أثار خبر تورط برلماني من البيجيدي في الغش في امتحان البكالوريا ضجة إعلامية كبيرة نهاية الأسبوع الماضي، وخلفت قضيته مواقف متضاربة داخل حزبه، بين من يعتبر أن هذا الموضوع جرى استغلاله وتضخيمه، ومن يرى إن البرلماني تورط فعلا في مخالفة عندما أدخل معه ثلاثة هواتف إلى قاعة الامتحان. ودخلت لجنة الشفافية والنزاهة داخل البيجيدي على الخط، وفتحت تحقيقا ينتظر أن تكشف نتائجه خلال الأيام المقبلة. الأمر يتعلق بالبرلماني نور الدين قشيبل، عن دائرة غفساي بإقليم تاونات، الذي قرر اجتياز مباراة البكالوريا، قبل أن يجد نفسه وسط زوبعة إعلامية كبيرة. وقع الحادث يوم السبت 8 يونيو، حين دخل البرلماني قشيبل إلى القاعة رقم2 بثانوية العرفان بالرباط، في الساعة الثامنة صباحا، لاجتياز امتحان الباكالوريا تخصص آداب مرشحا حرا. كانت الفترة الصباحية مخصصة لإجراء امتحان في مادتي اللغة الفرنسية والتربية الإسلامية. بعد حوالي 17 دقيقة، فوجئ قشيبل بمدير المدرسة وهو يدخل إلى القاعة، رفقة شخصين، ويتوجه إليه طالبا منه مرافقته. يروي قشيبل ل«أخبار اليوم» أن المدير سأله إن كان يحمل هاتفا، فرد بأن معه ثلاثة هواتف، وأخرجها من جيبه، ثم سألوه إن كان لديه هاتفا آخر أكثر تطورا، وكان معهم جهاز لكشف الهواتف. يؤكد قشيبل أنه لم يخرج الهواتف من جيبه، ولم يسجل مراقبو الامتحان أي ملاحظة عليه، قائلا إنه «كان يبدو أن مدير المدرسة تلقى تعليمات بالتوجه إلي»، بل إن مدير المدرسة اعتذر إليه فيما بعد قائلا: «لقد وضعوني في موقف محرج». لكن ذلك لا ينفي أن البرلماني وقع في مخالفة، فالقانون الذي ينظم الامتحانات صادق عليه البرلمان، ونص على منع إدخال الهاتف إلى قاعة الامتحان، واعتبر أن مجرد اكتشاف الهاتف بحوزة المترشح يعتبر بمثابة غش. ويعترف قشيبل بأنه نسي وأدخل معه الهواتف الثلاثة، اثنان منها كانا في وضعية إغلاق، وواحد كان في وضعية «كاتم صوت»، واعتذر عن ذلك، لكنه أكد أنه لم يُضبط وهو يستعمل الهاتف، ولم يحرر بهذا الشأن أي محضر. بعد إخراجه من قاعة الامتحان، ومصادرة هواتفه، طلب منه انتظار مجيء مدير الأكاديمية. وقال قشيبل إنه انتظر حوالي ثلاث ساعات، جرى خلالها تسريب الخبر لعدة مواقع، بل إن صورة الهواتف الثلاثة انتشرت بسرعة. بعد طول انتظار، لم يحضر مدير الأكاديمية، بل حضر نائبه الذي سلم النائب هواتفه واعتذر إليه، لكن تداعيات تسريب الخبر والتشهير بالبرلماني كانت قد بلغت مداها. ويؤكد قشيبل أنه لم يكن في حاجة إلى شهادة البكالوريا الأدبية من أجل الحصول على شغل أو من أجل ترقية، فهو أصلا رجل أعمال حاصل على ثلاثة دبلومات علمية عالية في تدبير الجودة (Management Qualité) والاتصالات (Télécommunication) والكهرباء (Electricité، ويملك شركة «نوكاتيل» المختصة في الاتصالات والطاقة والإنارة العمومية، ومقرها بالرباط، ولها فروع في عدة مدن مثل فاس وطنجة، وهي شركة تشغل حوالي 1000 شخص، 20 في المائة منهم أُطر. وعن سبب رغبته في الحصول على بكالوريا أدبية، قال إنه بحكم دخوله عالم السياسة برلمانيا منذ 2016، فكر في الحصول على بكالوريا تمكنه من التسجيل في كلية الحقوق لدراسة القانون وتنمية معارفه. دخل قشيبل غمار السياسة أول مرة مع البيجيدي بترشحه سنة 2015 في الانتخابات الجماعية، ليصبح رئيسا لجماعة مولاي عبد الكريم، بقرية بامحمد، وبعدها سيُصبِح رئيسا لمجموعة «جماعات التعاون» بإقليم تاونات، التي تضم 49 جماعة ترابية، وفي 2016، سيترشح باسم البيجيدي في الانتخابات البرلمانية وسيفوز بمقعد عن دائرة غفساي. وآثار انتشار خبر اتهام قشيبل بالغش، رد فعل داخل البيجيدي. ويرى بعض أعضاء الحزب أن طريقة تسريب خبر غش البرلماني هدفها المس بصورة الحزب، وأنه كان ممكنا، في سياق تعامل عادي، أن يُحتَفظ بالهواتف، ويترك البرلماني يكمل المباراة، كما جرت العادة بالنسبة إلى التلاميذ الذين اكتشفت هواتف بحوزتهم، لكن آخرين انتقدوا اجتياز البرلماني البكالوريا، واعتبروا أن ذلك يمس صورة البرلماني، فضلا عن إدخال هواتف إلى القاعة. ودخلت لجنة الشفافية والنزاهة بالحزب على الخط، معلنة أنها فتحت تحقيقا في الموضوع، وعينت مقررا في هذه القضية، وحصلت على إفادة من قشيبل، الذي نشر بيانا اعترف فيه بإدخال الهواتف الثلاثة إلى قاعة الامتحان، دون أن يستعملها، واعتذر عن ذلك. وحسب عضو في لجنة الشفافية بالبيجيدي، فإنه من الواضح أن قشيبل ارتكب مخالفة بإدخاله الهواتف إلى قاعة الامتحان، لكن «لم يثبت أنه استعملها في الغش». وذهب المصدر إلى أن لجنة الشفافية ستطلب اتخاذ إجراءات للاطلاع على بيانات شركات الاتصالات لمعرفة هل أجرى قشيبل أي اتصال حينما كان في قاعة الامتحان.