في إطار تفعيل مقتضيات ميثاق التربية والتكوين جاء البرنامج الاستعجالي وفي جعبته 23مشروعا موزعة على أربع مجالات هي : - المجال الأول: التحقيق الفعلي لإلزامية التعليم إلى غاية 15 سنة. - المجال الثاني : حفز المبادرة والتميز في الثانوي التأهيلي والجامعة . - المجال الثالث: مواجهة الإشكالات الأفقية للمنظومة التربوية. - المجال الرابع: وسائل النجاح. يستفرد المجال الأول ب10 مشاريع، يليه المجال الثالث ب7مشاريع، بعده المجال الثاني ب4 مشاريع وأخيرا المجال الرابع ب2مشاريع . ورغم أن وزارة التربية لم تقم بتعميم النسخة الأصلية لهذا المشروع باللغة العربية، واكتفت بنص تركيبي لها، فهذا لا يمنع، وانطلاقا من ذلك النص التركيبي، من ملامسة منطلقات البرنامج وأهدافه الخفية . 1- في البنية السطحية للبرنامج تثير البنية السطحية لهذا البرنامج مجموعة من التساؤلات حول طبيعة المجالات المستهدفة، وحول خلفيات تحديدها بالشكل الذي حددت به .وأول سؤال جوهري حول هذه البنية السطحية لهكذا برنامج، هو لماذا تم فصل المجال الثاني عن المجال الأول؟ أليس المجال الثاني إلزاميا يعني اغلب التلاميذ المغاربة؟ أم أن عملية الفصل تلك متعمدة، تهدف الوزارة من وراءها جعل المجال الثاني منفتح على التنافس والخوصصة؟ وبتعبير أدق، أليس هذا قضما لإلزامية التعليم، في أفق الإلغاء الشبه الكامل لمبدأ الإلزامية الذي يؤسس لكل تعليم شعبي وديمقراطي؟ وبخصوص المجال الرابع، فقد تأخر وروده، ولم يتطرق له البرنامج إلا بعد أن أنهى مشاريعه /متمنياته في المجالات الثلاثة السابقة .هل هي مسالة منهجية محضة أم توريط لدافعي الضرائب في عملية تحمل إضافية لنفقات التعليم، وفي نفس الوقت، تكتيك دفاعي مسبق لتبرير فشل البرنامج المحتمل؟ لقد أنهى البرنامج عرض المجالات الأربع، وما يحوزه كل مجال من مشاريع، بفكرة أساسية مفادها أن وزارة التربية بمعية الهيئة الوطنية للتقويم التابعة للمجلس الأعلى للتعليم، ستنكبان على انجاز تقويم ابتدءا من سنة 2009، وذلك بوضع حصيلة ما تم انجازه منذ سنة 2000.هل ستكتمل تلك الحصيلة مع متم سنة 2012ام سنة2120؟ -1- وعملية التقويم تلك، والعادية جدا في كل مشروع كيفما كان نوعه، أليس المقصود منها هو الإشراك الجماعي في تحمل فشل البرنامج الاستعجالي، وبالتالي ميثاق التربية والتكوين، بدل أن تتحمل الوزارة /الدولة لوحدها هذا الفشل؟ 2- في المجالات 2-1المجال الأول: التحقق الفعلي لإلزامية التعليم إلى غاية 15سنة. يحتكر المجال الأول عدة مشاريع تخص التعليم الأولي والرفع من نسب التمدرس في السلك الابتدائي والسلك الثانوي الإعدادي، وتأهيل المؤسسات التعليمية، وتكافؤ فرص ولوج التعليم الإلزامي ومحاربة ظاهرتي التكرار والانقطاع عن المدرسة، وإنماء المقاربة النوعية في منظومة التربية والتكوين، وإنصاف الأطفال في وضعية صعبة والتركيز على المعارف والكفايات الأساسية وتحسين جودة الحياة المدرسية، وأخيرا تأسيس مدرسة النجاح . 2-1-1تطوير التعليم الأولي لقد شخص المشروع رقم 1 وضعية التعليم الأولي وسجل الملاحظات التالية : 1-ضعف التمدرس بالتعليم الأولي. 2-نقص في البنيات التحتية. 3-شدة تعدد المناهج الدراسية في هذا التعليم. 4-ضعف التأهيل المهني للمربيات والمربين. 5-نقص وسائل التمويل والرعاية خصوصا في القرى والبوادي. ولتجاوز هذا الوضع، اعتمد المشروع التدابير التالية: 1-تأهيل العرض التربوي القائم. 2-تطوير العرض التربوي العصري في التعليم الأولي في مجموع التراب الوطني. 3-توفير تأطير أفضل لقطاع التعليم الأولي. يعتزم التدبير الأول تأهيل المربيين والمربيات عبر تكوينات تقدم عبر ثلاث مراحل بمراكز تكوين الأطر, كما ستتم عملية تعميم مراكز الموارد للتعليم الأولي لتغطية التراب الوطني .أما التدبير الثاني , فهو يرمي إلى إحداث 3600 حجرة للتعليم الأولي بالمدارس العمومية ما بين 2009/2012، أغلبها في الوسط القروي والمناطق الفقيرة , والباقي في الأوساط الفقيرة بالمجال الحضري , مع تزويد الأطفال ما بين 4 و5 سنوات، الذين سيلتحقون بهذه الحجرات، بالأدوات والمستلزمات المدرسية مجانا .أما في الوسط الحضاري فالمبادرة متروكة للقطاع الخاص الذي سيتمتع بالدعم والتحفيز , كما سيتم تطوير البنيات التحتية لهذا التعليم، إذ ستقوم مؤسسة محمد السادس بإنشاء 100 مدرسة في حدود سنة 2010/2011, وسيتم وضع تكوين أساسي لمهنة المربين. وبالنسبة للتدبير الثالث، فسيتم دعم جهاز التفتيش بهذا التعليم، وذلك بانتداب داخلي ل250 مفتشا ابتدائي، الذين سيتلقون تكوين خاص. إن خلق أقسام التعليم الأولي بالمدارس الابتدائية، خصوصا في المجال القروي, مع -2- فسح المجال للنهوض بهذا التعليم في المراكز الحضرية للقطاع الخاص، و رعاية مؤسسة محمد السادس لهوامش تلك المراكز, أمر يبعث على التفاؤل رغم ذلك ,مادام سينجو ألوف من الأطفال في سن ما بين الرابعة والسادسة , من منابع التطرف الديني التي تشكلها المساجد والكتاتيب القرآنية .لكن السؤال الجوهري في هذا السياق هو، ألا يشكل هذا الأمر , إن تحقق على أرض الواقع، وانطلاقا من مضمونه ومن خلفيات تأسيسه , بديلا ينتج تطرفا من نوع آخر، تطرف الأنانية والتنافس الغير الشريف والغش والاحتيال؟ ألا تنتج المدرسة المغربية اليوم العطالة والانحراف؟ وسوق الشغل الذي يريد الميثاق ربط المؤسسة التعليمية به، ألا ينتقي من الجيوش المعطلة ما يريده وبالشروط اللاانسانية التي يفرضها؟ ألا ينتج هذا السوق تطرف الاستهلاك ومنطق الغاب؟ 2-1-2توسيع العرض في التمدرس الإلزامي في تشخيصه لوضعية التمدرس في السلكين الابتدائي والإعدادي، وبعد عرض أرقام وإحصاءات عدد المؤسسات والحجرات الدراسية المستحدثة بالسلكين، حدد البرنامج الاستعجالي في هذا المشروع رقم2، نسب التمدرس بكلا السلكين، بحيث ارتفعت نسبة التمدرس بالابتدائي ما بين الموسم الدراسي 2000/2001و2006بعشر نقاط لتصل إلى 94% على المستوى الوطني، ضمنها 92,6% في المجال القروي .أما الثانوي الإعدادي، وفي نفس الفترة، انتقلت النسبة من 60%إلى 74,5%، منها 46% في المجال القروي .كما لم يفته أن يشير إلى ظاهرتي الاكتضاض )41 تلميذ فما فوق ( والهذر المدرسي %5,7في الابتدائي، و13,6% في الإعدادي . ولتجاوز هذه لوضعية، وتحقيقا لهذه الأهداف التالية : *في الابتدائي : 1-تحقيق نسبة التمدرس في كل جماعة تصل الى95%في الموسم الدراسي 2012/2013. 2-نسبة استكمال الدراسة بدون تكرار 90% في الموسم 2014/ 2015بالنسبة للتلاميذ فوج 209/2010. *في الإعدادي : 1- تحقيق نسبة تمدرس تصل إلى 90% خلال الموسم 2012 /2013. 2- نسبة استكمال الدراسة تصل إلى 80% في الموسم 2017/ 2018بالنسبة للتلاميذ فوج 2009/2010. وضع هذا المشروع رقم 2 التدابير اللازمة انطلاقا من ثلاثة محاور: 1- دعم وترسيخ المجهودات في الوسط القروي . 2-التدخل بحسب المناطق الجغرافية ذات الأولوية )التمييز الجغرافي (. 3- ترشيد نفقات البناء عبر العمل بالصفقات الإطار الوطنية. وهكذا سيتم إحداث 2500حجرة بالابتدائي، منها 1700بالوسط القروي، ما بين 2009 و2012.وبالإعدادي 6800 حجرة دراسية في نفس الفترة، بحيث ستخصص 80% منها للوسط القروي .وستشرف على مشاريع البناء تلك وكالة وطنية تكون لها -3- تمثيلية على مستوى الأكاديميات. بالنسبة لرفع نسب التمدرس، فالسؤال يستهدف شروط هذا التمدرس، والى أي حد سيحصل خريجي هذين السلكين على تعليم جيد، يساهم في إنجاح مسارهم الدراسي، وكذا في بناء شخصيتهم وشخصية مجتمعهم، في أفق الرقي به؟ هل ستخلق المؤسسة التعليمية، التي يعول عليها البرنامج الاستعجالي وكذا ميثاق التربية والتكوين، وبعد تأهيلها، أجيالا متنورة ومبدعة؟ أجيال لا تتعرض للاستغلال؟ 2-1-3 تأهيل المؤسسات لإبراز تردي المؤسسات التعليمية العمومية، أورد البرنامج الاستعجالي في المشروع 3 المعطيات التالية: 1-8942حجرة دراسية غير صالحة بالابتدائي و1226 بالإعدادي. 2-9008 مدرسة ابتدائية و28 ثانوية إعدادي غير مسجية. 3-13550 مدرسة ابتدائية و216 إعدادية غير مرتبطة بشبكة توزيع الماء. 4-10963مدرسة ابتدائية و63 إعدادية غير مرتبطة بشبكة توزيع الكهرباء. 5-4160...................و561..................................التطهير. 6-83% من المؤسسات الابتدائية بالوسط القروي غير متوفرة على مرافق صحية. ولتحقيق هدف تأهيل المؤسسات التعليمية، واستمرار عملية صيانتها، اعتمد هذا المشروع التدابير التالية: 1-إعداد إطار مرجعي لمعايير البناء . 