يتساءل المغاربة عن الأسباب خلف سعي إسرائيل إلى تطبيع علاقاتها مع المغرب، في ظل أحاديث متواترة في الإعلام الإسرائيلي عن تطبيع مرتقب بين البلدين. وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن زيارة مزعومة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للرباط قريبا، وعن لقاء سري جمعه مع وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في مؤتمر دولي، وهو ما نفاه المتحدث باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي. ورأى حقوقيان مغربيان أن ترويج الإعلام العبري لمثل هذه الأخبار هو بمثابة “بالون اختبار” لمعرفة مدى قبول الحكومة والشعب المغربيين لمحاولات التطبيع، قبل أن تحدد تل أبيب خطواتها المقبلة. واعتبر الحقوقيان، في حديث للأناضول، أن أي قبول بمحاولات التطبيع هو طعنة في ظهر الشعبين المغربي والفلسطيني، وتشجيع لإسرائيل على مواصلة قتل الفلسطينيين. بالون اختبار قال خالد السفياني، منسق المؤتمر القومي الإسلامي، إن “ترويج الإعلام العبري لأخبار عن زيارة مزعومة لنتياهو أو لقاء سري بينه وبين بوريطة هو بمثابة بالون اختبار، ومحاولات لخلق جو لقبول مثل هذه الأمور”. والمؤتمر القومي الإسلامي هو منظمة غير حكومية تضم نشطاء ومفكرين عربا من التيارين الإسلامي والقومي. وحذر السفياني، وهو حقوقي مغربي، في حديث للأناضول، المملكة من قبول مثل هذه الزيارة. وشدد على أن “جلوس أنظمة عربية مع نتنياهو هو مساهمة في تكريس الاحتلال الصهيوني”. وتابع: “بعد لقاء نتنياهو بزعماء عرب (في مؤتمر وارسو يوم 14 فبراير الجاري) مباشرة أقدمت إسرائيل على إغلاق المسجد الأقصى، وهو ما يدل على أن أية علاقة مع الكيان الصهيوني هي تشجيع على المضي في تقتليه للشعب الفلسطيني”. وقال أحمد أويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع إن “الكيان الإسرائيلي يطلق هذه البالونات لقياس مدى القبول الشعبي لمثل تلك الزيارات، ثم يحدد خطواته، وإذا تأكد أنه يوجد رفض شعبي سيقولون إن ذلك (التطبيع) مجرد شائعات، ولا يوجد شيء من هذا القبيل”. وتابع أويحمان للأناضول: “ولا أعتقد أن الدولة المغربية بما ترمز إليه ستقبل بمثل هذه المحاولات، خصوصا أن البلد يترأس لجنة القدس، وبالتالي لا يمكن للمغرب أن يستقبل كبير الصهاينة وكبير مرتكبي الجرائم”. ويترأس الملك محمد السادس، لجنة القدس التي تم تشكيلها بتوصية من المؤتمر السادس لوزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي حاليا)، عام 1975، لحماية القدس من التهويد الإسرائيلي. وشدد أويحمان على أن “الشعب المغربي بكل تلاوينه يرفض محاولات التطبيع، بما فيها الزيارة المرتقبة لنتياهو”. ورأى أن “هذه الحملة تهدف إلى صنع مزاج وفرض أمر واقع، عبر زيارات تطبيعية على غرار ما وقع ببعض الدول العربية” . اختراق شمال إفريقيا السفياني قال إنه “بعد اختراق إسرائيل لبعض دول الخليج، وعقد لقاءات بين نتنياهو وزعماء تلك الدول، يحاول اختراق دول شمال إفريقيا، وهو ما يفسر ترويج الإعلام العبري لهذه الأخبار”. وزاد بأن “مسؤولية المغرب كبيرة بخصوص قضية فلسطين، خاصة وأن المملكة تترأس لجنة القدس”. وشدد على أن “أي اختراق صهيوني للمغرب يشكل طعنة في ظهر الشعبين المغربي والفلسطيني”. ورأى أن “مزاعم الإعلام العبري بأن نتنياهو سيزور الرباط حاملا مقترحا لقضية إقليم الصحراء تعتبر إهانة للمملكة فالصحراء هي قضية الشعب المغربي”. وتابع: “الأقاليم الجنوبية تابعة للمغرب، ولا يمكن لأحد أن يزحزحه منها، ولا ينتظر الشعب المغربي من سفاح، مثل نتياهو، أن يدعي مثل هذه الأمور”. انتخابات مبكرة ثمة هدف آخر، بحسب خبراء، للتقارير الإعلامية الإسرائيلية عن خطوات تطبيع مزعومة مع المغرب. فقبل الانتخابات البرلمانية المبكرة في إسرائيل، يوم 9 أبريل المقبل، يحاول نتنياهو كسب نقاط لدى الناخبين بأن يظهر للرأي العام الإسرائيلي أنه نجح في تطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية. وقررت الحكومة الإسرائيلية، في دجنبر الماضي، حل الكنيست وتبكير الانتخابات؛ لعدم قدرتها على المضي قدما في إقرار مشاريع قوانين؛ جراء انسحاب وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، من الائتلاف الحكومي. ونقلا عن وسائل إعلام إسرائيلية، تناقل نشطاء مغاربة، الشهر الماضي، أنباء عن زيارة يجريها نتنياهو للرباط، في مارس أو أبريل المقبلين، معربين عن رفضهم لاستقباله في المملكة. ورفض المتحدث باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، في 31 يناير الماضي، الإجابة عن سؤال بشأن هذه الزيارة المزعومة، واصفا الأنباء عنها ب”الشائعات”. وذكرت القناة الثالثة عشر الإسرائيلية، في 17 فبراير الجاري، أن نتنياهو اجتمع سرا مع وزير الخارجية المغربي، في سبتمبر الماضي. ونفى الخلفي، في 12 من الشهر الجاري، عقد هذا اللقاء، معتبرا أيضا أنه “شائعات”. وبدعوة من “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع”، شارك عشرات المحتجين، في وقفة أمام مبنى البرلمان المغربي بالرباط، في يناير الماضي، طالبوا فيها الحكومة بعدم استقبال نتنياهو. وقالت الحكومة المغربية، في بيانات سابقة، إنه لا توجد أي علاقات رسمية، سياسية ولا تجارية، مع إسرائيل. وباستثناء الأردن ومصر، اللتين ترتبطان بمعاهدتي سلام مع إسرائيل، لا تقيم أي دولة عربية أخرى علاقات رسمية علنية مع تل أبيب.