كثر الكلام حول توقيف الأستاذة المثيرة للجدل "مينة بوشكيوة" من تدريس مادة الفلسفة بثانوية المنصور الذهبي بحي يعقوب المنصور بالعاصمة الرباط، وإعادتها من طرف نيابة الرباط للتدريس بمدرسة حسن اليوسي، "الرأي" ارتأت فتح تحقيق في الموضوع تنويرا لقرائها. نبذة عن الأستاذة المثيرة للجدل أمنة بوشكيوة ازدادت بمدينة الرباط سنة 1964، هي مطلقة وعندها ابنة راشدة تدرس خارج المغرب، وحصلت على الماستر مؤخرا من جامعة محمد الخامس بالرباط شعبة علم الاجتماع، إطارها أستاذة التعليم الابتدائي، كانت مكلفة بمهمة تدريس اللغة العربية للناطقين وغير الناطقين بها بالمدارس الفرنسية بالرباط، قبل أن تكلفها نيابة الرباط بتدريس مادة الفلسفة منذ 2008 في عدد من الثانويات التأهيلية في إطار سد الخصاص، أخرها ثانوية المنصور الذهبي بحي يعقوب المنصور بالعاصمة الرباط. في ثانوية المنصور الذهبي عوضت أستاذ مادة الفلسفة موقوف عن العمل لمدة شهرين وبدأت فيها العمل يوم 9 شتنبر 2014، وعندما انتهت العقوبة التأديبية للأستاذ عاد لمواصلة عمله، حينها قررت نيابة الرباط الإحتفاظ ببوشكيوة لتدريس مادة الفلسفة وتم تكليفها بتدريس مستوى الجدع المشترك، واشتغلت في الثانوية إلى غاية 16 دجنبر 2014، قبل أن تنهي النيابة تكليفها بتدريس مادة الفلسفة وتقرر إعادتها إلى المدرسة التي كانت تدرس فيها. حكاية الفايسبوك المندوب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية عبد الرحمان بليزيد أكد في تصريح ل"الرأي" أن إنهاء تكليف بوشكيوة في ثانوية المنصور الذهبي، لا علاقة له بما تنشره في الفايسبوك، قائلا "لأن هذه حرية شخصية هكذا نعتبره نحن في الوزارة، نتعامل مع أستاذ كأستاذ عندما يكون داخل المؤسسة، أما خارج المؤسسة فنتعامل معه كمواطن عادي، له الحق في كل ما يسمح له به القانون". وأوضح بليزيد أن إنهاء تكليف بوشكيوة بتدريس مادة الفلسفة مرتبط بكونها كانت تعوض أستاذ يقضي عقوبة تأديبية، وعندما انتهت مدة العقوبة التأديبية عاد الأستاذ لتدريس مادته، قائلا "وهذا الأستاذ هو أستاذ الثانوي التأهيلي وهي أستاذة الابتدائي، أرجعت إلى مقر عملها الأصلي، ولم يتم توقيفها أو اتخاذ أي إجراء تأديبي أو أي شيء". من جهته قال مدير ثانوية المنصور الذهبي في تصريح ل"الرأي" كل ما يقوله الإعلام عن القضية لا علاقة له بالواقع، قائلا "الواقع أن الأستاذة لديها مشكل مع تلاميذها، ولا يوجد تواصل بينها وبين تلاميذها، وتعمد إلى قول الكلام النابي "كلام تحت السمطة مافيه ميتسمع"، ولم تستطع الاندماج مع الأساتذة. وأكد مدير الثانوية أن التلاميذ لم يعودوا يحترمونها، قائلا "أحدهم قال لها في ساحة المدرسة" "فخادك كيشعلوا أ استاذة"، وعندما تذهب إلى قاعتها "كيبدوا اطلوا عليها"، وعن الأسباب التي أدت بالتلاميذ إلى عدم احترامها قال المدير من بينها ما تنشره على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك وبعض المواقع، مثلا كتبت "تلاميذ الجدع المشترك يصابون بالهستيريا بمجرد رؤيتهم مؤخرتي"، علما أن هذا الكلام يعتبره التلاميذ إهانة يضيف المدير. وأبرز المدير أن بوشكيوة تقول للتلاميذ زوروا صفحتي بالفايسبوك، ومن يدخل إلى صفحتها عن طريق أحد الأساتذة، تحته على الدخول مباشرة إلى صفحتها، إلا أن التلاميذ الذين يلجون صفحتها بالفايسبوك يجدون مسائل تؤثر على نفسيتهم، مبرزا أن كيف التلميذ المراهق الذي يجد أستاذة تفعل ما تريد، ويرى الكأس والخمر وهي معرية، يعتبر ذلك غير مقبول وغير أخلاقي، متسائلا هل سندخل إلى رأس التلميذ ونقنعه أن ما تفعله حرية شخصية؟ وتابع مدير الثانوية أكثر من هذا وصفتني الأستاذة بوشكيوة في حوار مع تلميذة على الفايسبوك ب"الكلب"، قالت لها التلميذة "أستاذة مشيتي"، وقالت لها "ييه ابنتي مشيت حيث المدير كلب ومعجبتوش"، وهذا الحوار موثق وموجود في الملف الموجود لدى الوزارة يضيف المدير. عندما نرى تلميذ يقول لأستاذة "فخادك كيشعلوا أ أستاذة" وتفعل كل هذا يقول المدير، ماذا سنفعل نحن؟، "هي "خلخلات" الأمور، وتريد أن تكون بطلة على حسابنا، نحن لا نتدخل في حريتها الذي يهمنا هو الهدوء داخل المؤسسة، مضيفا "شهرين من التدريس مع أولى بكالوريا" لم تكتب لهم ولا سطر واحد، "وكدير لي كاليها راسها"، الكتاب المدرسي لم تتعامل به، فرضت على التلاميذ أن يأتوا بأوراق وضعتها في إحدى المكتبات، هي لا يعجبها الكتاب المدرسي، "حنا ولات عندنا مشكلة في المؤسسة، وقتما سمعنا أصوات مرتفعة كنخرجوا ونجريوا ونقول المشكل ميكون غير عند الأستاذة بوشكيوة". ويرى المدير أن بوشكيوة تجاوزت حريتها على الفايسبوك، قائلا "لأنها نشرت حوارا بيني وبينها، عندما ينشر أستاذ حوارا مع المدير راه مبقاتش هديك حرية، مضيفا أنا قلت لها "أستاذة الله أكثر خيرك راه صورك منتشرة في المؤسسة، والتلاميذ مراهقين، ولكنها لا تكترث لكلامي، ما ذنبي أنا إن كنت أريد الحفاظ على هدوء المؤسسة، وأنا طالبت فقط باستبدالها بأستاذ أخر لا أقل ولا أكثر. أنا طالبت باستبدالها يقول المدير حفاظا على الأمن داخل المؤسسة، وحفاظا على سلامتها من الآباء، لأنها تثير حفيظتهم، مبرزا أن الثلاميذ المزدادون بين 1994 و1998 ليس عندهم مستوى لكي يدخلوا في نقاشات فلسفية أعلى من مستواهم، علما أن المقرر بسيط لكن هي لا تريد أن تلتزم به، مضيفا ما كتبته في الفايسبوك حذفت جزءا منه إلا أن "التلاميذ جابوا داكشي كاملوا". وأضاف المدير كل ما تقوله الأستاذة غير صحيح، كل يوم تخرج برواية جديدة لا علاقة لها بالحقيقة، قائلا "وأكبر دليل على كلامي، أن الأساتذة العاملين في المؤسسة كلهم وقعوا عريضة جماعية يستنكرون ما تقوله في الإعلام، ويوضحون فيها حقيقة كلامها، وأرسلوا هذه العريضة لجميع الجهات المندوب، ومدير الأكاديمية، واللجن التي تتابع التحقيق في الموضوع، وكانوا أيضا سينضمون وقفة احتجاجية على سلوكاتها أمام المؤسسة. الحدث الذي فجر القضية قبيل إلغاء تكليف بوشكيوة من تدريس مادة الفلسفة، وقع حدث اعتبره الذين تواصلت معهم "الرأي" في الموضوع السبب المباشر في إيقاف الأستاذة من تدريس مادة الفلسفة، ووقع الحدث في أحد أيام الأربعاء عندما رفض التلاميذ الذكور الدخول إلى حصة بوشكيوة، ودخلوا في حالة فوضى وهيجان، مما جعلها تترك القاعة وتتجه إلى قاعة الأساتذة. عن الحدث قالت بوشكيوة في تصريح مصور لأحد المواقع الإلكترونية وقعت حادثة شغب عادية كما يحدث دائما في القسم وفي المؤسسة مع جميع التلاميذ والأساتذة، لأن هذه الثانوية عندها وضعية خاصة من حيث ارتفاع نسبة الشغب والعنف مع التلاميذ داخلها، "الفتيات