2-تزويد 100% من المؤسسات بالماء . 3-ربط 80% من المؤسسات بشبكة توزيع الكهرباء و20% منها ستجهز بالطاقة الشمسية. 4- ترميم أكثر من 10,000حجرة دراسية وكل الداخليات . 5- تجديد التجهيزات المتقادمة. 6- وضع مخطط للصيانة الوقائية . هل يكفي تأهيل المؤسسات الذي بشر به البرنامج الاستعجالي، للحصول على فضاء مدرسي سليم؟ وهل هذا التأهيل يندرج في إطار تنمية شاملة تستهدف، لا المؤسسة التعليمية فقط، بل محيطها السوسيو –ثقافي كذلك؟ إن المدرسة المغربية ليست سوى انعكاسا لواقع المجتمع المغربي، إنها لا تعمل سوى على تكريس البنية الفكرية التقليدية وانفصام الشخصية لدى التلميذ المغربي، سواء على مستوى بنيات الاستقبال أو على مستوى البرامج والوسائل التربوية.هذا الفضاء المدرسي الذي لا يشجع على الاستمرار في البقاء داخله، وحتى إن أدخلت عليه بعض التحسينات، فلن يوقف نزيف الانقطاع والهذر المدرسي، ما دامت أحزمة الفقر والأمية بنوعيها، الأبجدية والوظيفية، تحيط بهذه المؤسسات التعليمية . -4- 2-1-4 تكافؤ فرص ولوج التعليم الإلزامي يزعم البرنامج الاستعجالي في المشروع رقم 4بان مجهودات جبارة بذلت لتطوير آليات تحسين الظروف الاجتماعية والمادية للمتعلمين، كما يقر في نفس الوقت بكون تلك المجهودات غير كافية، وقد انصبت على ما يلي: 1-الداخليات. 2-المطاعم المدرسية. 3-النقل المدرسي . 4- المساعدات المادية من اجل التمدرس. فبالنسبة للداخليات، فقد تم إحداث 75داخلية بالإعدادي ما بين 2000و2006، إلا أن هذه النسبة تظل ضعيفة في الوسط القروي، إذ 25%من إعداديا ته هي التي تتوفر على داخلية .هذا مع تنامي دور الطلبة التي تسيرها الجماعات .أما المطاعم المدرسية فجلها يوجد بالوسط القروي ويستفيد منها 40% من تلاميذ الابتدائي .وفيما يخص عملية النقل المدرسي، فهي محدودة الانتشار، وأخيرا المساعدات المادية، فقد كانت على شكل مبادرات محدودة وغير مؤسسة .ولتجاوز هذه الوضعية، فقد اعتمد المشروع رقم 4 التدابير التالية : 1-توسيع العرض في الداخليات بالوسط القروي . 2-التوظيف الجيد للطاقة الاستيعابية للداخليات بالوسط القروي . 3-توفير النقل بالوسط القروي . 4-توفير المساعدات المادية للدعم المدرسي . يستهدف التدبير الأول إنشاء 608 داخلية بالوسط القروي ما بين 2009/2012، مع إحداث مدارس جماعية بالوسط القروي، تتضمن داخليات، بحيث ستنفتح هذه الداخليات على تلاميذ الابتدائي، كما ستتم مراجعة صيغة –دار الطالب –وتطوير العروض الخاصة في هذا المجال .أما التدبير الثاني فيركز على توسيع الطاقة الاستيعابية لهذه الداخليات الجديدة لتستقبل 30%من التلاميذ الخارجيين .بالنسبة للتدبير الثالث الخاص بالنقل المدرسي، فسيتم توفير 43حافلة ب25 مقعد للمدارس الجماعية و608 حافلة ب35 مقعدا للإعداديات الجديدة بالوسط القروي، وهكذا سيستفيد 50.000تلميذ بدل 1300حاليا .إضافة إلى صيغ أخرى للنقل تناسب جغرافية المناطق المستهدفة .وأخيرا المساعدات المادية، فسيتم تخصيص غلاف مالي يقدر ب450مليون درهم، تقدم للأسر الفقيرة على شكل منح عينية لا نقدية لتشجيعها على إرسال أبناءها إلى المدرسة . إن عدم اهتمام الأسر الفقيرة بتمدرس أبنائها ليس عن طيب خاطر، وإنما لظروفها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تحبطها بخصوص هذا الأمر .وانطلاقا من هذا الواقع، واقع الأسر الفقيرة والمعوزة، هل التحفيز بواسطة صدقات عينية كاف للتحسيس بأهمية التمدرس في أوساط هذه الفئات؟ ألن تواكب هذه الأسر مضمون المنح بدل مواكبة مضمون تمدرس أبنائها، ألن يمس هذا الأمر بكرامة وعزة الآباء في عيون أبنائهم؟ -5- 2-1-5محاربة ظاهرتي التكرار والانقطاع عن الدراسة لقد سجل المشروع رقم 5 في تشخيصه للوضعية، ظاهرة التكرار والانقطاع عن الدراسة، بحيث ظلت نسبة التكرار السنوية مرتفعة في كل المستويات، وتراوحت في الغالب بين 9%و31% .ورغم بعض التدابير المتخذة سابقا لمواجهة هذه الظاهرة، من قبيل الدعم المدرسي، ومراكز الإنصات، والدعم السوسيو-اقتصادي، إلا أنها تبقى محدودة وغير كافية . ولتجاوز هذه الوضعية، حدد هذا المشروع الهدف الذي يرمي تحقيقه في: -تقليص الهذر المدرسي والفشل الدراسي للتلاميذ بما يمكن: *في سنة 2014/2015من بلوغ نسبة استكمال الدراسة بالابتدائي دون تكرار تصل إلى 90%بالنسبة للفوج 2009/2010. *في سنة 2017/2018 من بلوغ نسبة استكمال الدراسة بالإعدادي دون تكرار تصل إلى 80%بالنسبة لفوج 2009/2010. وفي هذا الإطار اعتمد المشروع التدابير التالية: 1-التتبع الفردي للتلاميذ . 2-الدعم لفائدة التلاميذ المتعثرين . يرمي التدبير الأول إلى وضع خطة للتتبع الفردي للتلاميذ، ترتكز على ثلاثة فاعلين: 1-المدرس ) تتبع مستوى التلاميذ –التواصل مع آباء وأولياء التلاميذ ( 2-المستشار في التخطيط ) التنسيق مع المدرس في رصد المتعثرين – توجيه المتعثرين(. 3-مجلس القسم ) وضع خطة عمل لسد الثغرات( أما التدبير الثاني، فهو عبارة تنظيم دورات تدريبية للدعم وتأهيل التلاميذ خلال العطل البينية، مع تطوير مراكز الإنصات، والوساطة، ومنع المدرسين من إعطاء دروس خصوصية لتلاميذهم . يحيلنا هذا المشروع على مسالتين أساسيتين، وهما الخريطة المدرسية بالابتدائي، والعتبة بالإعدادي.فالخريطة المدرسية لم تعد تعير الاهتمام لتقييم الأستاذ لعمل التلميذ، وصرنا نشهد انتقال التلاميذ من مستوى إلى آخر بذخيرة تعليمية متدنية، الأمر الذي يجعلنا لا نفاجئ حين نصادف تلميذا في المستوى السادس مثلا لا يستطيع القراءة باللغة العربية. في الإعدادي، وخصوصا الأولى والثانية إعدادي، فالعتبة قد تصل في بعض الأحيان إلى مستويات منخفضة، الأمر الذي يساهم في تكديس التلاميذ بالمستوى الثالث إعدادي، حيث يصعب على التلميذ المرور إلى السلك الثانوي التأهيلي بواسطة تلك المستويات المتدنية.في هذا الإطار يواجهنا السؤال الأساسي، هل يصح الحديث عن الجودة، كمفهوم أساسي داخل منظومة الإصلاح، في مثل هذا السياق التعليمي؟ وماذا يقصد بالجودة؟ هل تعني أن يكون خريجي المدرسة العمومية بناة المجتمع، حاملين للعدة العلمية والثقافية والسياسية والفنية، لإخراج مجتمعهم من عصر الظلمات؟ أم يقصد بها إنتاج منتوج )يد عاملة نصف مؤهلة ( تتوفر فيها مواصفات الجودة التي يطالب بها الرأسمال لتنشيط استثماراته في سوق الشغل؟ -6- 2-1-6تطوير المقاربة بالنوع في منظومة التربية والتكوين ينطلق المشروع رقم 6في تشخيصه للوضعية، من تسجيل التحسن الذي يعرفه تمدرس الفتيات مقارنة بالفتيان، خصوصا بالسلك الابتدائي في المجال الحضري وكذا المجال القروي .إلا أن الفوارق تتسع في السلكين الإعدادي والثانوي، خصوصا في المجال القروي .ولتجاوز هذه الوضعية، تقدم المشروع بالتدابير التالية : - إدماج البعد النوعي في السياسة التربوية . - تدعيم مكانة المرأة في الكتب المدرسية وفي الإعلام ونبذ صورتها النمطية . - بخصوص تمدرس الفتيات سيتم اعتماد دعامتين : 1-تحسين جودة فضاءات المدرسة وتوفير المرافق الصحية . 2- تيسير شروط الولوج إلى التمدرس عبر إجراءات اجتماعية ) داخليات للبنات –نقل مدرسي ...(. إذا كان هذا المشروع يستهدف تعميم التمدرس وإتاحة الفرصة لكل طفل معربي لولوج التعليم الإلزامي، فالطفلة المغربية هي كذلك معنية، بشكل خاص، بهذا الأمر، وان كان الوعي الجمعي للمجتمع المغربي، بمؤسساته وأفراده، مقتنع بان مكان تلك الطفلة قد حدد سلفا .انه المطبخ وسرير الإنجاب .ستلج هذه الطفلة المدرسة، وستتعلم دونيتها في ساحة تلك المدرسة ومقرراتها .ألا تعج المقررات المدرسية بالثقافة التمييزية؟ ألا يتعلم الجميع من هذه المقررات تفوق الذكر؟ 2-1-7انصاف الأطفال في وضعية صعبة في إطار التوجيهات التي وضعها ميثاق التربية والتكوين بخصوص الأطفال في وضعية صعبة، قامت السلطات التربوية بمجموعة من التدابير، نوجزها في ما يلي: 1-إنشاء 432 حجرة للإدماج المدرسي في مختلف الأكاديميات الجهوية. 2- تكوين هيئة تدريس مختصة في الإعاقة سنة 2005 )113 مدرسا – 13 مفتشا – 10 منسقين (. 3- إبرام اتفاقية رباعية سنة 2006 بين الوزارة ومؤسسة محمد الخامس التضامن و وزارة الصحة و وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن . 4- وضع برنامج لإعادة إدماج الأحداث السجناء يهدف إلى خلق مراكز للتكوين المهني داخل المؤسسات السجنية، في إطار الاتفاقية المبرمة بين الوزارة و مؤسسة محمد السادس و وزارة العدل و وزارة الشغل والتكوين المهني . 