لجأ مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بمدينة طنجة، إلى خطة ثانية في إطار مساعيه الحثيثة للدفاع عن حدائق المندوبية التي تشغل بال الرأي العام المحلي في عاصمة البوغاز منذ أسبوعين، على خلفية محاولة الإجهاز عليها وفتحها أمام مشاريع إسمنتية، حيث أقدم رئيس المرصد على إيداع عريضة تحمل توقيعات المواطنين، إلى رئيس المجلس الجماعي لطنجة، البشير العبدلاوي، أول أمس الأربعاء، مطالبا المجلس بتثمينها. وأكد المحامي عبد العزيز الجناتي، رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، ل “أخبار اليوم”، أن العريضة تحمل أكثر من 500 توقيع، وهو رقم أكثر من الحد الأدنى من التوقيعات المنصوص عليها في قانون الملتمسات والعرائض المقدمة للسلطات العمومية، والذي صدرت مراسيمه التنظيمية أواخر سنة 2015. وطالب المرصد من مجلس البشير العبدلاوي، عمدة عاصمة البوغاز، حسب ما جاء في مضمون العريضة التي توصلت الجريدة بنسخة منها، أنه بناء على مقتضيات المادة 87 من قانون الجماعات الترابية، يجب الإسراع بالعمل على تأهيل الفضاء، وإخراج مشروع مندمج وإدراج نقطة في جدول دورات أعمال المجلس المقبلة، قصد المصادقة عليه. وأبرز المرصد أن الأسباب الداعية إلى تقديم العريضة المذكورة، تتمثل في الأخطار الكبيرة التي باتت تهدد استمرارية أحد أهم الفضاءات الطبيعية بالمدينة القديمة، والذي يتميز بخصائص متفردة بحمولة تاريخية وبيئية وأدوار اجتماعية وثقافية وسياحية هامة. كما يتوفر موقع حدائق المندوبية بحسب نفس المصدر، على مؤشرات دالة على توافر كنوز ثمينة ضاربة في العمق التاريخي للمدينة تصل إلى الفترة الرومانية، كما أنها تتوفر على أشجار معمرة، فضلا عن كونها تجاور مقبرة إسلامية ومسيحية، تعود لفترة الإدارة الدولية على طنجة. وتهدف العريضة حسب معديها، إلى الاستثمار الأمثل لفضاء حدائق المندوبية، ويقترح المرصد على المجلس البلدي في هذا الصدد، مشروع تثمين الموقع بشكل يجعله أكثر نظافة وجاذبية وتثمينا للشواهد والقبور والمساحات الخضراء والأشجار المتواجدة، وأيضا بجعل الحدائق مسلكا أساسيا في المسار السياحي بالمدينة، ثم أيضا المحافظة على أدوارها التاريخية والبيئية والاجتماعية والثقافية، خاصة في ظل الجهود الحثيثة لتصنيف مدينة طنجة كتراث إنساني عالمي. يذكر أن حدائق المندوبية بمدينة طنجة، والتي تقع بجوار ساحة 9 أبريل، واحتضنت الخطاب التاريخي للملك الراحل محمد الخامس سنة 1947، تصدرت لائحة اهتمام الرأي العام المحلي والجهوي خلال الأسبوعين الماضيين، وذلك بسبب برمجة مشروع تشييد مركن كبير للسيارات تحت الأرض، على أنقاض هذا المتنفس الطبيعي المكنوز بعلامات شاهدة على عبور الإنسان الفينيقي والروماني من نفس المكان. وكان مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية الذي يضم لفيفا من الفعاليات المدنية والهيئات السياسية، وجه عدة مراسلات للجهات المسؤولة بينها ولاية جهة طنجة، والجماعة الحضرية، ومندوبية الأوقاف، على اعتبار أن الوعاء العقاري لحدائق المندوبية تابع للأملاك الحبسية، بحسب وثيقة رسمية تعود إلى سنة 1791، من طرف القائد أحمد بن عبد المالك الريفي، المعروف ب “با حدو”.