كلهن دخلن إلى القسم وبدأنا ننتظر تقريبا 20 دقيقة، الذكور لم يلتحقوا، وأنا انتظر أن أبدأ حصتي، فإذا بالتلاميذ يدخلون في حالة هيجان وصراخ و"غوات"، "وبعضهم مكانوش واعيين وأنا خفت على راسي". وتابعت بوشكيوة خرجت من القسم والتحقت بقاعة الأساتذة وأعدت التقرير حول الوضعية، وعندما خرجت بدأ التلاميذ "كيهزو في الطوابل وكيخبطو بهم في القسم"، وتدخلت قوات الأمن التي كانت مرابطة بجوار المؤسسة بالإضافة إلى "القايد"، مضيفة وأنا لم ينادي علي أحد من قاعة الأساتذة، بعدها أعدت تقريري ووضعته في الإدارة واشتغلت من الخامسة إلى السادسة مساء مع قسم أخر بشكل عادي جدا، قائلة "المدير غير موجود في ذلك المساء في المؤسسة، والحارس العام ديال هادوك الأقسام مكانش حتى هو، كان غير حارس عام واحد". من جهته قال المدير في تصريح ل"الرأي" وقع الحدث وأنا لم أكن في المؤسسة كنت في اجتماع مع النائب، "التلاميذ هاجوا، وداكشي استدعى تدخل القايد"، دخل القائد للمؤسسة في غيابي، لكي يهدأ الأوضاع لأن الطاولات كانت تتكسر، والأستاذة بوشكيوة خرجت من القاعة وتركتهم وهذا ممنوع في حد ذاته، ممنوع أن يغادر الأستاذ القاعة ويترك التلاميذ، غادرت القاعة وتركت التلاميذ وذهبت وجلست في قاعة الأساتذة، مضيفا القائد عندما فتح نافذته رأى الطاولات تتساقط من القسم، واستدعى الوقاية المدنية، وأخذت تلميذة مصابة إلى المستشفى، وتدخل هو الأخر وهدأ الأوضاع. بوشكيوة قالت في ذات التصريح المصور، يوم الخميس اليوم الموالي للحدث، قال لي المدير سأتخذ الإجراءات المناسبة في حق هؤلاء التلاميذ، والآباء لم يأتوا ولم يتحدثوا معي عن الموضوع، ويوم الجمعة أتى عندي الحارس العام وقال لي لجنة تريدك، علما أني لم أتوصل باستفسار كتابي لا من السيد المدير ولا من السيد النائب حول ما حدث. وأوضحت بوشكيوة أن اللجنة تتكون من ثلاثة أشخاص ذكور قدموا أنفسهم على أنهم مستشارين في التخطيط والتوجيه، ولم يدلوا لي بأي بطاقة مهنية، "جلسنا في مكتب المدير دون حضوره معنا، وبدأوو يسألونني في تفاصيل حادثة الشغب، ولكن فيما بعد انتقلوا في الجزء الكبير من داك التحقيق حول كتاباتي في الفايسبوك، وأمدوني بوثيقة عن ما أكتبه في الفضاء الأزرق، مبرزة أنهم لم يتحدثوا لها نهائيا عن الصور، بل تحدثوا عن الكتابات، مضيفة مجموعة من الكتابات وصفوها بأنها مستفزة، وأنها تخدش الحياء العام إلى ذلك، وأنا عبرت على أن الفايسبوك فضاء عام يمارس فيه الإنسان حرية تعبيره، وبالنسبة لي مهنتي يحددها تقرير مفتش المادة، علما أن مفتشي لم يتم إخباره ولم يتم استفساره عن أدائي المهني. وأضافت بوشكيوة تلك الكتابات أعتبرها إبداعية أنتقد فيها الوضع العام ولكن ليس بطريقة مباشرة، وإنما بشكل كتابات ساخرة أو كتابات قصصية، ولا أشير فيها إلى أسماء ولا إلى أشخاص بذاتهم أو صفاتهم، ولا يمكن أن يقول أحد أن الأستاذة تحدثت عني شخصيا، وأتحدث فيها عن الواقع اليومي وعن ما أعيشه فيما يخص النقل والتعليم وبعض الطرائف التي تحدت في القسم، وهذه الكتابات أقوم بها هذه سنتان على صفحتي بالفايسبوك، ولم يسبق لي أن تعرضت لنوع من المساءلة، أو المحاسبة. وأبرزت بوشكيوة أنه لا يوجد نهائيا قانون في المغرب ينظم علاقة الأستاذ بالفايسبوك، أوعلاقته بتلاميذه