5- قيام الجمعيات جهويا ومحليا بأنشطة لفائدة أطفال الشوارع . ورغم ما تم إنجازه، فقد جاء البرنامج الاستعجالي في مشروعه 7، وبعد اعترافه بعدم كفاية التدابير السابقة، بتدابير جديدة حددها في ما يلي: 1-إنشاء 800 حجرة إضافية للدمج المدرسي في أفق 2012. 2- تيسير ولوج الأقسام والمرافق الصحية بإحداث ولوجيات. 3-توفير أدوات ديداكتيكية مناسبة. 4-تعيين أطر طبية والمساعدات الاجتماعية بالمدارس. 5-توسيع عدد السجناء الأحداث المستفيدين من الخدمات التعليمية داخل السجون. -7- 6-التنسيق الفعال مع المنظمات المهتمة بأطفال الشوارع . إن المجتمع الذي تسود فيه مظاهر التمييز بين الجنسين، واحتقار أو الشفقة على المقصيين، لا يمكن لمؤسسته التعليمية والتربوية إلا أن تقوم بدور ملطف لتلك المظاهر .وفي هذا الإطار زف البرنامج الاستعجالي نبا إمكانية ولوج فئة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة المدرسة واستفادة الأحداث في وضعية صعبة من التعليم .فالمقاربة الإحسانية التي تؤسس للمشروع رقم 7 من البرنامج الاستعجالي، لا يمكنها بتاتا أن تنجح في عملية إدماج تلك الفئات في الحياة المدرسية وفي المجتمع ككل. فالأطر التربوية وتلاميذ الأقسام العادية سيألفون حضور التلاميذ في وضعية صعبة، وسيربطون معهم علاقات، لكنهم لن تتخلص أغلبيتهم من الإحساس بالشفقة والخوف من تلك الفئة .في هذا الإطار، هل يستطيع البرنامج الاستعجالي، وفي مشروعه السابع هذا، رفع التحدي والقضاء على تلك الأحاسيس المجحفة في حق الأطفال في وضعية صعبة؟ وهل سينصف هؤلاء الأطفال في الاستفادة من خدمات منظومة التربية والتكوين؟ 2-1-8:التركيز على المعارف والكفايات الأساسية . يعيد هذا المشروع الثامن ما نص عليه الميثاق بخصوص التقنيات البيداغوجية، وقد حددها هذا الأخير فيما يلي: 1-اعتماد المقاربة بالكفايات 2-تجهيز كل المؤسسات التعليمية بمركز معلوماتي وخزانة متعددة الوسائط في أفق نهاية عشرية الإصلاح . 3 -دعم تجهيز المؤسسات التعليمية بالعدة الديداكتيكية والمعلوماتية . 4-دعم البحث التربوي ليستجيب لضروريات جودة التربية والتكوين . وفي تشخيصه لواقع التقنيات البيداغوجية، يعترف هذا المشروع بتخلف هذا الواقع، وقد استند في ذلك على نتائج الاختبارات الدولية التي صنفت المغرب في الرتبة ما قبل الأخيرة في مادة القراءة والرتبة 40من بين 45 في مادة الرياضيات والعلوم، .كما أن مشروع “جيني ” للإعلاميات لم يواكبه تكوين جدي للأطر التربوية والإدارية، الأمر الذي أوجد الخلل ما بين وفرة المعدات ومستوى استعمالها تربويا، وأخيرا تعثر البحث التربوي، وغياب رؤية إستراتيجية بخصوصه.ولتجاوز هذه الوضعية البيداغوجية، جاء هذا المشروع بأربع تدابير: 1-إرساء البيداغوجية للإدماج. 2-نشر وتعميم التقنيات الحديثة للإعلام والتواصل التربوي . 3-تأهيل الوسائل البيداغوجية . 4-تحقيق الملائمة بين البحث والتجديد. تمثل بيداغوجية الإدماج تفعيل للمقاربة بالكفايات، إذ تعتمد على العمل بالتناوب بين فترات التعلم الكلاسيكي وعلى مجزوءات الإدماج وتقويم التعثر، بحيث تتيح هذه المقاربة رسملة المكتسبات المتوفرة، باعتمادها على البرامج القائمة. وستسمح بتطبيق فعال وميسر للمقاربة بالكفايات .أما الدعامة الثانية فهي تتوخى تحقيق ثلاثة أهداف، الأول تجهيز كل قسم دراسي في السلك الابتدائي بحاسوب إلى ثلاث حواسيب، والثاني تطوير مضامين رقمية ملائمة، والثالث دعم تكوين هيئة التدريس .بالنسبة للتدبير الثالث، فهو يتوخى وضع مرجعية -8- وصنافة للوسائل البيداغوجية التي تأخذ بعين الاعتبار مناهج ومضامين البرامج الجديدة. على ضوء ذلك، سيتم تجهيز جميع المؤسسات بالوسائل البيداغوجية مع العمل على صيانتها. وأخيرا التدبير الرابع الذي يهدف إلى وضع إستراتيجية شمولية للبحث التربوي، توفر الرؤية الواضحة والدقيقة، وتطور برامج التعاون الدولي في هذا المجال، مع إرساء تنظيم مهيكل لتدبير البحث التربوي والتنسيق بين مختلف الفاعلين، وأخيرا تنظيم مبادرة وطنية في التجديد التربوي . بخصوص هذا المشروع رقم 8، المتعلق بالتركيز على المعارف والكفايات الأساسية، كيف يستقيم الحديث عن استنبات فضاء بيداغوجي يعتمد المقاربة بالكفايات، ذات التوجه العقلاني، في محيط اجتماعي يربي على التواكل وعدم الاستقلالية والخرافة؟ بل كيف يستقيم حديث البرنامج الاستعجالي في مشروعه الثامن هذا، وقد أشرفت عشرية ميثاق التربية والتكوين على الانتهاء، دون أن تخدش الطريقة التقليدية في التربية و التدريس، التي مازالت هي المتبعة في المدارس العمومية؟ هل سيتدارك البرنامج هذا الأمر في أفق 2012؟ ولنفترض جدلا أن ذلك قد تحقق له، فعن أية معارف وكفايات أساسية يتحدث هذا البرنامج؟ هل المقصود بها هو التحصيل الدراسي الجيد لكافة أبناء المغاربة، يدفع بهم نحو الاستقلالية واثبات ذواتهم في المستقبل، أم معارف وكفايات تؤهلهم لدخول سوق الشغل مبكرا، كيد عاملة غير مؤهلة أو نصف مؤهلة، تكون عرضة لفرط الاستغلال؟ 2-1-9:تحسين جودة الحياة المدرسية: لقد حدد ميثاق التربية والتكوين الحياة المدرسية فيما يلي : -السنة الدراسية توازي غلافا زمنيا من 1000 إلى 1200ساعة. -التوقيت المدرسي، اليومي والأسبوعي، يحدد من قبل السلطات التربوي الجهوية . -توزيع مجمل الدروس ووحدات التكوين والمجزوءات على ثلاث أقسام : إلا أن التشخيص الذي اعتمده المشروع 9 من البرنامج الاستعجالي، أبرز مجموعة من الإختلالات، خاصة على مستوى مواد التدريس والأنشطة .إذ لاحظ أن مواد التفتح وأنشطتها لا يستفيد منها إلا القلة القليلة، إما لقلة أساتذتها، أو لغياب بنياتها التحتية. ولتجاوز هذه الوضعية وتحسين جودة الحياة المدرسية، اعتمد هذا المشروع التدابير التالية : -إعادة تركيز التدريس على التعلمات الأساسية والتدريس الفعلي لمواد التفتح. -إدراج الدعم التربوي في استعمالات الزمن وأنشطة التفتح والمجزوءات الجهوية. -تهيئة وتجهيز 3800 ملعب رياضي بالنسبة للمدارس الابتدائية. -إنشاء نوادي لأنشطة التفتح الذاتي يؤطرها المدرسون. وعن الحياة المدرسية التي خصصها البرنامج بمشروع رقم9هذا، ماذا يمكن أن يقال غير ما قالته الأجيال السابقة من التلاميذ، بطريقتهم الخاصة المفجرة لأحاسيس مكبوتة، وتشبيههم المدرسة بمخفر الشرطة؟ ألا يعني هذا الأمر أن المدرسة المغربية تخيف تلامذتها أكثر مما تشجعهم على ولوجها؟ إن ظاهرة العنف داخل المدرسة، وضد -9- المدرسة، هي أرقى تعبير عن عدم ارتياح هؤلاء التلاميذ داخل المؤسسة التعليمية .إن الحياة المدرسية لأغلب التلاميذ هي سلسلة من الاكراهات .أوقات الدخول والخروج، واجبات القسم وكل الأنشطة المنجزة داخل المدرسة، وحتى التي تنجز بالبيت .والسؤال المطروح في هذا الإطار هو، لماذا لا تستطيع المدرسة أن تكون فضاء للحرية يلجا إليه التلاميذ المغاربة بتلقائية ونهم؟ هل يكفي إدخال المواد التفتح في المقررات المدرسية لإزالة ما تراكم عبر الأجيال؟ وهل ستساهم تلك المواد في إقناع اغلب التلاميذ بتخليهم عن إحساسهم السلبي اتجاه المدرسة؟ 2-1-10:تأسيس مدرسة “الاحترام” رغم تشديد ميثاق التربية والتكوين على احترام حقوق الإنسان، وكذا تذكيره بحقوق كل الفاعلين وواجباتهم داخل منظومة التربية والتكوين، فإن مشروع رقم 10من البرنامج الاستعجالي، وفي تشخيصه للوضعية, قد اقر بان المدرسة لم تعد تقوم بوظيفتها التربوية ونقل قيم المواطنة للتلاميذ. ودليله على ذلك انتشار ظاهرتي العنف والغش في الوسط التعليمي, كما أن نظام الصحة المدرسية ينطوي على ثغرات عميقة, ولتدارك هذه الاختلالات, اعتمد المشروع 10 التدابير التالية: - وضع ميثاق يحدد حقوق وواجبات مختلفة الفاعلين في المنظومة التربوية. - إحداث آلية للوساطة. - تعميم ارتداء اللباس المدرسي الموحد من طرف جميع تلاميذ الابتدائي. - توظيف مساعدة اجتماعية وصحية كل سنة . - استشارات طبية وعلاجية لفائدة100000 تلميذ خلال الدخول المدرسي 2008 /2009 على ان يعمم على المدى الطويل . - توفير تغطية صحية لجميع التلاميذ. إن ظاهرة العنف داخل المدرسة المغربية، سواء بين التلاميذ أو بين أباء هؤلاء، وبين المدرسين والإداريين، تشكل أمرا عاديا في فضاء تربوي لا يريد الانفتاح على الحرية. فالتلاميذ ينقلون معاركهم الخارجية إلى داخل المدرسة ولا يفصلون بين الجد واللعب. .يعتبرون الأستاذ معطلا لخططهم الحربية والهزلية .أما الأساتذة والإداريون فلا يهمهم سوى الضبط، وبأية وسيلة، سواء أكانت عنيفة جسديا أو نفسيا، أو ذات ميول تربوي تمارسها القلة القليلة منهم.