أحال مجلس المستشارين مشروع القانون الإطار رقم 97.13 التعلق بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة و النهوض بِها على المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهي مؤسسة حدد المشرع اختصاصها في إبداء الرأي والمشورة بطلب من جهات محددة بالقانون، أو بمبادرة منها. ومعلوم أن رأي المجلس وغيره من المؤسسات المماثلة ليس ملزما، بمعنى أن الجهة التي يقدم إليها تكون مقيدة به، بل لها كامل الصلاحية في أن تأخذ بِه كلا أو بعضا، حالا أو استقبالا، أو تتركه جانبا. لكن بعد قراءة هذا الرأي وما تضمنه من وتوصيات أحببت أن أسجل عليه الملاحظات الآتية: أولا: لم تتم الإشارة بتاتا إلى أهمية المشروع من حيث قوته القانونية التي يتمتع بها، فهو مشروع قانون إطار، يأتي ضمن مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 71 من الدستور التي أعطت للبرلمان "صلاحيات التصويت على قوانين تضع إطارا للأهداف الأساسية لنشاط الدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية"، و بالتالي فهو ليس مشروع قانون عادي، بل مشروع قانون إطار سيحدث ثورة في مجاله، وكان حري بالمجلس أن يتحدث عن هذا و قَدْ يغنيه ذلك عن بَعْض ما ورد في توصياته؛ ثانيا: إن القانون الإطار من حيث هو، لا يدخل في تفاصيل المقتضيات القانونية وجزئياتها بل يرسم الأهداف ويضع التوجهات الكبرى للدولة في المجال، أما التفاصيل والجزئيات ذات الصِّلة بمجاله فانه يتركها ويحيلها على القوانين العادية والنصوص التنظيمية الأخرى. وهكذا، فَلَو تم الانتباه إلى هذا لما غرق رأي المجلس في تفاصيل وجزئيات لم تكن غائبة على معد المشروع الذي ظل وفيا لطبيعة النص التشريعي من غير إغفال لما تضمنه الدستور من مقتضيات ذات الصِّلة بمجال حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها أو ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بهذا المجال؛ ثالثا: إن السياق الذي أعد فيه المجلس رأيه حول مشروع هذا القانون الإطار والمنهجية المعتمدة في ملاحقة 16 مادة من مشروع القانون إطار من أصل 26 مادة ببعض التدقيقات بغرض تقويتها، كَما ورد في كثير من التوصيات الفرعية، جعل المجلس يهمل المستجدات الكبرى التي جاء بها هذا المشروع، وهي مسجدات غير مسبوقة، وكان حري بالمجلس أن يقف عندها مليا ليبرزها لكل من يعنيه الأمر، وهو أمر تقف عنده المؤسسات التي تحترم نفسها، إذ غالبا ما تقف عند المكتسبات التي كرسها المشروع فتزكيها، ثم عند المستجدات التي جاء بها فتثمنها أو تقويها إن كانت تحتاج إلى ذلك، وأخيرا توصي بالقضايا التي لم ترد في النص؛ رابعا: إن الحقوق لا تأتي دفعة واحدة بَلْ تخضع للتطور والتراكم، وهو ما يعبر عنه بالتدرج الذي يروم الكمال، وهو ناموس كوني، إذ الأشياء لا تقع بين عشية وضحاها، لذا فان تنزيل مضامين الاتفاقية الدولية ذات الصِّلة تعامل معها المشروع بشكل عقلاني متدرج، وقد وافق في منهجه المنحى الذي سار عَلَيْه الدستور في كثير من مقتضياته، فما أكثر القضايا التي يمكن أن تكون موضوع توصية، لكِنني أظن أن المؤسسات الدستورية ليست نقابات لها مطالب أو جمعيات لها مصالح بل مؤسسات وطنية للحكامة الجيدة في مجال اختصاصها المنصوص عليها في الباب الثاني عشر من الدستور، تعد رأيها في الموضوع وعند تقديمه تأخذ بعين الاعتبار اكراهات الدولة المالية والاقتصادية والاجتماعية، فأعمال العقلاء منزهة عن العبث؛ خامسا: نخلص في هذه الملاحظة إلى القول بان رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مشروع القانون إطار رقم 79.13 المتعلق بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها لا يعدو أن يكون في جزء كبير منه تكرار لما ورد في المشروع من معطيات بلغة أخرى أوهمت غير المطلعين على المشروع بأنها مقترحات المجلس في مجال الإعاقة وتوصياته، في حين أن الأمر غير ذلك.