في الفايسبوك، أو علاقة التلاميذ في حد ذاتهم بالفايسبوك، مضيفة ما ينظم علاقتنا بالتلاميذ هي القوانين المنظمة للمهنة، والتي تعاقدنا وفقها مع وزارة التربية الوطنية. شواهد طبيبة والتحايل على القانون أفادت مصادر "الرأي" فضلت عدم ذكر اسمها أن بوشكيوة عمدت مباشرة بعد إنهاء تكليفها بتدريس مادة الفلسفة إلى إرسال مجموعة من الشواهد الطبيبة رفقة صديقتها إلى مدير المدرسة الابتدائية حسن اليوسي بالحي الصناعي باليوسفية، التي ستواصل فيها عملها تتجاوز كل واحدة عشرين يوما بدعوى أنها مريضة، والواقع تؤكد المصادر أن بوشيكوة ليست مريضة بدليل إعطائها التصريحات لوسائل الإعلام واستضافتها في عدد من البرامج، معتبرة أن ما تقوم به بوشكيوة يعد تحايلا على القانون. مصادر من النيابة أوضحت ل"الرأي" أن يوم 25 دجنبر 2014 عندما توصلت المندوبية بالشواهد الطبية، أرسلت لجنة إلى التحقيق من كون بوشكيوة مريضة فعلا، حسب المسطرة المنظمة لمثل هذه الحالات، "فانتقل المسؤول إلى عنوان الأستاذة المعنية بالأمر والمدون في الشهادة الطبيبة، ولم يتم العثور على المعنية بالأمر داخل البيت، فتم إرسال مراسلة رسمية عبر البريد المضمون للاستفسار عن الأسباب التي أدت إلى عدم تواجدها في البيت"، مضيفة أن المعنية بالأمر لم ترد على الاستفسار، وننتظر مرور المهلة القانونية كما حددتها المسطرة لكي نلتجئ إلى قرار الاقتطاع من الأجر كمرحلة إنذاريه أولى، قبل أن ننتقل إلى قرار الفصل عن العمل. المندوب بليزيد قال في تصريح ل"الرأي" القرار الذي سنتخذه في حق بوشكيوة يتطلب المزيد من الوقت، ولا نريد أن نتسرع أو نظلمها، وعموما هذه هي القاعدة التي نعمل بها لكي لا يشعر الأستاذ أن حقه مهضوم. وأضافت المصادر ذاتها إلى أن بوشكيوة كانت تشتغل خلال السنوات المنصرمة بشكل جيد، إلا أن هذه السنة تغيرت في عطائها. صراع في العائلة كشفت مصادر مطلعة ل"الرأي" أن الأستاذة أمنة خلقت جوا متشنجا في عائلتها بسبب تشويهها سمعتهم على حد تعبير المصادر، مؤكدة أن أمها ذهبت إلى ثانوية المنصور الذهبي وتبرأت من ابنتها، وأختها وهي أستاذة جامعية تشاجرت معها كتعبير احتجاجي من عائلتها على رفض تشويه سمعتها. خلاصة التقارير المنجزة عن قضية بوشكيوة أفادت خلاصة التقرير الذي أعدته لجنة النيابة التي زارت المؤسسة واستمعت لكل الأطراف يوم 12 دجنبر 2014 أن القرار المتخذ في حق بوشكيوة هو إعادتها إلى المدرسة التي كانت فيها في الأصل، ولم يتم توقيفها كما تم الترويج لذلك في وسائل الإعلام. فيما تضمن التقرير الذي أعده مدير ثانوية المنصور الذهبي ثلاث نقط أساسية أولها أن بوشكيوة تتلفظ بكلمات نابية داخل المؤسسة، وسلوكاتها غير تربوية وغير أخلاقية، ثانيها عدم ضبط الفصول المدرسية المسندة إليها، ثالثها عودة الأستاذ الذي كانت تعوضه. اتهام القناة الثانية بتزوير الحقائق اتهم مدير ثانوية المنصور الذهبي القناة الثانية بتزوير الحقائق، قائلا في تصريح ل"الرأي" التلاميذ الذين أتت بهم القناة الثانية في الربورتاج الذي أعدته عن قضية بوشكيوة لا يدرسون في ثانوية المنصور الذهبي، مبرزا أن أولئك تلاميذ ثانوية باليوسفية سبق لبشكيوة أن درستهم، وهذا يعد تزويرا للحقائق، ومع ذلك حتى هؤلاء التلاميذ قالوا إن ما تنشره مخل بالآداب.