انه جو مشحون بالحذر بدل الاحترام .فكم من مجلس تأديبي انعقد، سواء على مستوى المؤسسات بخصوص التلاميذ، أو على مستوى الأكاديميات بخصوص الأطر التربوية، ولم تعمل سوى على زجر تلك الظاهرة بدل مقاربتها مقاربة تربوية تؤسس لمبدأ الاحترام المتبادل المفترض في العملية التعليمية-التعلمية؟ بهذا الصدد جاء البرنامج الاستعجالي بمجموعة من التدابير في مشروعه رقم10 .هذه التدابير منها ما يتعلق بتوفير الأمن وذلك بالتعاقد مع مصالح الأمن والدرك وشركات الحراسة، وأخرى تتوخى توفير شروط السلامة الجسدية والاجتماعية، وذلك بتفعيل دور المساعدة الاجتماعية والصحية، وتكريس ثقافة المواطنة داخل المدرسة .والسؤال المطروح في هذا الإطار هو هل ستتم ترجمة هذه التدابير على ارض الواقع؟ وان كان الجواب بالإيجاب، ما نصيب العالم القروي من هذه الإجراءات، باعتباره يحوز الرقعة الأكبر من شبكة المدارس المغربية على -10- المستوى الوطني؟ وأخيرا إلى أي حد ستوقف هذه الإجراءات والتدابير، تنامي ظاهرة العنف باتجاه المدرسة وداخلها؟ ألا تشكل هذه التدابير مزيدا من الإجراءات انغلاقية لهذه المدرسة؟ ينطرح على ما تقدم من المشاريع العشر، الخاصة بالمجال الأول، سؤال أساسي وجوهري وهو، ألا تتوخى هذه المشاريع مزيدا من الضبط والتحكم لتيسير عملية إنتاج اليد العاملة بكثافة لصالح جشع السوق، مع وضع اسر الطبقات الدونية أمام الأمر الواقع، الذي مفاده أن المدرسة لم تعد كما كانت ذات يوم، بحيث كانت توفر لهذه الطبقات إمكانية تحسين مستواها المعيشي والترقية الاجتماعية؟ -2-2 المجال الثاني : حفز المبادرة والتمييز في الثانوي التأهيلي والجامعة. إن المتمعن في ديباجة تقديم المجال الثاني، وبقليل من الشك العلمي، سيطرح على اللغة المستعملة في تلك الديباجة، سؤال ما جدوى فصل هذا المجال عن المجال الأول؟ ألا يشكل هذا الفصل عملية إقصاء منظمة لجيش من التلاميذ المغاربة ذات الأصول الفقيرة والأسر ذات الدخل المحدود؟ وماذا يعني حفز المبادرة والتمييز في السلكين التأهيلي والجامعي؟ انطلق النص التركيبي للبرنامج الإستعجالي، من تشخيص وضعية الثانوية التأهيلية والجامعة، ليخلص إلى الحقيقة التي يريد الوصول إليها، وهي أن الثانوية التأهيلية والجامعة لا تنفتحان عن السوق، وأن أفواج الخريجين التي تقذف بهم هذه المؤسسات لا تساهم سوى في تعزيز صفوف المعطلين الباحثين والمطالبين بالشغل، الذين يشكلون بؤرة توتر على المستوى الاجتماعي. ولتجاوز هذه الوضعية المقلقة، جاء البرنامج الإستعجالي ليزف مجموعة من التدابير، تتلخص في أربع دعامات/مشاريع: 2-2-1-تعزيز العرض في الثانوي التأهيلي : وذلك بتوسيع شبكة الثانويات التأهيلية على المستوى الوطني، خصوصا في العالم القروي، بحيث ستتوفر الثانويات المحدثة على مواصفات جديدة، وعلى داخليات للاحتفاظ بالتلاميذ داخلها، مع تأهيل إصلاح بنيات المؤسسات المتواجدة، في أفق أن ينهي 60% من التلاميذ المسجلين في السلك الابتدائي دراستهم الثانوية في متم سنة 2010، مع حصول 40% منهم على شهادة البكالوريا، كهدف حدده الميثاق بالنسبة للسلك الثانوي التأهيلي . جميل هذا الكلام، وكل من لا يصفق لهكذا مشروع، فهو متآمر ضد الوطن أو أخرق.لكن السؤال المركزي بخصوص ما يتضمنه هذا الكلام الجميل، وفي سياق فصل هذا السلك الاختياري عن الأسلاك الإلزامية الأولى، هو هل ولوج التلاميذ إلى هذه الثانويات، وبالمواصفات الجديدة، سيكون شبه مجانا، كباقي الأسلاك السابقة؟ النص التركيبي للبرنامج الإستعجالي يسكت عن هذا الأمر، ولا يثير جانب رسومات التسجيل، وشروط ولوج الثانويات العادية، و”الثانويات التأهيلية المرجعية”، و”ثانويات التفوق التأهيلية”.ألا تفوح هذه الإجراءات الخاصة بهذا السلك، برائحة الإقصاء الممنهج؟ ألا يعني كل ذلك، التنفيذ العلمي لعملية تفويت هذا السلك، كما السلك الجامعي، للقطاع الخاص، الذي لا يهمه، في نهاية المطاف، سوى استنزاف -11- جيوب الأسر ذات الدخل المحدود والفقيرة، التي ينتمي إليها أغلب تلامذة هذين السلكين؟ 2-2-2-تشجيع التفوق. إنها دعامة تسير في اتجاه عملية فرز كبرى للتلاميذ والأطر التربوية، وذلك بخلق، كما أسلف الذكر في الدعامة الأولى، ثانويات مرجعية وأخرى للتفوق التأهيلي؟ ألن يساهم هذا الأمر في خلق جو من التذمر والإحباط في أوساط التلاميذ وكذا في أوساط نساء ورجال التعليم؟ ألن يفتح الباب على مصرعيه أمام التنافس الغير الشريف في أوساط الجميع؟ وعلى المستوى البيداغوجي، هل هذه الثانويات التأهيلية ستتمتع بحياة مدرسية مخالفة لما هو سائد في الثانويات العادية؟ وهل ستحل معضلة اللغة التي تدرس بها المواد العلمية؟ إن مبرر هذه الدعامة، حسب البرنامج الإستعجالي، هو تدني مستوى التحصيل في هذا السلك، والإكتضاض في الشعب المفتوحة، مع نقص نسبة التوجيه العلمي، الأمر الذي لا يتماشى مع متطلبات سوق الشغل.لكن من يتحمل مسؤولية هذا الوضع التعليمي، هل التلاميذ، بسبب نقص في قدراتهم الذاتية، أم بسبب الترسانة التربوية التي خضعوا لها في الأسلاك السابقة، كالخرائط المدرسية والمقررات والوسائل الديداكتيكية؟ وأخيرا، من حارب، في إطار المدرسة العمومية، في شتى أسلاكها، الفكر العلمي والفكر الفلسفي، هل الشغيلة التعليمية أم التلاميذ أم أولياء أمورهم؟ 2-2-3-تحسين العرض في التعليم العالي: يرتكز تشخيص البرنامج الإستعجالي لوضعية الجامعة على منطلقين أساسيين يستدعيان التدخل العاجل حسب تعبيره، الأول هو أن الجامعة تسود داخلها المسالك ذات الولوج المفتوح، على حساب المسالك التقنية والعلمية .أما المنطلق الثاني فهو الوقوف على استفحال ظاهرتي التكرار والانقطاع عن الدراسة .ولتحقيق أهداف ميثاق التربية والتكوين بهذا الصدد، والوصول إلى تحقيق الارتقاء بالمردود الداخلي للتعليم العالي، وتطوير قابلية اندماج خريجيه في سوق الشغل، وكذا توفير ظروف ملائمة للتكوين والإيواء لفائدة الطلبة، يقترح البرنامج الإستعجالي التدابير التالية : 1-توسيع الطاقة الاستيعابية وإصلاح وتأهيل البنيات التحتية الجامعية. 2- تعزيز عدة الدعم الاجتماعي الرامية إلى تيسير ولوج البكالوريا إلى التعليم العالي (الأحياء الجامعية-المطاعم الجامعية-المنح الطلابية). 3-تنمية العرض التربوي في التعليم العالي ليتلاءم بصورة أفضل مع حاجيات سوق الشغل. 4-محاربة ظاهرتي التكرار وانقطاع الطلبة عن الدراسة ستتمتع البنيات التحتية للجامعات القائمة بإصلاحات، وقد تبنى جامعات جديدة، وسيتم تغيير البنية التربوية والمعرفية بهذه الجامعات، مع الالتفات إلى جهة الطلبة، الذين ينتمون، في أغلبهم إلى أصول اجتماعية متدنية، بنفس المقاربة الإحسانية القائمة، وسيتحول القطاع الخاص(الرأسمال المستثمر)، ليصير “الشريك” الأساسي للوزارة، كل ذلك في أفق تكريس التكوين التقني والعلمي داخل الجامعة، عبر خلق عدة مسالك يحتاجها السوق.لكن، أليس هذا الأمر بمثابة إعلان رسمي عن محاصرة الفكر والمعرفة؟ ماذا يعني تقليص المسالك ذات الولوج المفتوح إلى الثلث؟ وما هي القيمة السياسية والمعرفية -12- لخريجي هذه المسالك التقنية والعلمية؟ ألا يعني هذا تخلي الجامعة عن دورها المعرفي والعلمي، مقابل تفريخ جيوش من الطلبة المؤهلين ونصف المؤهلين مهنيا، والقابلين للتدجين والاستغلال المفرط؟ 2-2-4-تشجيع البحث العلمي لقد اهتم ميثاق التربية والتكوين بالبحث العلمي والتقني، وذلك بالزيادة في الميزانية المخصصة له، والتي ستصل إلى 1% من الناتج الداخلي الخام بعد إنهاء عشرية هذا الميثاق، .بالإضافة إلى ذلك، سيعمل على وضع آليات للنهوض بالبحث العلمي بالمغرب. ولتدارك تباطؤ عملية إصلاح المنظومة التربوية، خصص البرنامج الإستعجالي لمجال البحث العلمي والتقني المشروع رقم 14 الذي يهدف إلى تحقيق هدفين أساسيين هما: 1-تشجيع الطاقات والابتكارات من أجل تحقيق إشعاع فعلي للكفاءات الوطنية في مجال العلمي والتقني. 2-إبراز قيمة نتائج البحث العلمي بتوجيهه أكثر نحو حاجيات المحيط السوسيو- اقتصادي .. في هذا الإطار، تم الاعتماد على أربع دعامات وهي: 1-تحسين الحكامة ونتبع البحث العلمي. 2-توطيد جاذبية مهنة الباحث. 3-الرفع من موارد تمويل البحث العلمي وتنويعها واستدامتها. 