبحسب التقرير ثمة دليل دامغ على أن لهذا آثارا بالغة على النظم الإيكولوجية والناس.
ويشير التقرير الصادم الصادر في شأن المحيطات والغلاف الجليدي في ظل مناخ متغير، إلى أهمية حصر الاحترار العالمي عند أقل حد ممكن، وبما يتماشى مع الهدف الذي حددته الحكومات ذاتها في اتفاق باريس سنة 2015.
وهو التقرير الذي يركز على الضرورة الملحة لتحديد الأولويات لتنفيذ أنشطة سريعة وطموحة ومنسقة للتصدي للتغيرات غير المسبوقة والمستمرة في المحيطات والغلاف الجوي، مشيرا إلى فوائد اتخاذ إجراءات طموحة وناجعة للتكيف من أجل تحقيق التنمية المستدامة، كما يكشف عن التكاليف والمخاطر المتصاعدة المترتبة على التأخر في اتخاذ تلك الإجراءات.
ومن بين الأمور التي أبرزها تقرير الهيئة الحكومية الجديدة أن المحيطات والغلاف الجوي – أي الأجزاء المتجمدة في عالمنا- تؤدي دورا حاسم الأهمية في الحفاظ على الحياة على الأرض. كما يوضح واضعو التقرير أن ما مجموعه 670 مليون شخص في المناطق الجبلية العالية، و680 مليون شخص في المناطق الساحلية المنخفضة، يعتمدون اعتمادا مباشرا على هذين النظامين. فيما يعيش أربعة ملايين شخص بشكل دائم في المنطقة القطبية الشمالية، وتأوي الدول الجزرية الصغيرة النامية 65 مليون شخص.
وصرح هوسونغ لي، رئيس الهيئة بأن “البحار المفتوحة والمنطقة القطبية الشمالية والمنطقة القطبية الجنوبية والمناطق الجبلية العالية قد تبدو لكثير من الناس بعيدة جدا. غير أننا نعتمد عليها ونتأثر بها بشكل مباشر وغير مباشر بوسائل شتى – مثلا من خلال الطقس والمناخ، والغذاء، والماء، والطاقة، والتجارة، والنقل، والأنشطة الترفيهية والسياحة، والصحة والرفاه، والثقافة والهوية”.
كما أكد أنه إذ “خفضنا الانبعاثات بدرجة كبيرة ستظل آثارها على الناس وسبل العيش شديدة، ولكن سيكون من الممكن للسكان الأكثر ضعفا التعامل معها.. إننا سنزيد بذلك إمكاناتنا لبناء القدرة على المقاومة”.
الأنهار الجليدية تتقلص بنسبة 80 في المائة
من خلال تسليط الضوء على أهمية اتخاذ إجراءات منسقة وطموحة وعاجلة للتخفيف من آثار ظاهرة الاحتباس الحراري، يحذر تقرير تغير المناخ من أن الأنهار الجليدية والثلج والجليد والتربة الصقيعية آخذة في الانحسار بشكل مطرد. ففي أوروبا وشرق إفريقيا ومنطقة الأنديز المدارية وإندونيسيا، من المتوقع أن تفقد الأنهار الجليدية الصغيرة أكثر من 80 في المائة من كتلتها الجليدية الحالية بحلول عام 2100، في ظل أسوأ سيناريوهات الانبعاثات المرتفعة.
ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة المخاطر التي يتعرض لها الأشخاص، ومنها تزايد الانهيارات الأرضية والجليدية وسقوط الصخور والفيضانات.
الجليد ينصهر ومستوى سطح البحر يرتفع
تفقد الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية في المناطق القطبية والجبلية كثيرا من كتلتها، مما يسهم في زيادة معدل ارتفاع سطح البحر، علاوة على تمدد المحيطات بسبب زيادة حرارتها.
وبحسب التقرير الأممي، “بينما يرتفع مستوى سطح البحر بمقدار 15 سم تقريبا خلال القرن العشرين، فإنه يرتفع الآن أكثر بكثير من ضعف هذه القيمة، بل إن هذا المعدل آخذ في الارتفاع”.
وقال بانماو تشاي، الرئيس المشارك للفريق العامل الأول التابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ: “إن التغييرات في توافر المياه لن ينحصر أثرها على السكان في هذه المناطق الجبلية العالية فحسب، إنما سيؤثر أيضا على مجتمعات محلية بعيدة عن المصب بكثير”.
