دعا الملك محمد السادس دول القارة السمراء إلى تعزيز التعاون الاقتصادي فيما بينها، مؤكدا أنها قارة لم تعد مستعمرة، وأنها لم تعد في حاجة للمساعدات بقدر ما تحتاج لشراكات ذات نفع متبادل، وأنها في حاجة لمشاريع التنمية البشرية والاجتماعية أكثر من حاجتها للمساعدات الإنسانية. وقال ملك المغرب، في خطاب ألقاه اليوم الاثنين 24 فبراير في العاصمة الإيفوارية أبيدجان، بمناسبة انعقاد أشغال المنتدى الاقتصادي المغربي الإيفواري، أن القارة الإفريقية «ليست في حاجة للمساعدات، بقدر ما تحتاج لشراكات ذات نفع متبادل، كما أنها تحتاج لمشاريع التنمية البشرية والاجتماعية، أكثر من حاجتها لمساعدات إنسانية». وتابع، «وإذا كان القرن الماضي بمثابة قرن الانعتاق من الاستعمار، بالنسبة للدول الإفريقية، فإن القرن الحادي والعشرين ينبغي أن يكون قرن انتصار الشعوب على آفات التخلف والفقر والإقصاء»، مضيفا أن «التطلع إلى إفريقيا متطورة ونشيطة ليس مجرد حلم، بل يمكن أن يكون حقيقة، شريطة الالتزام بالعمل». وأضاف الملك، أن «إفريقيا قارة كبيرة، بقواها الحية، وبمواردها، وإمكاناتها، فعليها أن تعتمد على إمكاناتها الذاتية، ذلك أنها لم تعد قارة مستعمرة. لذا، فإفريقيا مطالبة اليوم بأن تضع ثقتها في إفريقيا»، مشددا على أنها يجب ألا تظل رهينة لماضيها ومشاكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية، بل عليها أن «أن تتطلع لمستقبلها، بكل عزم وتفاؤل، وأن تستثمر في سبيل ذلك كل طاقاتها». وشدد العاهل المغربي أن على إفريقيا يجب أن تستفيد من الفرص التي يتيحها التعاون الثلاثي، كآلية مبتكرة لتضافر الجهود والاستثمار الأمثل للإمكانات متوفرة، مشيرا جلالته في هذا الصدد إلى أن «المغرب، الذي كان رائدا في هذا النوع من التعاون، يعرب عن استعداده لجعل رصيد الثقة والمصداقية الذي يحظى به لدى شركائه، في خدمة أشقائه الأفارقة»، ومؤكدا اعتزاز المغرب بانتمائه الطبيعي إلى القارة السمراء، الذي ظل يلازمه على امتداد تاريخه، شأنه في ذلك شأن الكوت ديفوار. من جهة أخرى، أشار الملك أنه على الدبلوماسية أن تعطي اليوم الأولوية للبعد الاقتصادي، الذي يشكل إحدى الدعامات التي تقوم عليها العلاقات الدبلوماسية، وقال في هذا الصدد «واليوم ، كما الأمس، توجد العلاقات الدبلوماسية في صميم التفاعل القائم بين بلدينا، غير أنه نظرا للتحولات العميقة التي يشهدها العالم فقد أضحى من الضروري ملاءمة، الآليات التي تنبني عليها هذه العلاقات والأبعاد التي تنطوي عليها وكذا الموقع الذي تحتله ضمن منظومة العلاقات الدولية، مع المعطيات الجديدة على أرض الواقع». وأضاف الملك، في خطابه بأبيدجان، أنه «صار من الضروري، في الوقت الراهن، أن تتم مواكبة هذه العلاقات بعمل يتسم بالمصداقية وبالالتزام القوي، ذلك أنه لا مجال للحديث عن المكاسب الثابتة أو عن المعاقل الحصينة، التي هي حكر على أحد دون غيره فقد أصبح من الوهم الاعتقاد بعكس ذلك»، مبرزا أنه «سيكون من الوهم، أيضا، الاعتقاد بأن هناك فرقا بين المشاريع الصغرى والكبرى. فكل المشاريع متساوية في أهميتها، مادامت ذات جدوى، وموجهة لخدمة المواطن». وسجل الملك محمد السادس، في السياق ذاته، أن «هناك طبعا مشاريع ذات بعد وطني، والمغرب في طليعة البلدان التي تعرف هذا البعد تمام المعرفة. فالمشاريع الوطنية في مجال البنيات التحتية تعتمد كليا على الخبرة المغربية، بدءا من مرحلة التخطيط، وإلى غاية التنفيذ والتطبيق، سواء تعلق الأمر بالطرق السيارة والكهربة والسدود أو بالموانئ والمطارات...».