عودة التوازن للدفاع، تماسك للخطوط وفورة هجومية تعد بالكثير ميلادات جديدة تعد بمستقبل كبير للأسود في آخر مباراة إعدادية قبل الدخول في المنافسات الإقصائية الرسمية أواخر الشهر المقبل، قدم الفريق الوطني المغربي في محكه الصريح أمام نظيره التشيكي على أرضية مركب محمد الخامس واحدة من أجمل مبارياته على عهد الناخب الوطني روجي لومير، وخرج الجميع مرتاحا للعرض الطيب والمردود الجيد للعناصر الوطنية سواء الجديدة منها أو العائدة أو الثابتة· النهج التكتيكي المغربي ضمت تشكيلة المنتخب المغربي لاعبين وازنين أصبحوا في الأسابيع الماضية يرغبون ويمتعون في البطولات الأوروبية والدوري القطري، وبات أمام الناخب الوطني قاعدة واسعة لاختيار الأنسب والذي يتطابق مع نهجه التكتيكي، فكان الخيار الأمثل أن وضع نهجا بنوايا هجومية لوجود عناصر له كل مقومات اللاعب العصري، وبالتالي استطاع أن يشغل فكره ليجد ما هو مناسب ومثالي لهذه المواجهة الصريحة، فاعتمد على كريم زازا في حراسة المرمى وعلى رباعي دفاعي خطي متكون من كريستيان بصير في الجهة اليمنى وبدر قادوري في الجهة اليسرى ومتوسط الدفاع أنيط لكل من العائد طلال القرقوري وأمين الرباطي، واعتمد في وسط الميدان على يوسف سفري العميد كلاعب ارتكاز، وعلى يمينه حسين خرجة وعلى يساره نبيل درار، في الرواق الأيمن استغل سرعة ودهاء مبارك بوصوفة وفي اليسار مهارة ورشاقة منير الحمداوي، وكقناص العائد للتوهج نبيل باها، هذا ما يعني أن طريقة 4/3/3 كانت السائدة على مدار المباراة بتحولات متعددة وتناوب على الأدوار في كثير من فترات المباراة حسب ظروف تواجد الفريق الخصم· النهج التكتيكي للتشيك المدرب التشيكي بيتر رادا أحدث تغييرا جدريا في منتخبه الذي كان يعتمد مدربه السابق على إعطاء الفرصة للاعبين الشباب لحمل قميص المنتخب، حيث اعتمد على عنصر الخبرة والتجربة لوجود أغلب اللاعبين بالبطولات الأوروبية الكبرى وداخل أندية ذات الصيت العالمي، فانساق بتفكيره مع لاعبين عمروا طويلا بالمنتخب، فصار معدل السن 31 سنة، وحافظ على نفس النهج التكتيكي الذي اعتمده المنتخب في مبارياته السابقة الرسمية أو الودية، فكون رباعيا خطيا تواجد فيه من جهة اليمنى غريغيرا لاعب جوفنتوس وجهة اليسار كادليتش لاعب (براغا) ومتوسط الدفاع مكون من صاحب الخبرة أوفالوسي لاعب (أتلتيكو مدريد) ولاعب (أس·روما) روزينهال، وأمامه لاعب سقاء هو الخبير كوفاك لاعب (ويست هام) وأربع لاعبين يكونون الوسط بوجود لاعب (كوبنهاك) بوتسيتش في الرواق الأيمن وبلازل لاعب (أوساسونا) في الرواق الأيسر ولاعبين وراء المهاجم المخضرم والهداف باروش لاعب (غلطة سراي) هما (لاعب إندرلخت) وزميل مبارك بوصوفة بالفريق بولاك، وماطيخوفسكي لاعب (ريديك)، فكانت 4/1/4/1 هي الوضعية التي عرفت تحولا في الجولة الثانية وأصبح الفريق بنظام 4/4/2 التقليدية· الشوط الأول عرف الشوط الأول من المباراة تكافؤا في اللعب وكان اللاعب أكثر من منطقة الوسط وحضرت الندية واستطاع كل منتخب أن يجر الآخر إلى استنفاذ قليل من الوقت لمعرفة نوايا كل منتخب، وبالتالي التعامل مع مجريات المباراة· فروجي لومير ومن خلاله تشكيلته وضع بعض النقط على مكامن ضعف المنتخب في مباراته السابقة، وبالتالي أعاد القرقوري إلى مكانه الطبيعي واتضحت أهمية طلال داخل الدفاع المغربي، حيث القراءة الجيدة والتوجيهات والتواصل مع كل زملائه، وشاهدنا تناسقا بين المدافعين، إلا في بعض الإستثناءات التي عاش فيها الدفاع المغربي تصدعا إما لتهاون بعض اللاعبين أو للإفراط في الثقة للبعض الآخر·· وكانت الهجمات التشيكية تأتي غالبيتها، رغم أقليتها من الجهة اليمنى لوجود صاحب التجربة، اللاعب غريغيرا الذي لعب بنزعة هجومية حرك معها الرواق الأيمن بمعية اللاعب يوتسيتش وماطجوفسكي، وبعد دقائق تدارك الفريق الوطني الموقف فعمد إلى وقف المد الهجومي بالدفع بالفريق إلى الأمام وبداية الضغط من الهجوم عن طريق منير الحمداوي ونبيل درار مع التغطية لأمين الرباطي، مما أراح كثيرا بدر قادوري، وشن الفريق المغربي بعض الهجمات عن طريق بناء العمليات من الخلف، وكانت