يبعد ممانعته الطويلة ومشاركته منخفضة المستوى الدبلوماسي في مؤتمر البحرين، الذي خصص للشق الاقتصاديلما يعرف إعلاميا ب«صفقة القرن»، تصرّ رياح الطبخة الأمريكية لاستبدال الحقوق الفلسطينية ببعض الفوائدالاقتصادية على طرق أبواب المغرب. ففي سياق الجولة الرسمية التي قام بها صهر ومستشار الرئيس الأمريكي،والعقل المدبر لخطة السلام الأمريكية، جاريد كوشنر، قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إن هذا الأخيرسيصل إلى المغرب في نهاية جولته الرامية إلى الدفاع عن «خطة السلام» الأمريكية. كل من الصحيفة الإسرائيلية ونظيرتها الأمريكية ربطتا جولة كوشنر الجديدة بتفعيل ما خلص إليه مؤتمر البحرينالشهر الماضي، أي التنزيل الفعلي للبنود المالية والاقتصادية للخطة، وتأسيس الصناديق المالية التي يفترض أنتتولى هذه المهمة، وتحديد مقراتها… فيما ذهبت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية إلى أن كوشنر حلّ،بالفعل، بالمغرب مساء أول أمس الخميس، مباشرة بعد مقابلته الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالقاهرة. وتستبعد الخطة الأمريكية نهائيا خيار قيام دولة فلسطينية، وتقتصر على فكرة الحكم الذاتي، مع تحقيق «الرخاءالاقتصادي» للفلسطينيين. ما كشفته الصحيفة الإسرائيلية، نقلا عن مصادر قالت إنها من الإدارة الأمريكية، جاء بعد إعلان موقع «360» المغربي وصول وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، بشكل طارئ، إلى مدينة طنجة، ومقابلته نظيره المغربي،ناصر بوريطة، زوال أول أمس الخميس، أي قبيل وصول كوشنر، حسب رواية الصحيفة الإسرائيلية. وقد أكدت مصادر «أخبار اليوم» وصول الوزير الأردني ونظيره العماني، يوسف بن علوي، إلى المغرب، وفي المقابل،امتنعت عن تقديم أجوبة تؤكد أو تنفي وصول جاريد كوشنر إلى المغرب ومقابلته ولي العهد الإماراتي داخل المملكة،فيما عرف صباح أمس محيط أحد فنادق العاصمة الرباط، التي تستقبل عادة كبار الضيوف الأجانب، حضورا أمنيامكثفا، إلى جانب وجود عدد من السيارات التابعة للسفارة الأمريكية في مدخله. وذهبت «جيروزاليم بوست» إلى أن صهر دونالد ترامب التقى ولي العهد الإماراتي، محمد بن زايد، في المغرب، علماأن آخر ما أعلن في الأجندة الرسمية للحاكم الفعلي للإمارات العربية المتحدة، كان وجوده في إندونيسيا، بدءا من24 يوليوز الماضي، ثم العاصمة الماليزية كوالالمبور، حيث التقى ولي العهد الإماراتي، قبل يومين، مسؤولين محليين. وقد كان ولي العهد الإماراتي قد التقى العاهل الأردني، عبد الله الثاني، في أبوظبي، يوم السبت 27 يوليوز الماضي،حيث تطرقا إلى «الأحداث والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، وتداعياتها، وتبادلا وجهات النظر بشأن عددمن القضايا ذات الاهتمام المشترك»، يقول مصدر رسمي. وقالت «جيروزاليم بوست»، نقلا عما تسميه مصادر مسؤولة، إن لقاء كوشنر مع محمد بن زايد كان يفترض أن يكونفي الإمارات العربية المتحدة، لكنه جرى في المغرب في آخر لحظة، مضيفة أن المسؤول الأمريكي التقى أيضا وزيرالخارجية العماني، يوسف بن علوي بن عبد الله. وفي حال تأكد كل هذه المعطيات، فإنها تعني انعقاد قمة غير معلنةللأطراف المعنية ب«صفقة القرن» داخل المغرب، سواء منها الأطراف المبادرة، أي الولاياتالمتحدةالأمريكية، أوالداعمة مثل الإمارات العربية المتحدة، أو المتحفظة مثل المملكة الأردنية. وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن كوشنر كان رفقة المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، جايسنغرينبالت، والممثل الخاص في الملف الإيراني ريان هوك، ونائب مساعد الرئيس الأمريكي، أفي بركويتز. وقالتاليومية إنه وبعدما كان لقاء بين الوفد الأمريكي وولي العهد الإماراتي مرتقبا في أبوظبي، جرى في النهاية بالمغرب. وكانت العاصمة المصرية، القاهرة، آخر محطة معلنة في جولة كوشنر إلى غاية زوال أمس، حيث كان قد التقى صهرترامب الرئيس عبد الفتاح السيسي زوال الخميس. وقال الرئيس المصري عقب اللقاء إن بلاده تدعم الجهود الراميةإلى التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. وقالت وكالة الأنباء «أسوشيتد بريس» إن السيسي أحبطالخطط الأمريكية بشأن انتقال أي فلسطيني إلى سيناء، وطالب بضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتهاالقدس الشرقية. وكان كوشنر قد التقى قبل يوم واحد من ذلك العاهل الأردني، عبد الله الثاني، في العاصمة الأردنية عمان، كما التقىفي تل أبيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وأفاد بلاغ صادر عن الديوان الملكي الأردني، الأربعاءالماضي، بأن الملك، عبد الله الثاني، جدد، خلال استقباله كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، تأكيد«ضرورة تحقيق السلام العادل والدائم، بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو1967، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، استنادا إلى حل الدولتين». وفي خطوة يراد منها إظهار المبادرة الأمريكية كما لو قدمت شيئا لفائدة الفلسطينيين، أعلنت الحكومة الإسرائيلية،مساء الأربعاء، ومباشرة بعد لقاء كوشنر مع نتانياهو، موافقتها على بناء 700 منزل للفلسطينيين في جزء من الضفةالغربية المحتلة، مقابل بناء ستة آلاف وحدة سكنية استيطانية.