اكتمل النصف الأول لعملية الاقتراع على الدستور المعدل في مصر، أمس الثلاثاء، وسط إقبال متفاوت، بحسب تقديرات رسمية، رغم وقوع حوادث قتل ومظاهرات وتجاوزات انتخابية لكنها جميعا لم تؤثر على العملية التصويتية، وهو ما يصب في "شرعية" النظام الحاكم في البلاد بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو الماضي. وقالت اللجنة العليا في بيان رسمي بعد إغلاق مراكز الاقتراع في اليوم الأول للتصويت الساعة التاسعة مساء إنه "مر دون وجود أيه أحداث تؤثر على سير العملية الانتخابية"، مضيفة في بيانها أن "الإقبال كان ملحوظا فى عملية التصويت، مما استدعى تدعيم بعض اللجان بقضاة اضافيين من الاحتياطي ومزيد من الموظفين الاداريين لتيسير العمل داخل بعض اللجان". ومن المقرر الانتهاء الساعة التاسعة من مساء اليوم الأربعاء من عملية الاقتراع التي تراقبها 68 منظمة محلية ودولية و17 ألف متابع، وسط تأمين غير مسبوق، بانتظار اكتمال أول استحقاق ضمن خارطة الطريق، التي أعلن عنها الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور عقب الإطاحة بمرسي. وجرى اليوم الأول للاقتراع، وسط أجواء مناخ سياسي داعم للاستفتاء من كافة أجهزة الدولة رصدته منظمات حقوقية منذ الساعات الأولى للاقتراع، حيث تواجدت قوات الشرطة والجيش منذ 24 ساعة داخل مراكز الاقتراع، وقيامهم بمعاونة أعضاء مراكز الاقتراع الفرعية والعامة بتجهيز مقار الانتخاب، وقيام أقسام ومراكز الشرطة بتسيير فرق أمنية بالقرب من مراكز الاقتراع. وكذلك كان الهتاف "الجيش والشعب ايد واحدة".. يعلوا في استقبال طائرات الهليكوبتر التي حلقت بشكل ملحوظ في أكثر من مكان في سماء القاهرة في مشهد مشابه، لما جرى خلال مظاهرات 30 يونيو الماضي المعارضة لمرسي والتي استند إليها الجيش، بمشاركة قوى سياسية ودينية في عزل مرسي. تصويت على السيسي ومرور اليوم الأول للاقتراع على الدستور اعتبره خبراء ومؤيدون للسلطات الحالية اقتراعا على الإطاحة بمرسي، وتأييدا لترشيح وزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي، في الانتخابات الرئاسية التي لم يتحدد موعدها بعد. وظهر السيسي للمرة الأولي جماهيريا منذ أحداث عزل مرسي في إطار تفقده لعملية الاستفتاء على الدستور المعدل، بحسب الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري الرسمي. ولا يحق للسيسي كعسكري التصويت في الانتخابات، غير أنه دعا المصريين في مؤتمر لقادة بالجيش منذ أيام إلى المشاركة في الاستفتاء وتحدث فيه عن أن ترشحه للانتخابات الرئاسية مرهون بموافقة الشعب والجيش. وقال الخبير السياسي عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن "الإقبال الملحوظ علي الاستفتاء في اليوم الأول هو تصويت لكل الاجراءات التي اتخذت منذ 3 يوليو الماضي حتي الآن بما فيها الاطاحة بمرسي واعتبار جماعة الإخوان إرهابية وقانون التظاهر وغيرهم وليس تصويت للدستور فقط ". وأضاف ربيع في حديث للأناضول :"ربما يعتبر الفريق السيسي هذا التصويت تصويت عليه وربما يعتقد هذا بعض المواطنين ولكن في النهاية ستكون نتائج هذا الاستفتاء هي الأساس الذي يبني وزير الدفاع رأيه من الترشح في الانتخابات الرئاسية ". وأوضح سعيد صادق استاذ علم الاجتماعي السياسي بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة أن "أغلب المواطنين الذين اتجهوا للتصويت على الدستور لم يقرؤوه وكان تصويتهم يتجه إلي الاستقرار ومواجهة الإخوان في ظل ثقافة الخوف والكراهية المنتشرة ضدها الفترة الأخيرة ". ويتوقع خبراء سياسيون مصريون أن يتم اتخاذ 4 إجراءات بعد مرور الاستفتاء تتمثل في "فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، وإجراء