من يتابع المشهد الإعلامي المصري هذه الأيام سيدرك أن قادة الانقلاب العسكري بمصر على الرئيس المنتخب محمد مرسي يسيرون في اتجاه تنفيذ مؤامرة ثانية بالتدخل بالقوة لفك الاعتصامات السلمية التي يخوضها مؤيدو محمد مرسي من إخوان الجماعة أو غيرهم، ثم الزج بهم جميعا في غياهب السجون، وهو أمر قد بدأ بالفعل، بتهم مختلفة، تماما كما فعل بهم الرئيس الذي أطاحت به ثورة 25 يناير حسني مبارك وقبله الرئيس جمال عبد الناصر. فقد تم توقيف القنوات "الإسلامية" وغيرها الداعمة لشرعية محمد مرسي كرئيس منتخب لمصر والمنددة بالانقلاب العسكري على الديمقراطية، بهدف قطع أي قناة للتواصل بين مؤيدي مرسي وقياديي حزبه وجماعة الإخوان المسلمين وبين الشعب، وضرب تعتيم إعلامي رسمي مقصود على الاعتصامات والمظاهرات التي يخوضها مؤيدو محمد مرسي في مختلف الميادين كميدان رابعة العدوية والاتحادية ورمسيس وأمام دار الحرس الجمهوري وغيرها، خصوصا مع الحديث عن تزايد عددهم في مختلف المحافظات المصرية، حتى أن بعض الوكالات الإخبارية قدرته بأزيد من 30 مليون، في وقت شككت فيه في الرقم الذي تناقلته منابر إعلامية مصرية حول عدد المشاركين في احتجاجات 30 يونيو ضد الرئيس محمد مرسي، والتي قالت المنابر ذاتها أنه بلغ 33 مليون! في المقابل فتحت كل القنوات الممكنة للمنابر الإعلامية الداعمة للانقلاب العسكري، ويُجزل لها العطاء ماديا، لتصور جماعة الإخوان المسلمين ومن معهم من الداعمين لشرعية محمد مرسي ك"إرهابيين" و"مجرمين" وغيرها من الأوصاف القدحية التي يطلقها الإعلامي المصري عمرو أديب، الذي طبل طويلا لمبارك في أيام قليلة قبل سقوطه من عرش الجمهورية المصرية، محاولا عبثا بعث "بريق" أزالته ثلاثة عقود من الفساد والاستبداد. وها هو اليوم يعود للقيام بالمهمة "النبيلة" ذاتها عبر الاصطفاف مجددا إلى جانب الاستبداد هو وغيره كثير من إعلامي "التولك" المنتشرين بكثرة في قنوات الانقلابيين! والهدف من هذا كله هو ضرب سمعة الإسلاميين الطيبة عند أغلبية الشعب المصري، والتي أبان عليها تصويت الشعب لصالح مرشح العدالة والحرية الإسلامي محمد مرسي على حساب أحمد شفيق، الذي يوصف بأنه أحد أعمدة نظام حسني مبارك المخلوع! وتخويف الشعب المصري من كل ما فيه "رائحة" الإسلاميين وذلك عبر إلصاق كل الصفات القدحية بهم، لجعل الشعب المصري يتقبل بصدر رحب لاحقا تدخلا قويا من الجيش والشرطة لفض الاعتصامات المؤيدة لمرسي، والرمي مجددا ب"الإخوان المسلمين" في السجون، ثم العودة بالمشهد السياسي المصري إلى سابق عهده من التحكم والفساد والحزب الوحيد. ولعل من تجليات ذلك الاستمرار في تشكيل ما يسميه الانقلابيون ب"الحكومة الانتقالية"، التي "حلفت اليمين"، رغم انسحاب حزب النور الذي سبق له وأن "بارك" الانقلاب العسكري ضد مرسي، مما يعني أنه لا رغبة للانقلابيين في وجود الإسلاميين في دواليب الحكم بمصر، لتعود كل الحكاية من جديد إلى البداية في دائرة مصرية بلا بداية ولا نهاية! فهل سينجح الانقلابيون في مخططهم؟! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.