حصل المجلس العلمي الأعلى على الضوء الأخضر من الملك محمد السادس، وقام بإحداث تغييرات واسعة في صفوف رؤساء مجالسه المحلية طالت 16 إقليما وسلمهم ظهائر تعيينهم. وحسب المعطيات، حصلت عليها “أخبار اليوم”، فإن مجلس يسف تسلم ظهائر تعيين رؤساء المجالس العلمية قبل أن يكشف عنها مع حلول احتفالات عيد المولد النبوي الشريف، لكل من أقاليم: الخميسات، صفر، الجديدة، ميدلت، سدي إفني، الفحص أنجرة، بوجدور، بوجدور، عين السبع الحي المحمدي، المحمدية، فجيج، إفران، تازة، وزان، الفقيه بنصالح، شيشاوة والرشيدية. وحسب وثيقة حصلت عليها الجريدة، فقد جرى تعيين لحسن أكشاش رئيسا للمجلس العلمي المحلي للخميسات، خلفا لعلال الحبشي، ومحمد والسو رئيسا للمجلس العلمي المحلي لصفرو، خلفا لحسن زين فلالي، كما تم تعيين عبدالمجيد محيب على رأس المجلس العلمي المحلي لإقليم الجديدة خلفا لعبد الله شاكر. وعين المجلس العلمي الأعلى باسيدي أبو طالب، رئيسا للمجلس العلمي المحلي لميدلت، خلفا للتهامي هرشي، وعبد الله السعيدي، رئيسا للمجلس العلمي المحلي للإقليم سيدي إفني مكان إبراهيم القداح، وأحمد الوجدي خلفا لعبدالسلام فيفو بإقليم الفحص أنجرة، ومصطفى حاضيه، خلفا لصالح أبو الحسني بإقليم بوجدور. وبعمالة عين السبع الحي المحمدي، جرى تعيين الشاب زكريا الفايد، رئيسا للمجلس العلمي المحلي خلفا لمحمد الوكيلي، وتعيين هذا الأخير رئيسا للمجلس العلمي المحلي للمحمدية خلفا للحسين مفراح، عضو لجنة الإفتاء بالمجلس العلمي الأعلى، والذي ينتظر تعيينه عضوا بهذا المجلس. ووفقا للتغييرات الواسعة التي جرت في المؤسسة العلمية الرسمية، فقد تم تعيين محمد بنعلي رئيسا للمجلس العلمي المحلي لإقليم فجيج، وعبدالحق يدير خلفا لسليمان خنجري بإقليم إفران. وبإقليم تازة تم تعيين أحمد الجناتي رئيسا للمجلس العلمي المحلي خلفا لأحمد الورايني، وأحمد زريولي خلفا للتهامي بنعزوز، ومحمد ند عبدالله خلفا لمنصور حيرث بإقليم الفقيه بنصالح، وعبدالحق الأزهري رئيسا للمجلس العلمي المحلي خلفا للهاشمي أرسموك، ومحمد وحيدي خلفا للحبيب عمري. وحسب معطيات الزلزال الملكي، الذي عصف بوجوه قديمة وأتى بأخرى جديدة داخل المجالس العلمية المحلية، فقد خلت التعيينات من وجود أسماء محسوبة على الحركة الإسلامية المغربية، وفي مقدمتهم أعضاء سابقين بحركة التوحيد والإصلاح، في الوقت الذي أكدت مصادرنا أن التعيينات شملت بعضا من المحسوبين على تيار السلفية التقليدية، والتيار الصوفي والزوايا المدعوم من أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. وفي قراءة لهذه التعيينات، أوضح إدريس الكنبوري، الباحث في قضايا الشأن الديني والحركات الإسلامية، أن الفترة السابقة من هيكلة الحقل الديني كان هناك غياب للأطر الدينية ولم تكن الدولة قد أتممت تكوين المرشدين الدينيين لكي تدمجهم في هذه المؤسسات الرسمية، ولذلك استعانت بخدمات حركة التوحيد والإصلاح. وكشف الكنبوري، أنه