أكملت، اليوم الاثنين، حملة المقاطعة الشعبية لبعض المنتجات الغذائية 100 يوم، منذ انطلاقها. ولم يتوقع كثيرون أن تتحوّل حملة افتراضية، كانت الأولى من نوعها في المغرب، على مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو إلى مقاطعة بعض المنتجات الاستهلاكية، إلى قضية سياسية، شغلت الرأي العام، وطنيا، ودوليا لمائة يوم، بينما استمرت في مسارها التصاعدي، وشملت إلى جانب "ماء سيدي علي"، و"حليب سنطرال"، و"غاز أفريقيا" معظم منتجات الشركات الأم "اولماس"، و"سنطرال دانون"، و"أفريقيا غاز". كما توسعت حملة المقاطعة، المستمرة في الزمن، وشملت منتجات أخرى مثل مقاطعة سمك السردين، خلال رمضان، ومهرجان موازين، وكذا الدعوة إلى مقاطعة "كوكا كولا"، و"مرجان". وكانت المقاطعة قد انطلقت، يوم 20 أبريل، حين دعا نشطاء مغاربة عبر صفحات مواقع التوصل الاجتماعي إلى مقاطعة المنتجات الثلاث، احتجاجا على ارتفاع أسعارها، وعدم ملاءمتها للقدرة الشرائية، وفسروا مقاطعتهم بوزن الشركات المعنية في السوق. خسائر وتخوفات أثرت الحملة بشكل مباشر في أرباح، ومبيعات الشركات المعنية، وظهرت أثارها، منذ الأسابيع الأولى، إذ أشرت معطيات البورصة بداية على تراجع مؤشرات أسهم الشركات المعنية، ليظهر فيما بعد أن المقاطعة ضربت بقوة، وألحقت خسائر كبيرة بالشركات جعلتها تخرج عن صمتها. وبلغت خسائر مبيعات شركة دانون في المغرب خلال الفصل الثاني من السنة، وهي الفترة المزامنة للمقاطعة، ب 40 في المائة، حسب بياناتها المالية للنصف الأول من السنة. في حين استمرت شركة "اولماس"، و"أفريقا غاز" في حجب تداولات أسهمها، ولم تنشر بعد بياناتها المالية برسم النصف الأول من السنة المالية الجارية. إلى ذلك تكبدت الشركتين المذكورتين خسائر مادية كبيرة، وفقدتا ‘السمعة التجارية"، واهتزت ثقة المستهلك المغربي فيهما. وكان مقاولون ورؤساء شركات قد عبروا عن تخوفهم، وترقبهم للسوق، وتحسبهم لتأثير المقاطعة في مناخ الأعمال، وطبعه بالانتظارية، وعدم الثقة. حملة غير مسبوقة وصل لهيب حملة المقاطعة إلى قبة البرلمان، وشغلت الحكومة، وانتشر الحديث بقوة عن تداعياتها على الانتخابات التشريعية المقبلة، واختلطت في شأنها العديد من الأوراق السياسية، واعتبرها فاعلون سياسيون، ومدنيون شكلا احتجاجيا حضاريا، غير مسبوق، بالنظر إلى حجمها، ومدتها، وإصرار المواطنين على التشبث بها. وتعرضت الأحزاب السياسية لموجة انتقادات، بموازاة استمرار حملة المقاطعة الشعبية، حيث اتهم نشطاء، ومراقبون هذه الأحزاب بكونها اختارت الصمت، وعدم الدفاع عن المواطنين في مواجهتهم لغلاء الأسعار. وكانت الأحزاب السياسية في المعارضة، والأغلبية الحكومية، فضلت الاكتفاء بمراقبة تداعيات حملة المقاطعة، وشكاوى المغاربة من غلاء الأسعار. وأججت تصريحات مسؤولين وردود أفعالهم من وهيج المقاطعة، وزادت من نجاحها اللافت للانتباه. وكان وزير المالية والاقتصاد، محمد بوسعيد، وصف الداعين إلى المقاطعة، تحت قبة البرلمان، ب "المداويخ" ، واعتبر وزير الفلاحة عزيز أخنوش أن المقاطعة تضر باقتصاد البلاد، وتمس بقوت ملايين الفلاحين، بينما وصفها مدير في شركة الحليب، ب"خيانة للوطن"، فيما ذهب الوزير لحسن الداودي إلى حد المشاركة في احتجاجات عمال "سنطرال دانون" ضد المقاطعة. وعود وانتظارات في سياق المقاطعة، وعدت الحكومة المغربية بالأخذ بعين الاعتبار المطالب، الرامية إلى دعم القدرة الشرائية للأسر في مشروع قانون مالية العام المقبل 2019. وكشفت حكومة سعد الدين العثماني عن الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية، مشيرة إالى تخاذ تلك تدابير لحماية المستهلك، بالإضافة إلى استحضار تحسين القدرة الشرائية للمستهلكين، وذلك في سياق متسم بارتفاع التضخم المقاس بالمستوى العام للأسعار، الذي ينتظر أن يقفز إلى 1.7 في المائة في العام الحالي، مقابل 0.8 في المائة في العام الماضي. وكانت شركة "دانون" قد وعدت بتسويق الحليب بسعر التكلفة، ووعدت بتقديم عرض يشمل أسعارا نموذجية، لم تكشفها بعد، فيما كانت شركة "اولماس" قد طالبت الحكومة بتخفيض الضرائب مقابل تخفيضها للأسعار. المقاطعة مستمرة كان 44.5 في المائة من المغاربة عبروا، حسب دراسة استقصائية، شارك فيها أزيد من 832 مستجوبا، عن عدم نيتهم استئناف استهلاك المواد الثلاثة، المعنية بحملة المقاطعة. وقالت الدراسة نفسها إن 13 في المائة من المغاربة لا يعلمون ما إذا كانوا سيستأنفون استهلاك منتوجات كل من شركة "سيدي علي"، و"سنطرال"، و"أفريقيا غاز". وفي المقابل، أوضحت الدراسة أن 42.5 من المستجوبين سيستأنفون استهلاك المنتوجات الثلاث، المذكورة، مشيرة إلى أن 30.5 منهم أوقفوا استهلاك منتوجات "سنطرال"، و28 في المائة أوقفوا استهلاكهم لمياه "سيدي علي". وبخصوص شركة "أفريقيا غاز"، فإن 17.5 في المائة من المستجوبين غيروا سلوكهم، وتوقفوا عن استخدام منتوجاتها، مشيرة في السياق ذاته، إلى أن 61 في المائة قاطعوها بسبب ارتفاع أسعارها، في حين أن 29 في المائة لا يعرفون سبب مقاطعتهم لها. وأكدت الدراسة ذاتها أن 66.5 في المائة من العينة المستجوبة قاطعت مياه "سيدي علي" بسبب ارتفاع أسعارها، و24 في المائة لا يعرفون دواعي مقاطعتها، أما 80 في المائة فقاطعوا شركة "سنطرال"، في حين أن 14.5 في المائة لا يعرفون سبب مقاطعتها. وكان مواطنون قد عبروا ل"اليوم 24″ في وقت سابق، عن عزمهم مواصلة المقاطعة، وشددوا على عدم تراجعهم، رابطين الأمر بتخفيض الأسعار والاستجابة لمطالب تحسين القدرة الشرائية.