كشف الرئيس الجديد للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نزار بركة، معالم النموذج التنموي الذي سينتهي إليه المجلس بعدما كلّفه الملك بإعداد تصوّر يفضي إلى وضع جهات الصحراء على سكة التنمية. كلمة نزار بركة بمناسبة تقديم الخطوط العريضة لنموذج الجديد المقترح للتنمية بالأقاليم الجنوبية، التي ألقيت أمس بمدينة العيون، انطلقت من التشخيص الذي سبق للمجلس في عهد رئيسه السابق شكيب بنموسى أن خلص إليه، والمتمثل في كون الجهود المبذولة والنتائج التي تم تحقيقها في الصحراء، "لم تُمَكِّن من بلورة نموذج تنموي تضامني شامل ومتكامل، يراعي الخصوصيات التي تتميز بها هذه الأقاليم، نموذجٍ مُدْمِجٍ للساكنة بمختلف شرائحها؛ إذ ما تزال تعاني المنطقة من صعوبات الإقلاع الاقتصادي وخلق الثروات المحلية، وإحداث فرص الشغل الكافية لفائدة الشباب، فضلا عن الصعوبات المرتبطة بأنماط الحكامة المعتمدة، وبالسياق الجيو-سياسي عموما". ويقوم مشروع النموذج التنموي الجديد الذي يقترحه مجلس بركة في ثلاث محطات يزورها خلال هذا الأسبوع للاستماع لآراء الفاعلين المحليين، "على رؤية استباقية وشمولية موجهة نحو المستقبل، يحركها الوعي بضرورة ترسيخ أسس تنمية الأقاليم الجنوبية في سياق الدينامية التنموية التي تعرفها المملكة، مع إبراز الخصوصية والمؤهلات التي تزخر بها، واستيفاء شروط التفاعل والتكامل والانسجام مع باقي الجهات المجاورة". وتقوم هذه الرؤية حسب ما أعلنه نظار بركة، على البعد الجيو- استراتيجي للأقاليم الجنوبية، حيث يهدف إلى جعلها جسرا (Hub) للتبادل والنمو المشترك مع دول الجوار والفضاء الإفريقي والأطلسي، "لا سيما في مجالات التجارة واللوجستيك والطاقات المتجددة والخدمات الأساسية من تعليم وصحة، وكذا مصدرا للسلام والاستقرار والازدهار في ظل التوترات واحتدام المخاطر التي تتهدد منطقة الساحل ودول جنوب الصحراء". توجّه فسّره بركة بالمؤهلات التي تتمتع بها الصحراء، والتي قال إنها تجعلها بمثابة بوابة رئيسية نحو إفريقيا لتوطيد التعاون مع اقتصادياتها الواعدة، "في إطار التوجه الاستراتيجي لبلادنا نحو العمق الإفريقي وتطوير الشراكة جنوب-جنوب، وخاصة بعد الزيارة الميمونة التي قام بها جلالة الملك أيده الله إلى عدد من دول غرب إفريقيا". ويتمثل الهدف الأساس لهذا النموذج في خلق دينامية سوسيو- اقتصادية تستثمر مؤهلات المنطقة ومميزاتها، بمشاركة فعالة للساكنة الأقاليم الجنوبية. ويستهدف تحقيق تنمية مسؤولة ومستدامة تعتمد التوازن بين هدف خلق الثروات - وأساسا - إحداث فرص الشغل لفائدة الشباب وحاملي الشهادات من جهة، والتهيئة الترابية المستدامة وحماية البيئة من جهة ثانية، كما ترتكز أيضا على مبدأ التماسك الاجتماعي والنهوض بالثقافات الجهوية والمحلية. ولم تخلو كلمة بركة من إشارات حول ما ستنتهي إليه الوثيقة النهائية التي سيرفعها الى الملك، من تغييرات تمسّ النمط الذي ظلّت تسيّر به جهات الصحراء. ف"اذا كان مشروع النموذج التنموي الجديد المقترح للأقاليم الجنوبية يقوم على تعزيز المكتسبات المشروعة، فإنه يأتي كذلك وخاصة بتحولات مُهيكِلة سواء على مستوى القاعدة الاجتماعية والسياسات القطاعية، أوعلى مستوى أنماط الحكامة؛ سعيا من خلال كل هذا إلى خلق تنمية مندمجة". ومن بين التحولات التي يقترحها المجلس، تحرير وتشجيع المبادرة في القطاع الخاص والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، و ضمان تدبير مستدام للموارد الطبيعية لصالح تنمية المنطقة والساكنة، و تجديد دور الدولة بإرساء حكامة مسؤولة وعادلة أساسها سمو القانون والنجاعة والديمقراطية والمشاركة والثقة...