بعدما شرعت الدولة في إجراء مباريات وإدماج خرجين من دار الحديث الحسنية، ومعهد محمد السادس لتكوين الأطر الدينية في الحقل الديني، حينها بدأت تتخلص تدريجيا من تركة الحركة الإسلامية وبدأت الدولة تستقل بأطرها لأن رغبتها كانت هي أن تحصل مؤسساتها العلمية عن استقلاليتها بشكل تدريجي ويكون الولاء والتبعية بشكل نهائي، وهو ما يتماشى، حسب الباحث ذاته، مع خطة الدولة في منع الخطباء من ممارسة السياسة، ومن توظيف المنابر لأهداف سياسية. وقال الكنبوري، إن الدولة شرعت في فك الارتباط مع المرحلة السابقة، وهي مرحلة النضج والاستقلالية واستغنائها عن خدمات التيارات الإسلامية. وبالنسبة إلى الباحث السياسي، عبدالرحيم العلام، فكرة هيكلة الحقل الديني كان من دوافعها الرئيسة سحب البساط من تحت الحركات الإسلامية، لتصبح الدولة فيما بعد تنافسها في مجالها، وعدم ترك مجال التأطير الديني للحركات الإسلامية يفعلون فيه ما يشاؤون، والذي كان مبررا لوجود هذه الحركات. وحسب العلام، فإن الدولة لم تعد لها حاجة إلى استقطاب كفاءات دينية من جبة الإسلاميين، كما كان في بداية هيكلة الحقل الديني حين كان هناك نقص كبير. أما الآن، يؤكد الباحث، أن الدولة أصبح أطرها الدينية، وحتى الحركات الإسلامية لم تعد خزانا للكفاءات بسبب دخولها معترك الحياة السياسية ولعجزها عن الاستقطاب، كما كانت تفعل قبل ذلك. في اعتقاد العلام وتعليقا على التعيينات الجديدة، أصبحنا أمام مؤسسة علمية جديدة برهانات وفلسفة جديدة، لأن رهانات اليوم، ليست هي نفسها الرهانات الدينية التي كانت بالأمس. إلى ذلك، كشفت مصادر “أخبار اليوم”، أن تعليمات سابقة صادرة عن الكاتب العام محمد يسف توصل بها رؤساء المجالس العلمية المحلية بالمملكة، تطالبهم بإعداد تقارير شاملة عن أداء علمائها وسط المجتمع. وتشير المصادر ذاتها، أن المجالس العلمية توصلت بمذكرتين من المجلس العلمي الأعلى بناء على تعليمات ملكية سابقة، تعطي الضوء الأخضر من أجل إجراء تقييم شامل لأداء فقهاء المجالس العلمية المعينين بظهائر شريفة، كما تشمل القرارات الجديدة اقتراح أعضاء جدد للمجالس العلمية، وإجراء إحصاء شامل للمناصب الشاغرة، إما بسبب وفاة الأعضاء أو باستقالة بعضهم. وهي التقارير التي سترصد نشاط أعضاء هذه المؤسسة الدينية داخل دائرة نفوذها المحلي والإقليمي، وتضبط مدى تقيد علمائها بتوجيهات المجلس العلمي الأعلى، والتي يتم فيها التنسيق المباشر مع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهي التوجيهات الرامية إلى ترشيد عمل المجالس العلمية المحلية وتفعيل دورها في تأطير الحياة الدينية للمغاربة. ومن المهام الدينية التي سيجري تقييمها داخل مؤسسة العلماء، التي يرأسها الملك، حصيلة إشراف فقهاء المجالس العلمية على كراسي الوعظ والإرشاد، والبحث والتقصي في مدى التزامهم بمهمة إرشاد المواطنين في أمور دينهم، وإطلاعهم على معرفة أحكام الشرع المتعلقة بحياتهم الخاصة.