حث بيان جماعة العدل والاحسان التيارات الاسلامية واليسارية المعارضة أمس الاثنين إلى الانضمام إلى الاحتجاج على رفع أسعار بعض المواد الغذائية، في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة للجوء إلى نظام المقايسة الذي قد يؤدي إلى رفع أسعار الطاقة، في إطار إصلاحات توائم أسعار المحروقات في السوق الوطنية مع أسعار البترول الدولية. جبهة الجماعة ووصفت جماعة العدل والإحسان هذا القرار بأنه خطوة خطيرة ولا يمكن توقع عواقبها، وقالت الجماعة في بيان على موقعها الإلكتروني "ندعو كافة الشرفاء والغيورين لتكوين جبهة عريضة لمساندة وتأطير كل أشكال النضال الشعبي من أجل تحقيق المطالب المجتمعية العادلة وعدم تمييع هذا النضال بالزج به في أتون الصراعات السياسية المكرسة لقبضة النظام المخزني الفاسد المستبد." ولم يتضح ما إذا كانت الجماعات اليسارية ستستجيب لدعوة الحركة الإسلامية المعارضة التي تعتبر من القوى القادرة على حشد عشرات الآلاف من المحتجين المناوئين لسياسات الحكومات، وكانت الجماعة تمثل أحد أعمدة حركة 20 فبراير في عام 2011، والتي جرت خلالها انتخابات مبكرة أدت إلى تصدر حزب العدالة والتنمية للمشهد السياسي، بعد تعديلات دستورية، وتم تعيين عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة . الحنين إلى 20 فبراير كان اليسار الراديكالي بالمغرب من الروافد المغذية لحركة 20 فبراير، ممثلا في قطاع من الشباب الجامعي والتلمذي، بالتزامن مع الحركة الاحتجاجية التي تبنتها جماعة العدل والاحسان قبل أن ينقطع الود بين التيارين بعد الاختلاف على أسس عمل الحركة الاحتجاجية، فأعلنت الجماعة انسحابها من 20 فبراير، وبعده مباشرة عرفت الحركة نكوصا في عملها الميداني، وخاصة بعد الحدث الذي خلقه صعود حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل بخطابه الجديد في الحكم، والذي لم يكن مألوفا سابقا. لكن العراقيل التي وجدها الحزب الاسلامي في تدبيره الحكومي، والتي يتهم "العفاريت والتماسيح" بالتسبب فيها، وارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية، كان آخرها ارتفاع ثمن الحليب، واعتماد نظام المقايسة، كل هذه الأمور جعلت التيارات المعارضة تحن إلى فترة الوهج "الفبرايري". غير أن الجماعة والتيارات اليسارية الراديكالية، على ما يتضح، لن تسقط في أخطاء الماضي، والمتمثل في الجلوس بشكل مباشر على طاولة واحدة في تكتل ضد الحكومة الجديدة. وهو ما يعني عدم عودة "20 فبراير" بالوهج الذي كانت عليه، كما أن الظروف السياسية التي أنتجت الحركة لم تعد قائمة. عدو واحد التيارات السياسية عامة بالمغرب تجمع على أن الفساد والاستبداد هو العدو الأكبر لأي إصلاح سياسي وديمقراطي، لكن الاختلاف بين الفرقاء يصطدم بعراقيل في تنزيل تصوراتهم حول محاربة هذا العدو، وأثناء النضال الميداني يغلب الهوى الحزبي والفئوي على الأهداف والتصورات. والسبيل إلى محاربة الفساد يكون عبر نقد ذاتي داخل الجسم الحزبي، وعند الجماعات الاسلامية، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الذاتية للأطراف، وهو ما قد لا يكون متاحا عند الجميع بنفس الدرجة.