مخاطر الاحتباس الحراري والواقع الفعلي
من جانبها، تكشف المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إلى جانب منظمات علوم المناخ، أن الفجوة صارخة ومتنامية بين الأهداف المتفق عليها لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري والواقع الفعلي لتحقيقها.
ففي تقرير جديد عن التغيرات المناخية صدر تحت عنوان: “متحدون في العلم”، وتضمن تفاصيل عن حالة المناخ ويعرض اتجاهات الانبعاثات وتركيزات غازات الدفيئة الرئيسة في الغلاف الجوي، سلط الضوء على الحاجة الملحة للتحول الاجتماعي والاقتصادي الأساسي في القطاعات الرئيسية مثل استخدام الأراضي والطاقة من أجل تجنب ارتفاع درجات الحرارة الخطير في العالم. كما يدرس أدوات لدعم كل من عمليات التخفيف والتكيف.
التقرير الذي صدر عشية قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي “يقدم تقييما موحدا لحالة نظام الأرض في ظل التأثير المتزايد لتغير المناخ البشري المنشأ، واستجابة البشرية حتى الآن والتغيرات بعيدة المدى التي يتوقعها العلم لمناخنا العالمي في المستقبل”، بحسب الفريق الاستشاري لعلوم المناخ الذي أكد أن “البيانات والنتائج العلمية الواردة في التقرير تمثل أحدث المعلومات الموثوقة حول هذه المواضيع”.
كما يبرز الحاجة الملحة إلى تطوير إجراءات ملموسة لوقف أسوأ آثار تغير المناخ. فهو يشير، أيضا، إلى أن العالم شهد أحر فترة على الإطلاق، واستمرار انخفاض الجليد البحري وكتلة الجليد، وتسارع ارتفاع مستوى سطح البحر، وزيادة نسبة الحموضة في مياه البحر، ورقما قياسيا لتركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، ونمو انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 2 في المائة ووصولها إلى رقم قياسي، بلغ 37 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون في عام 2018.
مخاطر فجوة الانبعاثات
وفي سياق متصل، أعدت تقارير الفجوة في الانبعاثات، الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، تقييما لأحدث الدراسات العلمية حول انبعاثات غازات الدفيئة الحالية والمستقبلية، وتقارن هذه التقارير المستويات بمستويات الانبعاثات المسموح بها للعالم للتقدم على طريق أقل تكلفة لتحقيق أهداف اتفاق باريس. يُعرف هذا الفرق بين “المكان الذي من المحتمل أن نكون فيه والمكان الذي يجب أن نكون فيه” بفجوة الانبعاثات.
ومن المنتظر، بحسب هذه التقارير، أن تبلغ الانبعاثات العالمية ذروتها بحلول عام 2030، إذا تم الحفاظ على سياسات المناخ الحالية ومستويات الطموح للمساهمات المحددة وطنيا. وتشير النتائج الأولية من تقرير فجوة الانبعاثات لسنة 2019، إلى أن انبعاثات غازات الدفيئة هي مستمرة في الارتفاع منذ سنة.
وحسب التقارير الأممية دائما، فإن هناك اعترافا متزايدا بأن تأثيرات المناخ تصيب بشكل أصعب وأسرع العديد من مناطق العالم، على خلاف ما تشير إليه التقييمات المناخية حتى قبل عقد من الزمن، فمع تكثيف التغير المناخي، تصبح المدن معرضة بشكل خاص للتأثيرات مثل الإجهاد الحراري، وبسبب ذلك من الضروري المضي قدما في استراتيجيات التخفيف من حدة المخاطر وتحسينها.
وحسب التقرير الأممي من شأن العمل الفوري الذي يشمل إزالة الكربنة بشكل عميق مع استكمالها بتدابير سياسية طموحة وحماية وتعزيز مغاسل الكربون والتنوع البيولوجي، والجهود المبذولة لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، أن يلزم قادة الدول الكبرى على الوفاء باتفاق باريس.
منذ ثلاث سنوات اجتمع المجتمع الدولي في مدينة باريس من أجل بناء نهج جماعي مشترك لمكافحة تغير المناخ، واتفقت حكومات العالم في هذه القمة على بذل الجهود للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من مستوى درجتين مئويتين، إلا أن درجة الحرارة فاقت تلك المستويات ب 1.2 درجة مئوية لتطابق أو حتى تفوق أعلى رقم وصلته أكثر الشهور حرارة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة عالميا. وهذا النزوع في ارتفاع الحرارة مازال ماضيا في التصاعد. وتشير الأحداث المناخية القاسية، التي تشهدها مختلف أنحاء العالم، إلى أن الكوكب يمضي نحو قياسات حرارة تمثل السنوات الخمس الأكثر حرارة على الإطلاق.