4-الرفع من قيمة أعمال البحث . من خلال ما تقدم يتضح بأن الاهتمام الذي يوليه ميثاق التربية والتكوين والبرنامج الإستعجالي 2009/2010 من بعده، لا يرقى إلى مستوى المطلوب، سواء على مستوى خلفيته الفلسفية أو على مستوى تمويله. فها جس خدمة البحث العلمي والتقني لمتطلبات المقاولة هو المتحكم في طرح البرنامج لهذه المسألة، لأن المقاولة في نظر البرنامج الإستعجالي بمثابة الشريك الأساسي في النهوض بالبحث العلمي والتقني، وقد صرح بشكل مباشر عن نيته دعم البحوث /المشاريع الأكثر تلبية لحاجات هذه المقاولة .وبدون اللجوء إلى التفاصيل، فالفلسفة التي تحكم هذه المقاربة تثير الكثير من الإستفهامات والغموض .هل هذا البحث العلمي والتقني، الذي بشر به الميثاق ومن بعده البرنامج الإستعجالي، لن يقوم إلا بالرفع من أرباح المقاولات؟ وما مصير البحوث العلمية التي تستهدف حقولا معرفية أخرى تعود على المجتمع ككل بالنفع؟ ألا يعني ذلك إخضاعا للعلم والابتكار والإبداع لسلطة الرأسمال؟ أما على مستوى التمويل، فالميزانية المخصصة لهذا المجال تبرز ضعف السياق المعرفي والعلمي المغربي، وتؤكد سيادة ركائز المعرفة التقليدية . إن مجتمعا ثلاثة أرباعه أو يزيد، يفكرون بطريقة غيبية وسحرية وانفصامية، ينظرون إلى العالم -13- بطريقة لا علمية ومثالية، لا يمكنه أن يدعي التقدم في البحث العلمي، وبالتالي، لايمكنه أن ينخرط في عملية تنوير شاملة تقضي على ظلمات القرون البائدة، ولا يمكن للبحث العلمي إلا أن يستفيد من فتات الناتج الداخل الخام لهكذا مجتمع أو بلد . 2-3- المجال الثالث : مواجهة الإشكالات الأفقية لمنظومة التربية والتكوين 2-3-1 تعزيز كفاءات الاطر التربوية يتوخى البرنامج الاستعجالي، انطلاق من هذا المجال، تحقيق أهداف أساسية : 1- مراجعة شروط ومقاييس توظيف الأطر التربوية . 2- توحيد مؤسسات إعداد اطر التربية والتكوين على المستوى الجهوي وربطها بالجامعات . 3- تنظيم برامج ودورات التكوين المستمر . وقد خلص تشخيص البرنامج الاستعجالي لسنوات الإصلاح السابقة إلى الملاحظات التالية : 1- غياب مقاييس تسمح بتقويم المؤهلات البيداغوجية والعلائقية للمترشحين . 2- صعوبة إرساء العمل بالتعاقد نتيجة مواقف بعض الشركاء الاجتماعيين . 3- عدم كفاية مدة تكوين المدرسين المتدربين )7 شهور فعلية( وعدم اعتماد الأستاذ المتعدد الاختصاصات . 4- تشتت مراكز التكوين وغياب التدبير العقلاني لمواردها . تجاوزا لهذه الوضعية، سطر البرنامج هدفا يتلخص في التوفر على اطر تربوية ذات جودة عالية وتكوين جيد في جميع مستويات منظومة التربية والتكوين. ولتحقيق ذلك، اعتمد هذا المشروع ما يلي : 1- تحديد المهن . 2- التكوين الأساسي. 3- شروط ولوج مهنة التربية . 4- التكوين المستمر. فتحديد المهن يقصد به إعداد أطر مرجعية لتوصيف الوظائف والكفاءات، وقد ألح البرنامج الإستعجالي على مواصلة إعداد بيانات الكفاءات الفردية، ووضع خطة لإعادة ترتيب الموارد البشرية اعتمادا على تكوينات تقوم على إعادة تأهيل، الأمر الذي سيسمح بالملائمة بين الحاجيات وبين الموارد البشرية، من خلال استعمال الإعلاميات لتسهيل عملية إعادة الانتشار . أما التكوين الأساسي لولوج مهنة التدريس، فسيتم فتح مسالك جامعية يمتد التكوين بها 3 سنوات ) مستوى الإجازة (، يتلقى فيها الطلبة تكوينا في علوم التربية والتقنيات البيداغوجية .وسيعتمد مضمون هذه المسالك التربوية نفس المجزوءات المعمول بها في المسالك الجامعية العادية إضافة إلى مجزوءات بيداغوجية .وسيكون تعدد التخصصات هو ركيزة هذا التكوين التربوي الجامعي .وهكذا ستكون هذه المسالك مصدرا للتوظيف سواء بالمؤسسات التربوية أو لتغذية شبكات أخرى كالتكوين بالمقاولات وقطاع التعليم الخصوصي . -14- أما ولوج التعليم المدرسي العمومي فسيتم بمباراة تنظمها المراكز الجهوية للتكوين، ومدة هذا التكوين يتراوح بين سنة أو سنتين، إضافة إلى التداريب التربوية .وستقوم هذه المراكز الناتجة عن تجميع لمراكز التكوين على مستوى الجهة، بتأهيل المدرسين المتدربين والسهر على التكوين المستمر للمدرسين الممارسين . بخصوص شروط ولوج مهن التربية، فالمراكز الجهوية للتكوين ستستقبل القادمين من المسالك التربوية الجامعية بعد ثلاث سنوات على الأقل، مع الأخذ بعين الاعتبار في عملية الانتقاء الحوافز الحقيقية للمترشحين .وبعد التوظيف، في إطار التعاقد مع الأكاديمية، سيرسم الموظفون بعد قضاء ثلاث أو أربع سنوات بعد اجتياز مباراة التأهيل وأخيرا التكوين المستمر الذي سيقدم في المراكز الجهوية، فهو نوعين .تكوين مستمر تأهيلي، وسيتم سنويا، وتكوين لإعادة التأهيل .وستضع لجنة مركزية برامج ومناهج لهذا التكوين الذي ستتكفل به الأكاديميات، التي ستخلق بنك معطيات واو راش ومجموعات عمل خاصة بكل أكاديمية على حدة .أما بالنسبة للتعليم العالي، فسيستفيد الأساتذة الجدد من تكوين مستمر بيداغوجي بينما الأطر التربوية والمدرسين الممارسين فتكوينهم المستمر سيتم بالخارج . إن المشروع 15 من البرنامج الاستعجالي، الذي يستهدف شغيلة قطاع التعليم، ينطلق من الاعتراف بتردي هذه –الموارد البشرية –والرغبة في إخضاعها لمبدأ التمييز وإعادة ترتيبها حسب كفاءاتها الفردية . هل تردي هذه –الموارد البشرية –تتحمل فيه هذه الأخيرة المسؤولية؟ ألا تشكل عملية فرز الشغيلة التعليمية ضربا لمبدأ الأقدمية في الترقي؟ هل تستهدف هذه العملية الفعالية أم التقليص الفعلي لكلفة ترقي هذه الشغيلة المشروع، مع تحويل هذا الترقي نفسه إلى امتياز يستفيد منه ثلة من تلك الشغيلة التي تتوفر فيها شروط –الفعالية -، والتي لا تعني في نهاية المطاف، وفي السياق التربوي المغربي، سوى فتح باب المحسوبية والزبونية، وتكريس ثقافة الانتهاز والانبطاح في صفوف تلك الشغيلة؟ وبالنسبة للموظفين الجدد، ألا يضعها هذا المشروع في وضع الاستغلال، كما هي الوضعية في السوق التربوي الخصوصي؟ وهل ستنتحر النقابات وتقبل بالتوظيف التعاقدي في القطاع العمومي؟ 2-3-2تعزيز آليات التأطير وتتبع وتقويم الأطر التربوية . ينطلق البرنامج الاستعجالي من مبدأ أن إصلاح منظومة التربية والتكوين لا يمكن أن يتحقق دون الانخراط القوي للأطر التربوية . ولقد خلص تشخيصه، في هذا الإطار، إلى تحديد نقائص آليات التاطير، التي يستهدفها المشروع رقم 16، فيما يلي : 1- غياب مقاربة تدبيرية في تسيير المؤسسات التعليمية . 2- ضعف نظام القيادة الإجرائية لجهاز التفتيش . 3- نظام التقويم غير محفز ولا يشجع على الاستحقاق . 4- وجود علاقة غير بناءة مع الشركاء الاجتماعيين . ولتجاوز هذه النقائص، جاء البرنامج الاستعجالي بمجموعة من التدابير، نوجزها فيما يلي : 1- أجرأة صيغ التاطير . 2- ملائمة نظام التقويم لخصوصيات النظام التربوي . -15- 3- إعادة تحديد ادوار جهاز التفتيش . 4- تعزيز وتوضيح العلاقات مع الشركاء الاجتماعيين. فأجرأة صيغ التاطير التي تعتمد على التعزيز الممنهج للسلسلة التربوية ككل . وباعتبار المدير حجر زاوية هذه السلسلة، فسيتم تدعيم دوره، وإعادة موقعه داخل المنظومة . في هذا الإطار، سيتم انتقاء المديرين الجدد حسب كفاءاتهم التدبيرية، وسيتلقون تدريبا لمدة سنة، إضافة إلى تمتعهم بتحفيزات وأشكال المساعدة على تدبير مؤسساتهم . أما التدبير الثاني، فهو يتوخى وضع نظام تقويم فعال وناجع يتأسس على تقويم نتائج العمل وربط هذا الأخير بالأجور والترقية . في هذا الإطار ستوضع شبكات التقويم تضمن الشفافية والإنصاف . كما ستخلق مناطق بيداغوجية تحوي مختلف الأسلاك، يدبرها المفتشون والمديرون والأساتذة، لغرض تتبع التعلمات ومستوياتها، وتشخيص نقائصها، والتصدي لظاهرة الانقطاع . بالنسبة لجهاز التفتيش، ستتم مراجعة هيكلة ادوار هذا الجهاز، إذ سيعين المفتش في منطقة تربوية خاصة، يتحمل داخلها مسؤولية الحرص على بلوغ الأهداف المرسومة . وأخيرا، تدبير العلاقات مع الفر قاء الاجتماعيين، بحيث ستتم بلورة ميثاق العلاقة بينهم وبين الوزارة، يوضح ادوار ومسؤوليات كل طرف، ويخلق نمط جديد من العلاقات، بغية تجاوز نقاط الخلاف التي يمكن أن تبرز خلال تطبيق بعض التدابير. يثير هذا المشروع مجموعة من الملاحظات حول عملية التقويم التي بشر بها، والمستهدفة للأطر التربوية .لماذا تستهدف عملية التقويم هذه المس بترقية الشغيلة التعليمية في ظل هشاشة التكوين الذاتي والتكوين المستمر، وفي غياب التحفيز التربوي؟ وما طبيعة القيادة التي ستقود عملية التقويم هذه، ألا تشكل تلك القيادة جزءا من الصورة العامة؟ وما هي الضمانة على أن لا تشرع عملية التقويم تلك الباب على مصراعيه أمام المحسوبية والزبونية وتصفية الحسابات؟ لقد أنتجت الوزارة شبكات التقويم، لكنها قوبلت بالرفض النسبي من طرف النقابات التعليمية .