أثارت نتائج الاستفتاء على الدستور المعدل في مصر، ما بعد الانقلاب العسكري للثالث من يوليوز الماضي، استغراب الكثير من المتتبعين، الذين صرح الكثير منهم بأن الاستفتاء قد تعرض للتزوير، ومنهم من ذهب إلى حد الجزم بذلك. وكانت اللجنة العليا للانتخابات بمصر قد أعلنت، أمس السبت، عن أن نسبة المصريين المشاركين في الاستفتاء على الدستور المعدل بلغت 38,6 في المئة، أي 20 مليون و500 ألف ناخب من أصل 53 مليون يحق لهم التصويت، وقالت إن 98,1% صوتت لصالح الدستور. واعتبر الباحث المصري ورئيس المركز العربي للبحوث السياسية والاقتصادية، أحمد مطر، أن الاستفتاء على "الدستور الجديد" تعرض لعملية تزوير واسع للاستفتاء، موضحا أن "السلطات قامت بتسويد 17 مليون إستمارة، من أصوات الناخبين الذين قاطعوا الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، الذي وضعته لجنة الخمسين". وقال مطر أن الحقيقة أن "عدد الناخبين الكلي بلغ 53 مليون ناخب تقريبا، وعدد الذين أدلوا بأصواتهم هو 4 ملايين و465 ألف، بنسبة 8 % تقريبا، وعدد الأصوات الباطلة هو 32 ألف، والذين قالوا لا: 437 ألف، والذين قالوا نعم : 3 مليون و 996 ألف». وكان نفس الباحث قد توقع بعد "عملية التزوير"، على حسابه الرسمي على فيسبوك، أن يتم الإعلان عن "مشاركة 21 مليون بنسبة 40%، ونسبة الموافقين بنعم التي سيتم الإعلان عنها هي 97.3%.". وفي السياق ذاته، أجمعت قوى ثورية يسارية وليبرالية في مصر، كانت قد دعمت الانقلاب ضد مرسي، على أن عملية الاستفتاء على الدستور، شهدت تزويرا جليا. فقد وصف المتحدث الرسمي باسم حركة "الاشتراكيين الثوريين"، محمود عزت، الاستفتاء ب"اليوم الأسود في تاريخ مصر"، قائلا إن "التزوير عيني عينك ولا عزاء للحريات والحقوق الديمقراطية". وأوضح عزت، في تصريح صحافي، أن لجان الاقتراع "تحولت إلى ثكنات عسكرية خلال عملية الاستفتاء، ولم يسمح لهم بالرقابة على عملية الاستفتاء لرصد الانتهاكات"، وقال أن العملية "شهدت مهازل كارثية". حركة "شباب 6 إبريل" من جهتها، سجلت "انتهاكات صارخة" شابت الاستفتاء وشككت في نزاهة العملية برمتها. وأشارت الحركة، في بيان لها، أمس السبت، إلى "الكثير من وسائل الدعاية الداعمة للموافقة على الدستور في العديد من اللجان الانتخابية، وفى محيط تلك اللجان، في مخالفة للقانون الذي يمنع الدعاية داخل لجان الانتخابات". وأضاف الحركة أن "أعضاء وقيادات الحزب الوطني المنحل يحثون المواطنين للتصويت بنعم على الدستور، وحشد المواطنين في حافلات وفرتها قيادات الحزب"، منددة "باستخدام رجال الدين الإسلامي والمسيحي كل سلطاتهم الروحية للحشد لنعم على الدستور، حيث كتب البابا تواضرس الثاني مقالا في جريدة الأهرام يربط بين نعم والنعم التي ستحل على المصريين عامة والمسيحيين خاصة بعد الموافقة على الدستور وتمريره". أما المرصد العربي للحقوق والحريات فنشر تقريرا بإحصائيات نتائج الاستفتاء على مشروع دستور 2014، كشفت أن نسبة المقاطعة للاستفتاء بلغت 88.6%، وانخفضت نسبة مشاركة الشباب إلى 11.4 %، والرجال فوق سن 35 إلى "40%"، والنساء فوق سن 35 إلى 47%، مما يدل على أن نسبة الشباب في المشاركة هي الأقل. من جهته، أكد أحمد إمام، المتحدث الرسمي لحزب مصر القوية، الذي دعا للتصويت ب"لا" على الدستور الجديد، قبل أن يقرر المقاطعة، أن حزبه لا يستبعد أن تكون نتيجة الاستفتاء قد تعرضت للتزوير، خصوصا عقب قرار الرئيس المؤقت المعين من طرف الانقلاب، عدلي منصور، بإعطاء حق التصويت للوافدين في المحافظة التي يتواجدون بها، مؤكدا أن هذا القرار "فتح المجال للتصويت أكثر من مرة في أكثر من محافظة". وكان القيادي في حزب مصر القوية قد أوضح قبل الاستفتاء أن "تعقب الناخب الذي يدلي بصوته أكثر من مرة يكاد يكون مستحيل لسببين أولهما أن التصويت يدوي وليس إلكترونيا، والسبب الثاني أن الحبر الفسفوري الذي تستخدمه اللجنة هذه المرة "صناعة مصرية" ولا يستوفي نسبة الأمان اللازمة. واعتبر الناقد الرياضي، علاء صادق، أن الإستفتاء على مشروع تعديل دستور 2013، جاء بالتزوير، وقال أن الأرقام التي أعلنت عن النتيجة ونسبة المشاركة غير حقيقية. وأضاف، على حسابه الرسمي على فيسبوك، "فضائح التزوير في الاستفتاء لم تكن مستغربة، ولكنها فاقت حدود العقل، كل المشاهد والصور والتقارير تكشف لجانا خالية، والقتلة أعلنوا أرقاما من خيالهم المريض والقذر". المتحدث باسم حركة "مسيحيون ضد الانقلاب"، مايكل سيدهم، ذهب إلى أن الاستفتاء على الدستور المعدل تعرض لعملية تزوير كبيرة، موضحا أن "نسبة المشاركة المعلن عنها تعني أن 2 من كل أسرة شاركوا، والحال أن قرى ومداشر كلها قاطعت العملية"، مضيفا "رغم التطبيل للدستور المعدل إعلاميا واستعمال الوسائل القانونية وغير القانونية". يأتي ذلك، في وقت شدد فيه قيادي في حزب النور السلفي، على أنه "لولا جهد حزب النور والدعوة السلفية في إقناع المواطنين المصريين بالمشاركة لكانت نسبتها معدومة". وقال نائب رئيس الدعوة السلفية، ياسر برهامي، أن الحزب والدعوة كانا "أكثر فصيل تحرك على الأرض فعليا"، مشيرا إلى أنهما "استطاعا إقناع جماهير الشعب بأن هذا الدستور المعدل ليس دستورا علمانيا ولا مخالفا للشريعة كما ادعى بعض الناس"، حسب تعبيره.