وجد عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، نفسه وسط زوبعة من الانتقادات بسبب خطر كبير محدق بصحة المغاربة، يتمثل في السماح باستعمال مادة "le glyphosate"المسرطنة كمبيد فلاحي. المادة التي أكدت تقارير جمعيات صحية أنها تحتوي على مواد مسرطنة، جرت أخنوش إلى المساءلة البرلمانية، عبر سؤال كتابي وجهه إليه فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، حول الإجراءات التي من المفروض أن تتخذها وزارته لوقاية المواطنين من الانعكاسات المرضية المحتملة الناتجة عن استعمال مادة "le glyphosate" ، التي خلقت جدلاً واسعا حول استعمالها في بعض الأوساط السياسية والعلمية ونقاشا مستفيضا بالبرلمان الأوروبي. في هذا السياق، ساءل محمد الشيخ بيد الله، المستشار البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة، وزير الفلاحة والصيد البحري، عن الإجراءات التي اتخذت لوقاية المواطنين من الانعكاسات المرضية المحتملة الناتجة عن استعمال المادة المذكورة. الفريق البرلماني ل"البام"، أوضح أن مشتقات هذه المادة تصنعها الشركة الأمريكية"Monsanto" ، مشيرا إلى أن "المغرب يستورد نفس المواد للغرض ذاته، ويشاع أنها تستعمل في أغلب الأحيان دون مراقبة وبعشوائية". المادة المسرطنة التي أثارت الجدل، شكلت موضوع دراسات علمية من لدن عدد من المؤسسات والمختبرات الدولية، والمؤسسات المهتمة بالبيئة ك"جينيرايشن فوتور" و"فودواتش" و"رابطة محاربة السرطان"، وقد حذرت كلها من استعمالها، باعتبارها مسؤولة عن الإصابة بمرض السرطان لدى المزارعين الذين يستخدمونها، بالإضافة إلى أضرارها المحتملة على المستهلكين. وما يزكي ذلك، تقرير التقييم، الذي أعدته مجموعة العمل، التابعة للوكالة الدولية لأبحاث السرطان والمكونة من 17 خبيرا من 11 بلدا، التابعة للوكالة الدولية لأبحاث السرطان، وهي الوكالة المتخصصة بالسرطان لمنظمة الصحة العالمية، الذي صدر بتاريخ 20 مارس 2015. ومباشرة بعد صدور التقرر بصورة رسمية عن أعلى سلطة صحية في العالم، سارع عدد من وزارات الفلاحة والصحة والبيئة في العالم، إلى منع المادة واسعة الاستعمال في الممارسة الزراعية، بل حتى في المعيش اليومي، وأخذت التدابير اللازمة لحماية المزارعين، والمواطنين عموما من مخاطر التعرض لهذا المستحضر، ولبقايا ترسباته في التربة والمياه والمنتجات الغذائية الزراعية والمصنعة، وهو الأمر الذي مثلته حكومتا هولندا وألمانيا، من خلال اتخاذهما قرارا فوريا بمنعه. رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي اعتبر أن "المشكل الموجود في المغرب، هو البيع العشوائي لهذه المواد والاستعمال الجزافي غير المنظم لها"، محذرا أن "هذه المواد المسرطنة توجد في أطعمة المغاربة، خاصة الخضر والفوائد، لأنه ليست هناك مراقبة ميدانية لها، لأن القانون 13.83 يستثني مراقبة المواد الفلاحية النباتية الطازجة من المراقبة، وقد راسلنا وزارة الفلاحة سنة 2013 من أجل تغيير القانون، دون أن نحصل على جواب لذلك". الخراطي أوضح في تصريح ل"أخبار اليوم"، أن "الجامعة طرحت مشكل المبيدات منذ سنة 2012، وقد نظمنا حول ذلك أياما تحسيسية، وعزمنا تنظيم نقاش مغاربي موسع حول الموضوع، لكن الظروف المادية حالت للأسف دون ذلك". المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، "أونسا"، صرح في وقت سابق أنه يراقب جميع المنتجات الغذائية، غير أن المتحدث أشار إلى أن "مكمن المشكل متمثل في التهريب من جنوب المغرب وعلى الحدود الجزائرية، وهذا يعرض صحة المغاربة للخطر". من جهة أخرى، استغرب الخراطي، "كيف يصرح "أونسا" أنه يقوم بعمليات المراقبة والتتبع لهذه الأطعمة والمواد التي تحتوي عليها، في مقابل عدم نشره نتائجها من أجل طمأنة المستهلك المغربي، فسكوته هذا ليس في صالحه ولا في صالح المغاربة"، مؤاخذا في هذا الصدد "وجود مختبر واحد لمراقبة هذه المبيدات، مما يجعل عملية المراقبة والفحص منقوصة وغير مكتملة".