فشل اتفاق باريس في مواجهة تغير المناخ
يرى العديد من المهتمين بدراسة تداعيات التغيرات المناخية في العالم، أن اتفاق باريس بشأن تغير المناخ ليس ملزما لدول العالم بشكل قانوني كامل، فالاتفاق لا يحدد للدول كيف تخفض من الانبعاثات، أو يفرض عليها طرق بناء مرونتها وقدراتها على التكيف مع المناخ.
فالخطط المناخية الوطنية توضح المساهمات التي وعدت بها كل دولة، وما مقدار الخفض من الانبعاثات الذي قطعته على نفسها. فعلى الرغم من أن الدول النامية تفتقر في كثير من الأحيان إلى الموارد والتمويل والتكنولوجيا الكافية، فإن اتفاق باريس يدعو هذه الدول إلى أن تعلن ما يمكنها المساهمة به من تلقاء نفسها، وما يمكن أن تساهم به، بمساعدة المجتمع الدولي.
وحسب المهتمين، فإن للدول خيارات عديدة للسعي إلى تحقيق أهداف اتفاق باريس، مثل إصدار التشريعات أو إعلان الحوافز المالية وتأسيس السياسات الضريبية التي تشجع الأنشطة التي تقلل من الانبعاثات. فالعديد من المتتبعين يعتقدون أنه يمكن للدول أن تفرض تسعيرة على الكربون، عبر إجراء ضريبي أو عن طريق بناء نظام تجاري له، على اعتبار أنه إذا كان للناس فكرة واضحة عن تكلفة التلوث الكربوني، فإنهم سيستثمرون وينفقون في أنواع وقود أقل تكلفة من ناحية ضريبية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه السياسات أن تساعد في تنظيم التنمية في المناطق الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، مثل المناطق الساحلية التي تواجه خطر ارتفاع منسوب مياه البحر.
دعوات استباقية قبل الكارثة
بالرجوع إلى مضامين اتفاقية باريس، من المفترض أن تقوم البلدان، كل بضع سنوات، بتحسين وتعضيد قائمة مساهماتها الوطنية الخاصة حتى تسعى نحو الأهداف المناخية بطموح متصاعد مع مرور الوقت. وتمسى هذه آلية “التعضيد”، وتشير إلى أن المساهمات الأولية التي قُدِمت لم تكن قريبة بأي حال من الأحوال من المستوى الذي نطمح للوصول إليه. فلو جمعنا حاصل كل المساهمات الوطنية، من كل البلدان، لتخفيض الانبعاثات، سنحقق، في أحسن الأحوال، الثلث فقط، مما ينبغي تخفيضه، حسب أهداف باريس. ومع هذا، فالخلاصة هي أن العالم لا يتحرك بالسرعة الكافية، لأن الانبعاثات المسجلة عالميا تتزايد، ودرجات الحرارة في ارتفاع.
لا توجد منطقة تتفوق بوضوح على أخرى. ولكن هناك دولا ومدنا تحقق تقدما كبيرا. فالعديد من البلدان، بما في ذلك الدول الجزرية الصغيرة النامية في المحيط الهادئ، التي أعلنت أنها في طريقها نحو تحقيق الحياد المناخي.
في نظر المهتمين، فإن العمل المناخي في العديد من الدول الأوروبية يتطلب الاستثمار، ويتطلب تأسيس سياسات حكومية سليمة توفر الحوافز، وتحقق تقدما كبيرا في خفض انبعاثاتها.
يرى المنتظم الدولي أن الدول تحتاج إلى فعل قيادي سياسي أكبر، وإلى الإرادة السياسية، لأن الاستمرار على الحالة الراهنة نفسها سيكون كارثيا، وسيؤدي إلى رفع درجات الحرارة على مستوى العالم بمقدار 3 درجات مئوية، أو أكثر، مع نهاية هذا القرن، فالعالم يحتاج إلى حلول للتصدي لتغير المناخ، لكنه، أيضا، بحاجة إلى استخدام هذه الحلول، وتحويل استثماراته من اقتصاد ملوِّث ورمادي، إلى اقتصاد أخضر نظيف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.