من البديهي أن قضية خريجي الجامعات مرتبطة بقضايا المجتمع ككل بشكل بنيوي ، ومن بين مظاهرها نذرة فرص العمل داخل المؤسسات العمومية ، التي انعكست على هذه الشريحة الاجتماعية النوعية طاقة وفكرا، نتيجة عدم تجانس بين العرض والطلب داخل ميدان الشغل ، بفعل فتح اختصاصات ومسالك معرفية بالجامعات المغربية أمام الطلبة لا تراعي الحاجات الفعلية لسوق العمل ، لاسيما أن الوعاء الاقتصادي المغربي يعاني في الوقت الحاضر ضآلة إمكانياته لاستيعاب هذه الاعداد الكبيرة من أصحاب الشواهد الجامعية. الملاحظ أنه خلال الشهرين الاخيرين قامت وزارة التربية الوطنية بفتح باب الترشيح لاجتياز مباراة المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين ، فتقدم أزيد من 177.000 مترشح و مترشحة لظفر ب 8000 منصب فقط بمعدل 22 متباري على كل منصب ، مما جعل المنافسة محتدمة وقوية تختلط فيها الطموحات والأحلام وانتظارات الاهل لتصبح أشبه باستنفارأسري حقيقي . أكيد أن مرحلة ما بعد الدراسة الجامعية تستدعي إشباع رغبات متنوعة على الصعيد العقلي و الوجداني و المعيشي ، فالمتخرج مطالب بإثبات ذاته وتحقيق الاستقرار ونيل الاستقلال عن الابوين بحيث أصبح ينظر للوظيفة داخل مجتمعنا كوسيلة إرتقاء اجتماعي لتوفير الحد الادنى للعيش المستقر والكريم . غيرأن هذه الاحلام و الاماني سرعان ما تنهار وتتبدد فورالاعلان عن النتائج ليتم العودة الى نقطة الانطلاقة حيث الاحباط وتزايد الخوف والقلق من مآل المستقبل ضبابيته. فمشكلة التشغيل بصفة عامة وخصوصا لدى خريجي الجامعات ، وحاملي الشواهد العليا تحتاج الى حلول جذرية بالمجال سوسيواقتصادي ، وذلك بتحسين وضعية القطاع الخاص لقدرته على توفير مناصب شغل بوثيرة أكثر والقضاء على تراكم البطالة ، وذلك لن يتأتى إلا من خلال وضع قانون شغل عادل ، يحمي المستخدم والعامل من الهواجس الدائمة التي يعاني منها كعدم وجود تغطية صحية واجتماعية وغياب الشفافية في تحديد الاجور وتزايد المحسوبية والطرد التعسفي وإجمالا تحسين مناخ الشغل ليكون أكثر جاذبية للشباب، إضافة الى تأهيل الجامعات المغربية لتجاوز أدوارها التكوينية/المعرفية المحضة إلى تشكيل جيل من الشباب مبادر ومنفتح على محيطه ومسلح بأدوات نظرية وكفايات عملية تساعده على الاندماج دون تحويله إلى طاقة مهدرة ومنبوذة.