لماذا رفضت النقابات هذه الشبكات؟ هل لان هذه الأخيرة تحتاج إلى تعديلات؟ أم لأنها تمس، بشكل من الأشكال، قوت أجراء القطاع، وتزج بهم داخل متاهة هشاشة الشغل؟ ألا يعني تعزيز موقع المدير داخل المؤسسة، والمفتش داخل منطقة تربوية، خلق باطرونا سلطوية داخل القطاع؟ 2-3-3 ترشيد الموارد البشرية . ينطلق المشروع 17 هذا مما يسميه بالتعثرات التي ساهمت في بطء تطبيق ميثاق الإصلاح، بحيث يرتكز على التأخير بخصوص تطبيق اللاتمركز في جميع مستوياته، وعلى مستوى –الموارد البشرية-، ولتحقيق الأهداف التي حددها في : - إرساء التدبير اللامتمركز للموارد البشرية، وجعله عقلانيا وفعالا . - تثمين الموارد البشرية وإشراكها وإشاعة ثقافة المسؤولية لديها . فتح ثلاثة أوراش هي : - التحقيق الفعلي للمركزية. - ترشيد الموارد البشرية . - -16- - الرفع من قيمة الموارد البشرية وإدماجها . يقصد هذا المشروع بالتحقيق الفعلي للامركزية على مستوى -الموارد البشرية-، إعطاء الأكاديمية الصلاحية و الاستقلالية في توظيف ما يلبي حاجياتها من تلك الموارد، و حسب الاعتماد الإجمالي من المناصب المالية المخصصة لكل جهة، وسيتم هذا التوظيف على أساس التعاقد، أما ترشيد الموارد البشرية فيتوخى إجراءين : إجراء يستهدف جداول حصص الثانوي الإعدادي و التاهيلي، ليضيف إليها ساعتين إضافيتين إجباريتين . وبعملية حسابية، سيسمح هذا الإجراء بربح 1.36 مليون ساعة إضافية في السنة، أي ما يضاهي 980 منصب لمدرسي الثانوي الإعدادي، و795 منصب لمدرسي الثانوي التاهيلي، مع سن تعويضات عن البعد وعن التنقل . أما الإجراء الثاني، فهو اعتماد مفهوم المدرس المتحرك الذي يقوم على تعيين المدرسين بحسب الجهة وليس بحسب المنطقة أو المؤسسة . بالنسبة للورشة الثالثة لهذا المشروع، فإنها ستحدث تعويضات استثنائية للأطر التربوية التي يطلب منها تقديم مجهودات خاصة، وبموازاة ذلك، سيتم وضع آليات للقياس الاجتماعي بالنسبة للمدرسين، وذلك عبر الرفع من قيمتهم والإنصات إليهم، وخلق هيئة للوساطة لفائدة التلاميذ والأطر التربوية . إن أول سؤال يثيره هذا المشروع هو، إلى أي حد يرتبط هذا الأخير بالواقع المغربي؟ هل عدم تسريع اللامركزية واللاتمركز راجع إلى إجراءات محض إدارية ومسطرية، أم إلى غياب القرار السياسي بخصوص الجهوية بشكل عام؟ وهل هذه اللامركزية ستأتي دفعة واحدة، أم أنها ستأتي عبر مراحل؟ والى أي حد ستكون حقيقية غير مغشوشة؟ وبالنسبة للورشتين الأخيرتين، ألا تستهدفان شروط عمل الموارد البشرية الممارسة، بمزيد من الاستغلال وتكريس الفوارق بين فئاتها؟ ألا يعني إضافة ساعتين إجباريتين في جداول الحصص استغلالا مباشرا؟ ألا يعني كذلك تمتيع الأطر التربوية بتعويضات، تكريس لشق صفوف الشغيلة التعليمية وتحريض فئة ضد أخرى؟ وتعيين- الموارد البشرية- الجديدة، بحسب الجهة، أليس تكريسا لهشاشة التوظيف جهويا على أساس التعاقد؟ 2-3-4استكمال تطبيق اللامركزية واللاتمركز وترشيد هيكلة الوزارة . في ديباجة مشروعه رقم 18، يعترف البرنامج الاستعجالي بالخلل في سيرورة تحقيق اللامركزية واللاتمركز .وقد حدد عوامل هذا الخلل فيما يلي : 1- تدبير الموارد البشرية والممتلكات مازال مركزيا . 2-ضعف الوسائل الموضوعة في يد الأكاديميات والجامعات لمزاولة اختصاصاتها. 3-عمل هيئات التدبير التشاركي (مجلس الأكاديمية-مجلس الجامعة-مجلس تدبير المؤسسة ) لا يسير بصور مرضية. 4-ضعف تحويل الاختصاصات على مستوى الجهة، للنيابة والمؤسسة. 5- غياب التحديد الواضح للمهام والمسؤوليات لكل مستويات تدبير المنظومة التربوية. 6-يعاني التدبير من التقليد الشكلي الرافض للتجديد والإبداع . ولتجاوز هذا الوضع، ورغبة منه في تحقيق هدف تحسيس كل المستويات التدبير لمنظومة التربية والتكوين بثقافة المسؤولية، وترسيخ ثقافة التقويم، وتتبع النتائج، يقترح هذا المشروع -17- مجموعة من التدابير نوجزها فيما يلي : 1-إنجاح سيرورة اللامركزية. 2-الملائمة بين المواصفات المهنية والوظائف الجديدة للمسؤولين عن التدبير . 3-إعادة النظر في توزيع المهام بين مدبري المنظومة. 4-إرساء ثقافة تدبيرية مبنية على تحديد الأهداف وقياس الإنجاز والنتائج. 5-تحسين قدرات الإدارة لأداء مهامها بصورة فعالة. 6-تحسين اشتغال نظام الاعتماد في مؤسسات التعليم العالي. فمن أجل استكمال سيرورة اللامركزية، اعتمد البرنامج تحويل تدبير- الموارد البشرية- للأكاديميات والجامعات، مع وضع نظام معلوماتي يضبط تلك الموارد، كما سيتم تحويل تدبير الممتلكات لها، بعد حصرها ووضع مساطر تدبيرها وصيانتها .هذه التدابير ستفرض، حسب البرنامج، وضع هيكلة تنظيمية جديدة تعتمد ثلاثة مبادئ: 1-خلق الانسجام بين سلطات ومسؤوليات البنيات اللاممركزة . 2-تعزيز دور مدير المؤسسة لجعله عماد الإصلاح . 3-تركيز الإدارة على وظائفها الأساسية باعتبارها سلطة تقريرية . إضافة إلى ذلك، وبخصوص اشتغال الهيئات التدبيرية ) المجلس الإداري للأكاديمية –مجلس الجامعة –مجلس التدبير –مجلس المؤسسة (، سيتم تنظيم ادوار تلك الهيئات مع تحسيسها وتنشيطها لتساهم في اوراش الإصلاح . أما تحقيق الملائمة بين مواصفات المسؤولين اللاممركزين ووظائفهم الجديدة، فانه يقتضي وضع مقاييس جديدة لتوظيف مديري المؤسسات والمدبرين )نواب –مسؤولون بالأكاديمية( مع إقرار قواعد جديدة للتعويض عن المهام، و إخضاع مديري المؤسسات لتكوين تأهيلي لمدة سنة، ووضع مخطط للتكوين المستمر لفائدة هؤلاء المديرين والنواب ومسؤولي الأكاديميات . في نهاية هذا المشروع رقم 18، ومن اجل إرساء ثقافة التدبير بالنتائج، ولضمان قيادة فعالة لمنظومة التربية والتكوين، سيتم إقرار التعاقد مع الأكاديميات والجامعات لتعزيز استقلاليتهما، ووضع مجموعة من مؤشرات الانجاز ولوحات القيادة تخص كل مستويات التدبير، مع إحداث وظيفة مراقبة التدبير لإنتاج مؤشرات الأداء وتحليلها وتعميمها . إن تحقيق فعالية الإدارة المركزية لن يتم، حسب هذا المشروع، إلا عبر لامركزة عدد من وظائفها، في ظل إرساء نمط تدبيري متمحور حول النتائج. .الأمر الذي سيفرض تجميع تلك الوظائف المتجانسة أو المنسجمة، في وكالات وطنية، ستحدد مهامها وتنظيمها وارتباطاتها، وكذا الوسائل التي ستتوفر لها . وبخصوص تحسين اشتغال نظام الاعتماد في التعليم العالي، سيتم إحداث هيئة موحدة للاعتماد، بغرض تبسيط الإجراءات، وتحسين فعاليتها لضمان شروط جودة المسالك الجديدة وملائمتها الكاملة لحاجيات سوق الشغل . إن قضية اللامركزية التي يستهدفها هذا المشروع، ما زالت تثير عددا من التساؤلات الجوهرية حول عدم إمكانية تحقيقها في غياب الشروط السياسية لتحققها .إن مشروع 18من -18- البرنامج الاستعجالي، ينعت السلطة التربوية المركزية بالسلطة التقريرية، هل هذا يعني أن الأكاديميات والجامعات لا تملك القرار التربوي؟ أم أن هذه الأخيرة تمتلك جزء من ذلك القرار في حدود الصلاحيات الثانوية المسندة لها؟ وعلى مستوى- الموارد البشرية-، هل ستعمل عملية تحويل تدبيرها للأكاديميات على إيقاف فوضى توزيعها، وتتجاوز كل الاختلالات في توظيفها؟ أم أن ذلك لن يعمل سوى على المزيد من استفحال تلك الاختلالات؟ أما على مستوى تحويل تدبير الممتلكات، فما ضرورة خلق وكالة تدبير مركزية إذا كان الهدف هو تحقيق اللامركزية والاستقلالية؟ وبخصوص تنظيم وتدقيق ادوار هيئة التدبير، فهل الأطراف المشكلة لهذه الهيئة مستعدة للانخراط الكلي في اوراش الإصلاح؟ وما طبيعة هذه الأطراف، هل هي بالفعل هيئات ممثلة؟ والى أي حد هي فعالة في اشتغالها؟ أما الملائمة بين مواصفات المسؤولين اللاممركزين ووظائفهم الجديدة، ألا تشكل توظيفا وخلقا لطاقم إداري بيروقراطي يدبر منظومة التربية والتكوين كما تدبر المقاولة؟ وثقافة التدبير بالنتائج، أليس ثقافة السوق حيث الربح يلازمه الاستغلال؟ ألا تدفع كل تلك الإجراءات، التي تضمنها هذا المشروع، إلى تحويل المؤسسات التعليمية والجامعات إلى مصانع لإنتاج يد عاملة رخيصة، قابلة للاستغلال؟ 2-3-5 تخطيط وتدبير منظومة التربية والتكوين يثير هذا المشروع مسالة تخطيط منظومة التربية والتكوين. إذ يعترف بالاختلالات الكثيرة التي تتضمنها عملية التخطيط الحالية. وقد وضع الأصبع على الخلل الذي يعتبره رئيسيا في هذه العملية، ألا وهو اعتمادها الصيغة العمودية التراتبية، إضافة إلى ضعف التواصل الإعلامي، وعدم تعميم تكنولوجيا الإعلام داخل منظومة التربية والتكوين . ولتجاوز هذه الوضعية جاء المشروع رقم 20 بمجموعة من التدابير وهي: 1-إعادة تنظيم سيرورة التخطيط باعتماد المنطق التصاعدي . 