الخطورة تأتي دائما عن طريق الطائرين مبارك بوصوفة في اليمين ومنير الحمداوي في اليسار، مع أن نبيل باها كان محاصرا من طرف دفاع إسمنتي وظهر في تحركاته ونداءاته وخروجه لطلب الكرات من لاعبي الوسط، كما أن بعض التمريرات البينية والإختراقات كانت تنقصها اللمسة الأخيرة لوجود عناصر التجربة في الدفاع التشيكي، وكانت الفرص متاحة لكلا المنتخبين للتسجيل، وظل لاعبو الوسط المغربي منتشرين بشكل جيد سواء عند ضياع الكرة بعودة خرجة لمساعدة سفري في الإرتداد أو يتقدم هذا الأخير للهجوم لمد اللاعبين ومساندتهم في حالة الإستحواذ على الكرة، مما أعطى نمطا متناسقا وخطوطا متقاربة· وأبدى نبيل درار تعاملا إحترافيا في نهج لومير، حيث الحضور الذهني والفكري، وتبادل الأدوار مع منير الحمداوي، فكان عنصرا نشيطا في الهجوم ومدعما لزملائه في العودة للدفاع· الشوط الثاني غير الناخب التشيكي من نهجه الأول وغير ثلاثة لاعبين لإعطاء المنتخب دفعة معنوية للتقدم للأمام والوصول للمرمى بإشراك لاعبين في الهجوم، هما بدنار وبنسيد ولاعب الوسط جاروليم بغية تفعيل العمق الهجومي، فأصبح النظام التكتيكي مختلفا عنه، في الجولة الأولى حيث اعتمد على 4/4/2 وعمد الناخب الوطني روجي لومير على تعويض كريستيان بصير الذي لم يكن بذات الفعالية خصوصا في الإنتقال من الحالة الدفاعية للحالة الهجومية، فكان مفيدا بمكانه ما أجبر على تغييره وإعطاء الفرصة للاعب العرايشي الذي تأقلم مع المباراة رغم بعض الهفوات في التغطية والمراقبة، إنما كأول مباراة رسمية له أشر على أنه خيار إيجابي، وكانت النية واضحة بأن أقدم المنتخب التشيكي على زعزعة الدفاع المغربي الذي اهتز لفترات قليلة مع بداية الجولة الثانية كاد من خلالها المرمى المغربي أن يستقبل هدفا، وبسرعة عاد التوهج للعناصر الوطنية ونظمت صفوفها وأصبح الإنتشار الجيد داخل رقعة الملعب وتمرير الكرات عن طريق اللمسة الواحدة أو عن طريق الإستلام والتسليم بسرعة هو من أعطى الأفضلية مع كثرة التحركات بدون كرة للاعبي الرواق والهجوم، ما أربك المنتخب التشيكي الذي تراجع كليا إلى الوراء لسد الثغرات وعدم ترك المساحات لتمرير الكرات، فأتيحت محاولات كثيرة، وتألق المارد بوصوفة في رواقه الأيمن وتعملق منير الحمداوي في الرواق الأيسر، وساند كل من درار وخرجه باستمرار الثلاثي الهجومي نتج عنه كثافة عددية في المنطقة المؤثرة أربكت الدفاع المتراص للتشيكيين، وأحدثت مساحات وفراغات كادت أن تعطي أهدافا، لكن الحظ أدار ظهره لعناصر المنتخب وحرم الحكم التونسي مكرم علقم المنتخب الوطني من هدف مشروع بعد جملة تقنية جماعية ختمها نبيل باها بهدف مرفوض· ومع هذا المد الهجومي أقدم روجي لومير على إعطاء الفرصة لعناصر بديلة ليأخذ فكرة شاملة على مدى جاهزيتها لحمل القميص الوطني، فكان ما توقعه الكل هو أن تغييراته أعطت دما جديدا وحيوية داخل رقعة الملعب، فأبدع اللاعب الأحمدي في دور الإرتكاز، بتموضعاته وبافتكاكه لكرات كثيرة من الخصم وكذا ببناء عمليات الفريق الوطني وهي في مهدها، وتفنن عادل تاعرابت بحرفية ومهنية في أداء واجبه، حيث ناور وحاور ومرر كرات متعددة لزملائه دون أنانية، وبتغييرات اللاعبين تغير تموضع كل من منير الحمداوي الذي أصبح مهاجما قناصا وتحول تاعرابت إلى وسط ميدان يساري ودرار إلى الرواق الأيسر، ومع دخول اللاعب حجي أصبح الأداء متميزا واشتعلت المباراة وحرم الحكم المنتخب من ضربة جزاء مشروعة· واستمر الضغط إلى الوقت بدل الضائع، فكان الأداء الجماعي طاغيا وكانت المهارة الفردية حاضرة وبإيجابية كبيرة، كما أن الطراوة البدنية كانت النقطة الوضاءة في سيران المباراة، بحيث تبين أن اللاعبين على أتم الجاهزية بدنيا فكريا، مما أعطى توافقا على امتداد المباراة· إنها فعلا مباراة أعطت صورة شاملة للناخب الوطني وأظهرت أن بعودة المصاب عبد السلام وادو وطارق السكتيوي وموافقة عادل رامي لحمل القميص الوطني سيجد الفريق الوطني نفسه متكامل الصفوف، مرتفع المعنويات، حاضرا لكل المواجهات، مناصرا من كل الفعاليات، طارقا باب قلوب كل المغاربة التواقين لمشاهدة منتخب يبدع ويمتع ويبهر·