في الوقت الذي تتعرّض فيه الطبقة السياسية المغربية لضغوط كبيرة من أجل حملها على تمرير مشروع قانون يفتحالباب أمام هيمنة اللغة الفرنسية على المستويات التعليمية دون المستوى الجامعي؛ دخلت الجزائر مرحلة تعويضاللغة الفرنسية بنظيرتها الإنجليزية في مؤسساتها الجامعية، وذلك بهدف تطوير مستوى البحث العلمي وفتح آفاقجديد أمام الجزائريين. وزير التعليم العالي الجزائري فجّر النقاش الذي تصاعد في الجزائر في السنوات القليلة الماضية، حين أعلن بشكلرسمي أثناء زيارته إحدى المؤسسات الجامعية يوم 8 يوليوز الجاري، توجيه وزارته أوامرها إلى المؤسسات الجامعيةمن أجل القيام بالتحضيرات اللازمة لتعويض اللغة الفرنسية المهيمنة حاليا في الجامعة الجزائرية، بنظيرتهاالإنجليزية. «وزارة التعليم العالي ستقوم بوضع الميكانيزمات الضرورية في إطار اللجان البيداغوجية للجامعات، لدعم استخداماللغة الإنجليزية في البحث»، يقول الوزير الطيب بوزيد في تصريح نقلته وكالة الأنباء الجزائرية. المسؤول الحكومي الجزائري أوضح في الحديث نفسه أن استعمال اللغة الانجليزية في الجامعة، يتيح للبحوثالعلمية بروزا أكبر على الصعيد العالمي، مضيفا أن هذه الخطوة أساسية في مسار تحويل النتائج التي تتوصل إليهاالمختبرات العلمية، إلى حقيقة علمية. وشدّد الوزير الجزائري على أن قراره جاء استجابة للمطالب التي عبّر عنهاالطلبة الجزائريون، والذين يرغبون في الحصول على اعتراف أكبر بشهاداتهم في الخارج، وهو ما يمرّ عبر استعمالاللغة الإنجليزية. وفيما كانت وزارة التعليم العالي الجزائرية، قد أطلقت استفتاء لمعرفة موقف الجزائريين، أبانت النتائج الأولية عنهيمنة الموقف المؤيد لهذا التحول، فيما شدّد الوزير في أحد تصريحاته، على أن للجزائر لغتين وطنيتين هما العربيةوالأمازيغية، وأن استعمال لغة أجنبية يجب أن يقتصر على البحث العلمي، وهو ما يؤدي إلى اعتماد اللغة الإنجليزيةبدل الفرنسية. تحولات تتم في بلد يعتبر الأكثر تأثرا بالفترة الاستعمارية، لكونها امتدت لأكثر من 130 من الاحتلال الفرنسيالمباشر. وضع كان قد منح اللغة الفرنسية انتشارا وتجدرا كبيرين في الجزائر، خاصة أن الاستعمار الفرنسي كانيمنع التدريس باللغة العربية ويفرض لغته كأداة وحيدة للتعليم. إلا أن السنوات القليلة الماضية عرفت ارتفاع أصواتمطالبة بالخروج من السيطرة اللغوية الفرنسية، والاتجاه نحو الانفتاح على اللغة الإنجليزية، باعتبارها الأقوىحضورا عالميا والأكثر ارتباط بالمجالات العلمية المتطورة. تطلّعات غذّتها المراكز اللغوية الأجنبية، الأمريكيةوالبريطانية على الخصوص، حيث عرفت الجزائر ارتفاعا ملحوظا في الإقبال على تعلم لغة شكسبير. في المقابل،بادرت فرنسا في الفترة الأخيرة إلى تخصيص دعم مالي أكبر لمراكزها المنتشرة في الجزائر، حيث ناهزت قيمة هذاالدعم 14 مليون أورو، وذلك في محاولة لحماية معاقل اللغة الفرنسية. مطلب نقل الجامعة الجزائرية من استعمالالفرنسية إلى اعتماد الإنجليزية لغة أجنبية أولى، كان قد برز بقوة في صيف العام 2016، حيث كانت الحكومةالجزائرية قد أعلنت عزمها على الشروع في هذا التحوّل، لكنه سرعان ما تم تجميده في ظل شبهات بممارسة فرنسالضغوط في هذا الاتجاه. الفكرة تحوّلت حينها إلى مبادرة شعبية، حملت اسم «المبادرة الجزائرية لمراجعة المنظومةالتربوية»، والتي ظلت تترافع من أجل تحقيق هذا المطلب، إلى أن جاء الحراك الشعبي الحالي، والذي قدّم دعما قويالهذه الفكرة.