2-ترشيد منظومة الإعلام من اجل تخطيط وتدبير منظومة التربية والتكوين . 3-وضع منظومة للتواصل في قطاع التعليم المدرسي . يستهدف التدبير الأول، حسب المشروع، الإشراك الفعلي للجماعات المحلية في عملية التخطيط، بحيث ستعمل هذه الجماعات، بمعية المؤسسات التعليمية، على توفير المعطيات، والمشاركة في التخطيط المحلي .وستسمح هذه السيرورة التخطيطية المعتمدة على المنطق التصاعدي، الذي يصب في المركز، بتطوير مقاربة مكانية، تسمح بقراءة التفاوتات بين الجماعات، وتحدد مناطق التدخل ذات الأولوية .أما التدبير الثاني، فيرمي إلى ترشيد منظومة الإعلام داخل منظومة التربية والتكوين، لتحسين أداء بعض المجالات الحساسة، كالإحصاءات، والخريطة المدرسية، وتدبير- الموارد البشرية -، والميزانية، والممتلكات .كما يهدف هذا المشروع إلى جعل منظومة الإعلام هذه منسجمة ومندمجة، تصل جميع مستويات منظومة التربية والتكوين .وأخيرا، التدبير الثالث الخاص بوضع منظومة للتواصل في قطاع التعليم المدرسي .ينطلق هذا التدبير من حاجة منظومة التربية والتكوين، في بعدها الوطني، إلى نظام تواصل، لضمان تداول سلس وشفاف للمعلومات .وفي هذا الإطار، سيتم إدخال تعديلات على مشروع ” جيني =génie” “، كما سيتم توسيع شبكة الانترنيت داخل -19- المنظومة، ليشمل جميع مستوياتها، و بموازاة الإجراءين، ولفرض تدبير التغيير في هذا المجال، سيتم اعتماد التكوين والتواصل والتحسيس . يثير هذا المشروع قضية تخطيط منظومة التربية والتكوين، ويحمل الجماعات المحلية، كمدبر محلي أساسي، مسؤولية الإشراك في هذا التخطيط، وتوفير المعطيات الحقيقية لاشتغال المقاربة المكانية التي ستحدد مناطق التدخل ذات الأولوية، كما يثير قضية استعمال تكنولوجيا الإعلاميات، لضبط -الشاذة والفادة- داخل منظومة التربية والتكوين . انطلاقا مما يستهدفه هذا المشروع، ألا يشكل الاهتمام المتزايد لميثاق التربية والتكوين، ومن بعده البرنامج الاستعجالي، بالجماعات المحلية، مع إعطاءها صفة مدبر ومخطط منظومة التربية والتكوين محليا، تملصا حقيقيا للدولة من نفقات تعليم أبناء المغاربة؟ وهل هذه الجماعات، التي تعرف اختلالات كثيرة، قادرة على تمويل التعليم محليا؟ ألا يشكل هذا الأمر تخليا عمليا عن المدرسة العمومية، وتركها تتدهور أكثر فأكثر؟ أما فيما يخص إلزامية توفير البنية التحتية للتواصل الإعلامي داخل منظومة التربية والتكوين، ألا ينم هذا الأمر على الهاجس الأمني، الذي لا يفارق السلطة التربوية مركزيا؟ ألا يمكن تلخيص الإجراءين السابقين في عبارة مقتضبة ودالة من مثل “قليل من الإنفاق وكثير من الضبط “؟ 2-3-6 التحكم في اللغات ينطلق هذا المشروع من التوجهات الكبرى التي سطرها ميثاق التربية والتكوين وهي كالتالي: 1- ضرورة تعزيز اللغة العربية. 2- تشجيع التحكم في اللغات الأجنبية . 3- تنويع لغات التدريب العلمي . 4- الانفتاح على الأمازيغية . وبعد تشخيصه للوضعية، خلص هذا المشروع إلى وجود اختلالات علي مستويين اثنين: 1- مستوى لغة التدريس بالنظر إلى التفاوت الكبير بين التعليمين، الثانوي والعالي. 2- مستوى تدريس اللغات، بحيث كشفت دراسة عينة من التلاميذ على المستوى الوطني، ان7% من تلاميذ المستوى السادس فقط يتحكمون في اللغة العربية و1% في اللغة الفرنسية . ولتحقيق الهدف الذي سطره، لجا هذا المشروع إلى خدمات المجلس الأعلى للتعليم لفك الإشكالات التي تطرحها المسالة اللغوية، والتي تتحدد في : - لغة تدريس المواد العلمية والتقنية. - وضعية اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية . - اختيار اللغات الأخرى التي يتعين تدريسها وتحديد سبل وصيغ تدريسها وتعلمها. إضافة إلى ذلك، اعتمد هذا المشروع ثلاث دعامات أساسية : 1- تحسين وملائمة التقنيات البيداغوجية باعتماد بيداغوجية الإدماج . 2- تطبيق بيداغوجية الدعم لفائدة التلاميذ . -20- 3- تطوير تعلم اللغة العربية بإسهام من أكاديمية محمد السادس للغة العربية. يثير هذا المشروع المسالة اللغوية داخل منظومة التربية والتكوين، سواء في ما يخص تدريسها أو تعلمها، الأمر الذي يضعنا قبالة اعتراف السلطات التربوية بفشل سياسة التعريب المتبعة مند عقود. ففي ظل سياسة التعريب، وغياب التفعيل الحقيقي للغات المحلية (الأمازيغية والعربية) كي تصير لغات علمية، الم تلعب هذه السياسة دورا كابحا للفكر العلمي داخل منظومة التربية والتكوين؟ وما دلالة ورود اللغة العربية في رأس التوجهات الكبرى للميثاق، وفي هذا المشروع 20 من البرنامج الاستعجالي تأتي كدعامة ثالثة وأخيرة؟ ألا يوحي هذا الأمر بالتخلي عن اللغة العربية وتبني اللغات الأجنبية الحاملة للتكنولوجيا؟ وما مصير اللغات المحلية؟ وعلى ضوء مبرر العولمة، ألا يراد لهذه اللغات أن تلعب دورا مزدوجا، واحد فولكلوري والآخر امني؟ 2-3-7-وضع نظام ناجع للإعلام والتوجيه : إن مؤشر 1200 تلميذ للمستشار الواحد، مع الاقتصار على المستوى الثالث إعدادي وأولى تأهيلي، كاف لإبراز ضعف بنيات الاستشارة والتوجيه.في هذا الإطار سجل البرنامج الإستعجالي في المروع 21، الملاحظات التالية: -ضعف التنسيق الإجرائي بين مختلف المتدخلين في التوجيه. -غياب التحديد الدقيق لمهمة كل بنية من البنيات. -صعوبة تداول المعلومات بين مختلف الفاعلين. -نقص الموارد والكفاءات المعبأة من أجل ضمان تحقيق هذه الوظيفة. -الجسور بين التكوين المهني وبين منظومة التربية والتكوين تظل جد محدودة ولتجاوز هذه الوضعية اعتمد المشروع 21 التدابير التالية: 1- وضع الإعلام رهن إشارة المتعلمين. 2- تطوير التوجيه النشيط. 3- تطوير نظام الجسور بين المسالك. وحسب هذا المشروع 21، فالتدبير الأول يتوخى خلق شبابيك جهوية للتنسيق حول مراكز – إرشاد الطالب –الخاصة بالتوجيه بالتعليم العالي .وستضع هذه المراكز، رهن إشارة الطلبة /التلاميذ، كل المعلومات المرتبطة بمحتوى مختلف التكوينات المقترحة، ومنافذ الشغل التي تؤدي إليها .وبموازاة ذلك، سيتم تصميم بوابة انترنيت وطنية، تكون مصدر نشر كل ما له علاقة بالتوجيه، مع إلزام مستشاري التخطيط بتنشيط اجتماعات إخبارية منذ السنة الأولى إعدادي . أما التوجيه النشيط وتطويره، فيستهدف تلاميذ التاهيلي والطلبة، من خلال الإجراءات التالية : 1- سيقوم تلاميذ البكالوريا نهاية الاسدس الأول باختيار توجههم انطلاقا من النتائج التي حصلوا عليها. 2- التلاميذ الحاصلون على البكالوريا والراغبين في استكمال دراستهم الجامعية، ستنظر الكليات في طلباتهم إما بدراسة ملفاتهم أو بإجراء مقابلة قصد قبولهم أو رفضهم. 3- توفير عدة إعلامية خاصة بالطلبة الجدد قصد تمكين كل طالب جديد من اختيار توجهه -21- 4- تعميم التكوينات في التكنولوجيا منذ السنة الأولى إعدادي . وأخيرا تطوير نظام الجسور بين المسالك قصد السماح بإعادة التوجيه في حالة الفشل في مسلك من المسالك او الانتقال من مسلك إلى آخر لمتابعة التكوين في مستوى دراسي أعلى وهكذا ستعمل منهجية توحيد الاعتماد بالنسبة للبرامج والمؤسسات لمرحلة ما بعد البكالوريا، على تطوير المعادلات بين الشهادات وتطوير الجسور فيما بين التكوينات . يثير هذا المشروع مسالتين أساسيتين، المسار الدراسي للتلاميذ ومستقبلهم الثقافي . فالتلاميذ سيرتبطون بالتوجيه منذ السنة أولى إعدادي .وكلما تقدموا في مسارهم الدراسي كلما خضعوا للتوجيهات الممنوحة المفروضة عليهم، وتحت ضغط الخوف من البطالة والمحيط الأسري الذي يطالبهم، ضمنيا، بانتزاع منصب شغل بعد إنهاء الدراسة . إن ما يدعو إليه هذا المشروع يجعل التلاميذ، خصوصا بعد البكالوريا وبعد قبولهم بالجامعة، يختارون مسالك قد لا يرغبون فيها، ولا يجدون فيها ذواتهم .أما المسالة الثانية التي يثيرها هذا المشروع، فهي مرتبطة بالمستوى الثقافي لوالجي سوق الشغل بعد التخرج .هل ستتحول الجامعة إلى مقاولة، أو مصنع، لإنتاج خريجين /يد عاملة محرومة من التكوين السياسي /المعرفي الذي كانت تلك الجامعة فيما سبق فضاءه الممتاز؟ وهل توجيه ثلثي الطلبة نحو المسالك التقنية نابع من رغبة تجاوز التخلف التكنولوجي بالبلاد، أم لتلبية حاجات سوق الشغل من اليد العاملة؟ -2-4- المجال الرابع : وسائل النجاح . 