تعديل وزاري، والاستعداد للتحالفات للانتخابات التشريعية، وإحكام السيطرة على مفاصل الدولة وتشديد القبضة الأمنية في مواجهة أنصار الرئيس المعزول". حوادث أمنية ومر اليوم الأول للاقتراع في حوادث أمنية متفرقة ومظاهرات معارضة لإجراء الاستفتاء، تخللتها اشتباكات مع قوات الشرطة، لم تؤثر في مجملها على سير عملية التصويت بمختلف المحافظات، بحسب مصادر أمنية. وسقطت 11 حالة وفاة بينهم 6 جنائية و5 طبيعية، فيما وقع انفجار محدود أمام محكمة قرب القاهرة، بحسب بيان لوزارة الصحة ومصادر أمنية. من جانبها، رصدت منظمات حقوقية مصرية عدد من التجاوزات التي شابت عملية التصويت أبرزها؛ التأثير على إرادة الناخبين من أجل التصويت ب "نعم"، بالإضافة إلى أحداث عنف وبلطجة شهدتها مناطق مختلفة من البلاد، لافتة إلى أن السلطات المصرية قامت بالقبض على عدد من انصار جماعة الاخوان المسلمين المتواجدين أمام لجان الاقتراع. وقلل حقوقيون مصريون من أن تأثير الانتهاكات التي شهدها اليوم الأول للاستفتاء على نزاهة العملية الانتخابية. ورصد الحقوقيون عدد كبير من التجاوزات شابت اليوم الأول للاقتراع أبرزها "تجييش" مؤسسات الدولة نحو التصويت ب نعم"، وطالبوا بضرورة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتفاديها خلال اليوم الثاني للاستفتاء. وأثارت القوى المعارضة للسلطات الحاكمة في مصر حاليا متاعب ولكنها لم تعرقل عملية الاقتراع. ودعت جماعة الاخوان المسلمين الى مقاطعة التصويت على تعديل الدستور الذي أقر قبل عام تحت حكم مرسي الذي يخضع للمحاكمة حاليا. وتعمل التعديلات الدستورية على تقوية مؤسسات الدولة التي وقفت في وجه مرسي متمثلة في الجيش والشرطة والقضاء. وقال "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" المؤيد لمرسي، إن "مظاهر التزوير سيطرت علي الساعات الأولى للاستفتاء". وفي بعض محافظات الدلتا أجرى أنصار مرسي، استفتاء موازيا ، ردا على ما وصفوه ب"مهزلة" الاستفتاء على الدستور المعدل. وقال حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين (التي تعتبرها الحكومة المصرية جماعة إرهابية) إن الاستفتاء علي الدستور هو "سرقة للشرعية" بحسب بيان رسمي صادر عقب انتهاء أول يوم للاقتراع نسب مشاركة متفاوتة أما فيما يخص بالمشاركة، فجاءت نسبها متفاوتة في اليوم الأول من الاستفتاء على الدستور المصري المعدل، في 13 محافظة ظهرت بياناتها من إجمالي المحافظات ال27، فبينما كانت أقل نسبة مشاركة في محافظة مطروح الساحلية (شمال غرب)، حيث بلغت 10.8%، سجلت أعلى نسبة مشاركة في محافظة الفيوم (وسط)، حيث بلغت 70%، وذلك بحسب تقديرات رسمية. وكانت تقديرات مراكز حقوقية أشارت إجمالا إلى أقبال أقل من المتوسط، وهو تقديرات تتماشي مع ظاهرة ضعف المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية في مصر، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة في استفتاء عام 2012 حاجز 33%، ومنذ ثورة 25 يناير 2011، لم تتجاوز نسب المشاركة 50%. وبحسب السلطات المصرية الرسمية، فإن الاقبال كان "كثيفا جدا" حيث نقل موقع التلفزيون المصري أن "غرفة عمليات نادي قضاة مجلس الدولة دفع بعدد من القضاة الاحتياطيين في عدد من لجان الاقتراع للاستفتاء على مشروع الدستور، وذلك لاستيعاب الأعداد الهائلة من الناخبين الراغبين في الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء." وإجمالي عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في الداخل يبلغ 52 مليونًا و742 ألفًا و139 ناخبًا، موزعين على 30 ألفًا و317 مركز اقتراع، ومن المقرر الإعلان عن نتيجة الاستفتاء بعد 72 ساعة من انتهاء التصويت.