بعد الحكم على توفيق بوعشرين ب12 سنة سجنا نافذا بتهم جنائية غريبة تتعلق بالاتجار في البشر والاغتصاب، سيكون على “أخبار اليوم”، الخضوع لمحاكمتين جديدتين يوم الاثنين المقبل 3 دجنبر بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، ابتداء من الساعة التاسعة صباحا، في إطار قانون الصحافة والنشر، وكلا المتابعتين حركتهما النيابة العامة بناء على طلب من وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت. الشكاية الأولى تتعلق بنشر خبر زائف بسوء نية، وهي جريمة يعاقب عليها قانون الصحافة والنشر بغرامة تترواح بين 20 ألفا و200 ألف درهم. ويتعلق الأمر بمقال نشرته الجريدة في 29 يناير 2018، (قبل اعتقال بوعشرين)، تحت عنوان: “دانا تضرب الأطلس المتوسط وأسعار حطب التدفئة تشتعل”. يتحدث عن تحذيرات من انخفاض درجة الحرارة وتساقطات مطرية غزيرة في مجموعة من مناطق المملكة وتساقطات ثلجية في مختلف المناطق المغربية بسبب ظاهرة “دانا” أو ما يُعرف بمنخفض بارد معزل في المستويات العليا، وأرفقت الجريدة المقال بصورة، تبين أنها لطفل من أفغانستان وسط الثلوج، وقد اعتذرت الجريدة عن هذا الخطأ ونشرت تصحيحا، معتقدة أن هذا الموضوع لا يستحق أي متابعة، لكن وزارة الداخلية طلبت عبر مراسلة من النيابة العامة أن تجري بحثا، وبناء عليه تقرر متابعة بوعشرين من أجل جنحة “القيام بسوء نية بنشر خبر زائف ومستندات مختلقة منسوبة للغير” بصفته فاعلا أصليا، وذلك طبقا لمواد 72 و95 و97، من قانون الصحافة والنشر، وأيضا متابعة الصحافي توفيق سليماني، الذي كتب الخبر بجنحة “المشاركة والقيام بسوء نية بنشر خبر زائف” طبقا للمواد 72 و96 و97 من قانون الصحافة والنشر. أما المتابعة الثانية، فتتعلق بتهمة القذف، موجهة ضد بوعشرين بسبب افتتاحية سبق أن نشرتها الجريدة، بنحو أسبوعين قبل اعتقاله (اعتقل في 23 فبراير) بعنوان: “الحكومة فين والشعب فين”. وبالعودة إلى هذه الافتتاحية نجد أنها تنتقد سياسة الحكومة، وتعتبر أن الشعب وهمومه في واد والنخب السياسية في واد آخر، واستند بوعشرين في افتتاحيته إلى عبارة وردت في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش في يوليوز 2017 تساءل فيها عن “الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟”، حيث اعتبر بوعشرين، أن “الحكومة وأغلبيتها تعيش في كوكب، فيما يعيش المواطن المقهور في كوكب آخر”، مشيرا إلى انشغال الحكومة بمشاكلها وصراعاتها، فيما المواطن يعاني من مشاكل حياته اليومية. وبالإضافة إلى هاتين المتابعتين، قضت الغرفة الاستئنافية بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء مؤخرا بتأييد الحكم الابتدائي الصادر ضد بوعشرين بأداء 160 مليون سنتيم، لصالح كل من أحمد الشرعي والصحافي الأمريكي ريتشارد مينيتر، على خلفية ملف نشر تسريبات وثائق على حساب مجهول يُسمى “كريس كوليمان” في تويتر. كما قررت الغرفة الاستنئافية نفسها إدخال ملف دعوى عزيز أخنوش وزير الفلاحة، ومحمد بوسعيد، وزير المالية المقال، للمداولة. وفي كلا الملفين لم يتم ضمان حضور بوعشرين للجلسة للدفاع عن نفسه. وحسب الحسن العلوي محامي بوعشرين، فإنه في قضية تسريبات “كريس كولمان”، طلب من المحكمة أن تُحضر بوعشرين من سجنه، فاستجابت له، وقررت إحضاره، لكن بعد فترة تم تغيير هيئة الحكم التي لم تحضره، وقررت الحكم عليه غيابيا، وذلك بتأييد الحكم الاستئنافي. وتأتي كل هذه المحاكمات في سياق الحكم القاسي على بوعشرين ب12 سنة سجنا، في ملف تطرح فيه الكثير من علامات الاستفهام، مثلما تطرح تساؤلات حول الهدف من تحريك كل هذه المتابعات دفعة واحدة في هذا التوقيت، وما إذا كان الهدف وضع حد لتجربة “أخبار اليوم”.