2-4-1 : ترشيد الموارد المالية واستدامتها. في تشخيصه للوضعية، سجل البرنامج الاستعجالي في المشروع 22، تحقيق نسبة الزيادة في ميزانية منظومة التربية والتكوين التي بشر بها الميثاق . لكنه سجل كذلك أن 90% من ميزانية التسيير تلتهمها كثلة الأجور، ولاحظ كذلك غياب تقويم دقيق، سواء على المستوى المركزي أو الجهوي أو في الجامعة، لمدى نجاعة مطابقة الموارد للنفقات . كما أثار قصور العرض التربوي الخصوصي، الشريك الأساسي في عملية الإصلاح، في استقطاب التلاميذ المغاربة، اذ حدد نسبة استقبال هذا القطاع للمتمدرسين في 7.7 % في التعليم المدرسي و5.6 % في التعليم العالي سنة 2006 /2007 .إضافة إلى ذلك، أشار إلى ما تثيره الجودة داخل هذا القطاع، بسبب تباين برامجه، وعدم تفعيل آليات المراقبة التربوية، وغياب الإطار القانوني للممارسين داخله، وأخيرا عدم تطبيق المرسوم التطبيقي المتعلق باعتماد مؤسسات التعليم العالي الخصوصي والاعتراف بشواهد تلك المؤسسات . أمام هذه الوضعية، ومن اجل تحسين مردودية منظومة التربية والتكوين، وترشيد النفقات ومحاربة التبذير، جاء هذا المشروع 22 بمجموعة من الاجراءات وهي: 1- وضع تدابير لتحسين مردود منظومة التربية والتكوين. 2- ترشيد النفقات. 3- إقرار محاسبة عامة وتحليلية في الأكاديميات والجامعة . 4- إحداث صندوق لدعم التعليم المدرسي . 5- تنمية العرض التربوي للتعليم الخصوصي. -22- إن ترشيد كتلة الأجور يعتبر حاسما في تحسين مردودية منظومة التربية والتكوين، ولهذا سيتم اللجوء إلى التوظيف الأمثل للمدرسين (إعادة الانتشار – المواد المتآخية – الاقتطاع من أجور المتغيبين والتوظيف التعاقدي على مستوى الجهة، مع تشجيع الساعات الإضافية للحد من التوظيف). أما ترشيد النفقات، فسيتم تفويض بعض المصالح، كالبناء والصيانة والحراسة والمساحات الخضراء والدا خليات لجهات خارج منظومة التربية والتكوين، مع ترشيد نفقات الماء والكهرباء . ولضبط تكاليف الوسائل والتجهيزات، سيتم الاعتماد على المحاسبة العامة والتحليلية في الأكاديميات والجامعات . وفي سياق التصريح بان الدولة غير قادرة لوحدها على تحمل إجمالي النفقات المرتبطة بإصلاح منظومة التربية والتكوين، سيتم إحداث صندوق لدعم التعليم المدرسي تثم تغذيته من قبل فعاليات المجتمع، ولضمان استمراره ستتم تطعيمه بموارد دائمة . وأخيرا تنمية العرض التربوي الخصوصي، وذلك بالارتكاز على ثلاث محاور: 1- وضع تدابير تحفيزية تمكن من تسهيل استثمار الخواص في قطاع التعليم . 2- تفويض تدبير مؤسسات عمومية قائمة. 3- تطوير نموذج عرض تربوي خصوصي لفائدة خواص كبار قادرين على تغطية التراب الوطني يشتغلون في مجموعات مدرسية معترف بها . ينطلق هذا المشروع من الإقرار بعدم ملائمة النفقات والمرد ودية لمنظومة التربية والتكوين، ليطرح مجموعة من الإجراءات التي تثير مجموعة من التساؤلات، هل إعادة انتشار المدرسين والمواد المتآخية والساعات الإضافية، كإجراءات، تستهدف ما هو تربوي أم ما هو مالي فقط؟ الم تخلق هذه الإجراءات، التي بدا العمل بها، ظاهرة الاكتضاض بأقسام المدرسة العمومية وسرعت بتدني التحصيل المدرسي؟ وماذا يقصد بالاقتطاعات من أجور المتغيبين من المدرسين؟ هل المقصود هو الغياب المبرر أم أيام الإضراب؟ والتوظيف التعاقدي، أليس مسا باستقرار الشغل وجعله هشا؟ أما تفويت بعض مصالح منظومة التربية والتكوين، ألا يفتح الباب أمام جشع المستثمرين في القطاع؟ ألن يعرض هذا الأمر القطاع للمضاربات والتحايل والغش؟ أما التدبير المفوض للمؤسسات التعليمية القائمة، ألن يتعرض المستفيدون من خدمات المدرسة المغربية لما تعرضت له بعض المدن المغربية بسبب التدبير المفوض لوكالتي الماء والكهرباء والنظافة؟ بالنسبة لصندوق الدعم، أليس هذا الأخير بمثابة التعبير الحقيقي عن تملص الدولة من تقديم خدمة مجانية وجيدة لمواطنيها في التعليم؟ وهل ستتم تغذية هذا الصندوق من جيوب المواطنين المثقوبة أصلا؟ وأخيرا، وفي سياق إهداء القطاع للمستثمرين الخواص، عبر مجموعة من التحفيزات، هل سيكون بمقدور هؤلاء الخواص تجاوز الاختلالات الكبيرة لمنظومة التربية والتكوين؟ أم أن ما يهمهم، ليس هو الإقلاع بالمستوى الدراسي لأبناء المغاربة، بل ما سيحوزونه من أرباح؟ 2-4-2 التعبئة والتواصل حول المدرسة يلاحظ البرنامج الاستعجالي في هذا الإطار، تأخر التعبئة لمختلف المتدخلين والشركاء لمنظومة التربية والتكوين، مرده إلى - غياب سياسة تواصلية وطنية حول الإصلاح . - ضعف انخراط هيئات التسيير ) المجلس الإداري –مجلس تدبير المؤسسة ...) -23- ولتجاوز هذه الوضعية يقترح المشروع 23من البرنامج ما يلي: 1- وضع إستراتيجية وطنية للتواصل الداخلي والخارجي . 2- .عقد شراكات انتقائية وفعالة . إن تلك الإستراتيجية ستعمل على تفعيل عملية التواصل الداخلي بين جميع المستهدفين (تلاميذ –جمعيات أباء –شركاء ...).أما على المستوى الخارجي، فسيتم الاستعانة بخدمات التلفزيون والإذاعة لتحسيس اكبر عدد ممكن من المواطنين بقضية التربية . ولتحقيق هذه الإستراتيجية، سيتم تعزيز البنيات المسؤولة عن التواصل مركزيا وجهويا .أما تعبئة الشركاء، فالبرنامج يحدد هوية هؤلاء الشركاء، وهم الجماعات المحلية، والفاعلين المؤسسيين، وممثلي عالم الاقتصاد والأعمال، وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ .وحدد لكل شريك من الشركاء الأربع الأساسيين دوره، كل حسب اختصاصه . في القسم ما قبل الأخير من هذا البرنامج، يشير هذا الأخير إلى العدة التي ستسمح بتطبيق ما جاء به .وفي هذا الإطار تم اعتماد ما سماه بالمقاربة المجددة، التي تستند إلى صيغة المقاربة بالمشروع. وهكذا سيكون فريق خاص بكل مشروع على الصعيدين الوطني والجهوي . في الخاتمة يذكر النص التركيبي للبرنامج الاستعجالي بمرجعيته و بالآمال التي تعقدها عليه أعلى سلطات البلاد. كما لم يفته أن يذكر بكونه تحديا لا يمكن مواجهته إلا بانخراط الجميع خصوصا المتدخلين أو الفاعلين المباشرين في منظومة التربية والتكوين .ولقد أثار هذا المشروع رقم 23 مسالة أساسية، ألا وهي التواصل وضعفه سواء الداخلي أو الخارجي، كما يرجع هذا الضعف إلى ضعف التعبئة، سواء أكانت داخلية أو خارجية .لكن السؤال الجوهري الذي لم يطرحه هذا المشروع، في تشخيصه للوضع، هو ما الأسباب الحقيقية لهذا الضعف؟ لماذا لا ينخرط جميع الفاعلين في منظومة التربية والتكوين، هل لعدم وضوح الرؤية بالنسبة إليهم أم أن الوضع المزري للمدرسة العمومية هو الذي افقدهم حماس الانخراط؟ وكيف ستتم عملية إقناع عموم الناس بالانخراط في الإصلاح، واغلبهم يحمل في دواخلهم صورة سيئة عن المدرسة وعن رجل التعليم، ولا تولي لهم هذه المدرسة الاهتمام إلا حين يتعلق الأمر بأداء المصاريف؟ 3-خلاصات: بعد تجوالنا في فضاءات المجالات التي جاء بها البرنامج الاستعجالي, وعبر مشاريعها ومسارات هذه المشاريع، يعود السؤال الجوهري السابق حول متانة المعمار الذي ارتضاه هذا البرنامج ليفرض نفسه .هل ترسو المجالات الثلاثة الأولى على قاعدة صلبة؟ وبلغة المعمار، هل الطوابق الثلاثة لهذه العمارة الإصلاحية ترتكز على أسس متينة؟ وإذا نحن استعنا بالخبرة في أسس بناء هذا البرنامج، فإننا سنندهش بكون الطوابق الثلاث لهذا البناء الشاهق لا تقف إلا على أسس واهية. تتوخى تفعيل سيناريو تملص الدولة من التعليم.فالفلسفة المؤطرة لهكذا إصلاح تنطلق من مقدمة خاطئة، وكل المقدمات الخاطئة تؤدي بالضرورة إلى نتائج خاطئة. إن خضوع المغرب لسياسة تحرير الخدمات العمومية الإمبريالية، دفع بالطبقة السائدة إلى إشراك المجتمع في تحمل نتائج هذا التحرير، وإعفاء الدولة من مهامها في مجال -24- التعليم .فتقليص إلزامية التعليم في حدود السلك الابتدائي والإعدادي، وتحميل الشغيلة التعليمية، بعد وضعها في قفص الاتهام، المزيد من الأعباء وتعريضها لفرط الاستغلال، وكذا خلق ضريبة لفائدة التعليم، تندرج كلها في إطار الفاتورة الباهظة التي تريد الطبقة السائدة إشراك الأسر ذات الدخل المحدود والفقيرة في أدائها . هل ستتحمل الأسر المغربية، ذات الدخل المحدود والفقيرة، المزيد من الأعباء؟ وما قوة هذا الاستحمال؟ أليس هذا مخططا تصفويا يستهدف حق أبناء الطبقات المقهورة في تعليم جيد ومجاني تتحمله الدولة؟ وهل يجر هذا المخطط خلفه مخططات أخرى؟ هذا الهجوم على حق التعليم، والذي يقوده الرأسماليون ودولتهم، ألا يحتم خلق جبهة واسعة لصده؟ وهذه الجبهة، ألا يفترض أن يلتحق بها كل المغاربة المهضومة حقوقهم السياسية والاقتصادية والثقافية؟ ألا يستدعي الأمر خلق تنسيقات بين جميع الإطارات المفروض فيها أنها تدافع عن مصالح المواطنين، سواء أكانت حزبية أو نقابية أو جمعوية؟ بقلم لحسن الضيف