عُلِم من مصادر مطلعة أن قرار إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لعين الشق في الدارالبيضاء، أول أمس، جاء إثر لقاء عقده الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى محمد يسف مع رضوان بنشقرون وعدد من أعضاء المجلس المحلي لعين الشق، وُجِّهت خلاله انتقادات إلى أداء المجلس وعدم انضباط رئيسه للسير العام للمجلس العلمي الأعلى بخصوص العديد من المواقف والقرارات المتعلقة بالشأن الديني، آخرها البيان الساخن الذي وقعه بنشقرون نفسه والذي استنكر فيه هذا الأخير استضافة مهرجان «موازين» في شهر ماي الماضي المغني البريطاني إلتون جون، في وقت سكت فيه المجلس العلمي الأعلى ولم يتخذ بشأنه أي موقف يلزم المجالس الأخرى التابعة له. وعقب هذا اللقاء، أجرى محمد يسف لقاء على انفراد مع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، تقرر خلاله إعفاء بنشقرون من منصبه على رأس المجلس. وأكدت المصادر ذاتها أن إعفاء بنشقرون قد يكون مقدمة لسلسلة من الإعفاءات تشمل رؤساء مجالس علمية محلية أخرى، كانوا قد عبروا عن استيائهم من استضافة المغني البريطاني في مهرجان «موازين»، مما أعطى انطباعا سلبيا عن وضعية الحقل الديني في المملكة وأظهر المؤسسات الفاعلة فيه بمظهر الارتباك وعدم الانسجام وغياب الانضباط. وطرح تزامن قرار إعفاء بنشقرون مع انعقاد المؤتمر الرابع لحركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية، تساؤلات حول ما إذا كان القرار رسالة سياسية من الدولة ترمي إلى التذكير مجددا بضرورة الفصل بين السياسي والدعوي في مهام المجالس العلمية، وعدم الخوض في القضايا السياسية، خصوصا وأن عددا من رؤساء المجالس العلمية المحلية أو من الأعضاء هم إما أعضاء فاعلون في حركة التوحيد والإصلاح أو كانوا منتمين إليها سابقا وبقي لديهم تعاطف مع خطابها، إذ إن المجلس العلمي الأعلى لجأ إلى الاستعانة بهؤلاء لدى توسيع دائرة المجالس العلمية المحلية بعد وضع الاستراتيجية الجديدة في الحقل الديني بعد 2004، وهو الأمر الذي مكن الحركة من أن يكون لديها امتداد داخل هذه المجالس، مما جعل هذه المجالس تسقط في «ازدواجية الولاء» ما بين الحركة والمجلس العلمي الأعلى، وأظهر الخلل الذي يعاني منه الحقل الديني في المملكة. وحسب محمد ضريف، الباحث في الحركة الإسلامية في تصريح ل«المساء»، فإن قرار إعفاء رضوان بنشقرون هو رسالة سياسية أيضا إلى العلماء والخطباء والأئمة مفادها ضرورة الابتعاد عن السياسة وعدم الإخلال بالتعاقد بينهم وبين الدولة أو تجاوز الخطوط الحمراء. وقال ضريف إن السلطات لجأت إلى التعاون مع حركة التوحيد والإصلاح أثناء وضع خطة هيكلة الحقل الديني بعد تفجيرات الدارالبيضاء، بسبب الخطاب السياسي للحركة، القريب من خطاب السلطة، إذ كانت الحركة دائما تنتقد ممارسات الجماعات الإسلامية الأخرى أكثر مما كانت تنتقد الدولة، ما شجع هذه الأخيرة على أن تشكل أرضية مشتركة في الحركة بعد مرحلة التفجيرات.